X
X



ما هي الجزية

ما هي الجزية


أهل الذمة

يُعدُّ مصطلح أهل الذمة مصطلحًا من المصطلحات الإسلامية الفقهية، يُشار به إلى اليهود والنصارى، ويختصُّ النصارى واليهود بهذا المصطلح لأنَّهم من أهل الكتاب، أي من أصحاب الديانات السماوية الأخرى، ويُقصد بأهل الذمة: النصارى واليهود الذين عاشوا في ظلِّ الدولة الإسلامية وضمن أراضيها، أو هم النصارى واليهود الذين يعيشون في بلاد غالبية أهلها من المسلمين، أمَّا معنى أهل الذمة فيعني أنَّ هؤلاء الناس يقعون تحت حماية الدولة الإسلامية، وقد فرض الشرع على أهل الذمة دفع الجزية للمسلمين مقابل الحماية والأمن التي تقدمه الدولة الإسلامية لهم، وهذا المقال سيجيب عن السؤال القائل: ما هي الجزية في الإسلام؟[١]

ما هي الجزية

إجابة على سؤال ما هي الجزية في الإسلام؟ يمكن القول في الإجابة عن السؤال ما هي الجزية إنّ الجزية لفظ مشتق من الفعل جزى، يجزي، قال تعالى في سورة البقرة: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا}،[٢]والجزية بالمفهوم العام هي ما يدفعه أهل الذمة المقيمون في بلاد المسلمين مقابل سكنهم في ديار المسلمين ومقابل عصمة دمائهم وأموالهم وعيالهم، قال تعالى في سورة التوبة: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}،[٣]وقد سُمِّيت الجزية بهذا الاسم لأنَّها تجزي عن القتل وسفك الدم، وفيما يأتي بعض إجابات العلماء على السؤال القائل: ما هي الجزية في الإسلام:[٤]

  • الجوهري: “الجزية ما يؤخذ من أهل الذّمّة، والجمع الجِزى مثل لحية ولِحى”.
  • ابن رشد: “ما يؤخذ من أهل الكفر جزاء على تأمينهم وحقن دمائهم مع إقرارهم على الكفر، وهي مشتقة من الجزاء وهو المقابلة؛ لأنَّهم قابلوا الأمان بما أعطوه من المال فقابلناهم بالأمان وقابلونا بالمال”.
  • ابن قدامة: “وهي الوظيفة المأخوذة من الكافر لإقامته بدار الإسلام في كل عام، وهي فعلة من جزى يجزي إذا قضى”.
  • ابن منظور: “وهي عبارة عن المال الّذي يعقد الكتابيّ عليه الذّمّة، وهي فعلة من الجزاء كأنها جزت عن قتله”.
  • الخوارزمي: “ومن أبواب المال: أخماس المعادن وأخماس الغنائم، وجزاء رؤوس أهل الذّمّة جمع جزية، وهو معرّب: كزيت، وهو الخراج بالفارسيّة”.

على من تجب الجزية

بعد الإجابة على سؤال ما هي الجزية في الإسلام؟ فإنَّه لا بدَّ من القول استكمالًا في الإجابة عن سؤال: ما هي الجزية، إنَّ الجزية هي عقد يتفق عليه طرفان، ويتمّ تطبيقه وفق أوامر الله تعالى التي تنصُّ على الوفاء بالعهد وعدم الغدر والخيانة، أمَّا فيما يتعلَّق بوجوب الجزية، فقد أمر الله -تبارك وتعالى- بأخذ الجزية من الذين يقاتلون المسلمين وليس من المستضعفين، وهذا ما نصَّت عليه الآية القرآنية، قال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}،[٣]يقول القرطبي في شرح الآية الكريمة: “قال علماؤُنا: الذي دلَّ عليه القرآنُ أنَّ الجزية تُؤخذ من المقاتلين، وهذا إجماع من العلماء على أن الجزية إنَّما توضع على جماجم الرِّجال الأحرار البالغين، وهم الذين يقاتلون دون النساء والذرية والعبيد والمجانين المغلوبين على عقولهم والشيخ الفاني”.[٥]-

ومن الجدير بالذكر أنّ الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أمر بفرض الجزية على من جرى عليه الحُلم ولم يفرضها على النساء والغلمان، حيث كتب إلى من ولَّاهم على جيوش المسلمين: “لا تضربُوا الجزية على النِّساء والصِّبيان، ولا تضربوها إلا على من جرت عليه المواسي”، ولم تكن الجزية كبيرة بل كانت صغيرة يستطيع دفعها كلُّ الناس، وقد كانت في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- لا تتجاوز الدينار الواحد في كلِّ عام، جاء عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أنَّه قال: “بعثَني النَّبيُّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- إلى اليمَنِ، فأمرَني أن آخُذَ مِن كلِّ ثلاثينَ بقَرةً تبيعًا، أو تبيعةً، ومِن كلِّ أربعينَ مُسنَّةً، ومن كلِّ حالِمٍ دينارًا، أو عدلَهُ مَعافرَ”،[٦]والله تعالى أعلم.[٥]

أنواع الجزية

استكمالًا لما جاء سابقًا من إجابة عن السؤال القائل: ما هي الجزية في الإسلام، إنَّ من الجدير بالذكر هو أنَّ أهل العلم قسَّموا الجزية من حيث رضا الطرف المأخوذ منه إلى جزية صلحية وجزية عنوية، وهذا التقسيم جاء عند أصحاب المذهب الحنفيِّ والمالكي ولم يرد عند الشافعية والحنابلة، لأنَّ أصحاب المذهب الحنبلي والشافعي يرون أنَّه لا تجب الجزية على المغلوبين دون رضاهم، أمَّا فيما جاء عن الحنفيَّة والمالكية من تعريف الجزية الصلحية والجزية العنوية فهو الآتي:[٧]

  • الجزية الصلحية: هي الجزية التي يؤديها أهل الذمة للمسلمين بصلح وتراضٍ دون أي خلافات أو نزاعات، وقد قال العدوي في تعريف الجزية الصلحية: “ما التزمَ كافرٌ قبل الاستعلاء عليه أداءه مقابل إبقائه في بلاد الإسلام، ويمثّل لهذا النّوع بما وقع من صلح النّبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- لأهل نجران على ألفي حلّة، وكذا ما وقع من صلح عمر -رضي الله عنه- لأهل بيت المقدس‏.”
  • الجزية العنوية: وهي الجزية التي تُفرض على أهل البلاد التي يقوم المسلمون بفتحها، وهذه الجزية تكون عنوة وليست بالرضا والصلح، ويفرض هذه الجزية إمامُ المسلمين على الناس مقابل الأمن والاستقرار، وقد عرَّف هذه الجزية ابن عرفه في قوله: “ما لزم الكافر من مال لأمنه باستقراره تحت حكم الإسلام وصونِهِ، ويمثّل لهذا النّوع بما فرضَه عمر بن الخطّاب على أهل الذّمّة في سواد العراق”، والله أعلم.

الرد على شبهة الجزية

في ختام ما جاء من إجابة عن السؤال القائل: ما هي الجزية في الإسلام؟ إنَّ كثيرًا من أعداء الدين يفترون على الإسلام ويعدُّون فرض الجزية على أهل الذمة ظلمًا من المسلمين، ويعدُّون دفع الجزية ذلًّا لأهل الذمة وهو عمل شنيع من أعمال المسلمين، وهذا افتراء على الإسلام وعلى شريعة المسلمين، فقد قال تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إنّ الله يحب المقسطين}[٨] فالله تعالى أمر المسلمين بالإحسان إليهم وحسن معاملتهم أيضًا وحرَّم الظلم والبغي على هؤلاء الذميين.[٥]

فكما أنَّ على هذا الذمِّي واجب وهو دفع الجزية للمسلمين، فعلى المسلمين واجب أيضًا وهو توفير الأمن والأمان لهذا الذمِّي؛ فلا يخشى على ماله ولا على أولاده ولا على أهله من أي خطر أو عدوان أو ظلم أو جور إضافة إلى ممارسة سائر معتقداته الدينية بحرية تامَّة، والله تعالى أعلم.[٩]

المراجع[+]

  1. “أهل الذمة”، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 27-10-2019. بتصرّف.
  2. سورة البقرة، آية: 48.
  3. ^ أ ب سورة التوبة، آية: 29.
  4. “حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-10-2019. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت “الجزية في الإسلام”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-10-2019. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 623، صحيح.
  7. “الموسوعة الفقهية الكويتية”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-10-2019. بتصرّف.
  8. سورة الممتحنة، آية: 8.
  9. “حكم الاعتداء على غير المسلمين”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-10-2019. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب