X
X


موقع اقرا » إسلام » أذكار » ما غراس الجنة

ما غراس الجنة

ما غراس الجنة


ما غراس الجنة

(سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ)

صح في الأثر ومما يروى من عطر النبوة أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى الصحابي الجليل أبا هريرة؛ وهو يغرس غرساً فقال له: (يا أبا هريرةَ ما الذي تغرسُ؟، فرد عليه: غراسًا لي، قال: ألا أدلُّكَ على غراسٍ خيرٌ لك من هذا؟، قال: بلى يا رسولَ اللهِ، قال: قل سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ يُغرسُ لك بكلِّ واحدةٍ شجرةٌ في الجنةِ).[١]

في هذا الحديث حث من النبي -صلى الله عليه وسلم- على تحصيل الباقيات الصالحات؛ التي يكون بها الانشغال مغنماً، والمداومة عليها بتعاد عن الضيق والوحشة، وكثرة الهذيان، أو اشتغال اللسان بما لا طائل من ورائه؛ فهذا الغرس الثمين وقته محدود في هذه الدنيا، وسعره زهيد، والمفلس من لم يدركه قبل فوات الأوان.[٢]

وكل ذلك يكون بترديد: “سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر”.[٢] ونحن حينما يغرس المرء منّا غرساً فإنّه يرتجي وهو يفعل ذلك ثمراً وظلاً وزهراً، ربما تكون رائحته زكية أو ثمرته طيبة، وترى الإنسان يعتني بغرسه ويحرص عليه ويتعاهده بالرعاية.

وكذلك المسلم في عمله؛ فهو حريص على نيل رضا الله -سبحانه- في شأنه كلّه؛ في أقواله، وأفعاله، وحركاته، وسكناته؛ حاله كحال من يغرس الأشتال ويثبتها في الأرض؛ لتنبت وتكبر في صورة جميلة بهية؛ فإذا ما سأل الناس عنها أشير إليه بالبنان، وقيل هذا غرس فلان فيطير فرحاً وسروراً، فنتيجة عمله أثمرت ولم يضيع جهده هباءً، ولم يخسر العناء.

(لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ)

وفي صحيح ابن حبان، صح عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أنه قال: (إنّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ليلةَ أُسرِي به مَرَّ على إبراهيمَ خليلِ الرَّحمنِ، فقال إبراهيمُ لجِبريلَ: مَن معك يا جِبريلُ؟، قال جِبريلُ: هذا مُحمَّدٌ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فقال إبراهيمُ: يا مُحمَّدُ مُرْ أُمَّتَكَ أنْ يُكثِروا غِراسَ الجنَّةِ؛ فإنَّ تُربتَها طيِّبةٌ، وأرضَها واسعةٌ؛ فقال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لإبراهيمَ: وما غِراسُ الجنَّةِ؟ قال: لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ).[٣]

ورسول الله -عليه السلام- لا ينطق عن الهوى، ولا يقول إلّا حقاً ولا ينطق إلا صدقاً؛ فقد كان -عليه الصلاة والسلام- معلِماً لأمته؛ فلا يراهم على حالة من الخير إلاّ أحبّ لهم الزيادة، فأحب للذين رفعوا أصواتهم بكلمة الإخلاص والتكبير أن يضيفوا إليها التبري من الحول والقوة؛ فيجمعوا بين التوحيد والإيمان بالقدر.[٤]

يعلق ابن حجر على هذه الأحاديث الشريفة فيقول: “وَيَخْطُرُ بِالْبَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ أَقَلَّ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْ لَهُ جَنَّتَانِ، كَمَا قَالَ: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ)،[٥] فَيُقَالُ: جَنَّةٌ فِيهَا أَشْجَارٌ وَأَنْهَارٌ، وَحُورٌ وَقُصُورٌ خُلِقَتْ بِطَرِيقِ الْفَضْلِ، وَجَنَّةٌ يُوجَدُ فِيهَا مَا ذُكِرَ بِسَبَبِ حُدُوثِ الْأَعْمَالِ وَالْأَذْكَارِ مِنْ بَابِ الْعَدْلِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِ الصُّوفِيَّةِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: جَنَّةٌ فِي الدُّنْيَا، وَجَنَّةٌ فِي الْعُقْبَى”.[٦]

المراجع

  1. رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3084، صحيح.
  2. ^ أ ب [سعود الشريم]، دروس للشيخ سعود الشريم، صفحة 4. بتصرّف.
  3. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم:821، صحيح.
  4. [عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر]، الحوقلة مفهومها وفضائلها ودلالتها العقدية، صفحة 70. بتصرّف.
  5. سورة الرحمن، آية:46
  6. [الملا على القاري]، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، صفحة 1605.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب