ما هي الأخلاق الحميدة

مفهوم الأخلاق الحميدة

لقد حضَّ الإسلام على مفهوم الأخلاق الحميدة وهي الأخلاق الحسنة والفاضلة، التي تدلُّ على القرب من الله تعالى وعلى اكتمال إيمان المسلم، والأخلاق الفاضلة والحميدة هي الطَّريقة الصَّحيحة التي يراقب بها الإنسان تصرُّفاته مع الآخرين فلا يسبب لهم الآذى، ومع الله تعالى فلا يتلَّفظ إلَّا بما يرضي الله تعالى، كما وأنَّ هذه الأخلاق تساعد المسلم على مراقبة تصرُّفاته مع نفسه فلا يرى الكمال في أعماله وإيمانه أبدًا، بل يسعى إلى إكمال نقاط النَّقص لديه ليجمع في نفسه أفضل الأخلاق وأحسنها.[١]

وقد قال عليه الصَّلاة والسَّلام في تمجيد من يتَّصف بالخلق الحسن: “إنَّ مِن أحَبِّكُم إليَّ، وأقْرَبِكُم مِنّي مَجلِسًا يومَ القيامَةِ، أحاسِنُكُم أخلاقًا، وإنَّ أبَغْضَكُم إليَّ، وأبْعَدَكُم مِنّي يومَ القيامَةِ، الثَّرْثارونَ، والمُتشدِّقونَ والمُتفَيْهِقونَ”.[٢][١]

كيف يتم اكتساب الأخلاق الحميدة؟

يجب على المسلم السَّعي بشكل دائم للحصول على الأخلاق الحسنة واكتساب الأخلاق الحميدة التي توصله إلى الجنَّة والتَّمثل بها، ومن طرق اكتساب الأخلاق الحميدة ما يأتي:[٣]

• على الإنسان أن يحاول التَّدرب على الخلق الحسن وتعويد النَّفس عليه حتَّى إن لم تكن من طباعه.
• على المسلم أن يضع نصب عينه الجزاء العظيم من الله -سبحانه وتعالى- لقاء هذه الأخلاق، كما أنَّه عندما يتذكَّر حدود الحرام والحلال التي وضعها الله من أجله، سيساعده هذا على تمثُّل الأخلاق الحسنة من أجل الوقوف عند حدود الله وعدم تخطِّيها.
• على الأهل تهيئة البيئة الإسلاميَّة والصَّالحة التي تتَّبع الأخلاق الحسنة والفاضلة، وذلك بهدف اكتساب ابنهم لهذه الأخلاق والسَّير عليها.
• على المسلم اتخاذ القدوة الصالحة والحسنة التي تتمثَّل فيها هذه الأخلاق والعمل على تقليدها وبذلك سيكون بابًا من أبواب اكتساب الأخلاق الحميدة.
• إنَّ التَّشجيعات على اتِّباع الأخلاق الحسنة سواءً كان من قبل الأهل والأسرة، أو حتَّى من قبل القوانين الصَّارمة التي تضعها الدَّولة من أجل الابتعاد عن الأخلاق السَّيئة المؤذية، واتِّباع الخلق الحسن الذي يعمل على بناء المجتمع.

هل جميع الأخلاق الحميدة قابلة للاكتساب؟

في النَّظر بهذه المسألة سيقول البعض أنَّ الأخلاق ثابتة في طبيعة الإنسان وفطرته وهي غير قابلة للتَّعديل، ولكن جاء الإسلام ليناقض هذه الفكرة، ويؤكِّد على أنَّ الأخلاق الحميدة هي أخلاقٌ مكتسبةٌ ويمكن لأي إنسان التَّطبع بهذه الأخلاق، وقد قال النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام: “كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفطرةِ فأبواه يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه”.[٤]

فهذا الحديث يبرهن أنَّ جميع الأخلاق وحتَّى الدِّيانات فهي تابعةٌ للتَّنشئة وطريقة التَّربية التي خضع لها الإنسان فهي بهذا مكتسبة، ولقد ورد العديد من الأحاديث الصَّحيحة التي تثبت أنَّ دعوة النَّبي عليه السَّلام برمتها كانت تعتمد على زرع الأخلاق الحسنة في النُّفوس وإصلاح ما شذَّ منها، فقد روي عن النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام أنَّه قال: “إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ”.[٥][٦]

أمثلة على الأخلاق الحميدة

لقد حضَّ الإسلام على اتَِّباع الأخلاق الحسنة والإسلام لم يقف فقط عند حضِّ النُّفوس على اتِّباع هذه الأخلاق، بل فصَّل تلك الأخلاق وشرحها وعدَّدها ليكون سهلًا على المسلم تميزها لاتِّباعها، ومن أمثلة الأخلاق الحميدة التي حضَّ عليها الإسلام ما يأتي:[٧]

• أمر النَّاس بالمعروف واتِّباعهم إياه، وينهاهم عن المنكرات.
• العدل والسعي إلى تطبيقه ونصرة الحق ولو على حساب هوى النفس.
• التَّعاون على الخير ومساعدة الناس.
• اتِّباع الصِّدق في القول والابتعاد عن الكذب.
• الصَّبر في مناحي الحياة كلها.

ويجب على الأسرة المسلمة أن تعمل على غرس هذه الأخلاق الحسنة في الطِّفل منذ نعومة أظافره، وللاستزادة في هذا الموضوع يمكن متابعة مقال: ما هي القيم الأخلاقية التي ينبغي تعليمها لأطفالك

أثر التحلّي بالأخلاق الحميدة على الفرد

كيف يكون انعكاس حسن الخلق على شخصية الفرد؟

الأخلاق الحسنة لها أثر إيجابي على الفرد وعلى نفسه وطريق حياته فهي طريق لما يأتي:[٨]

• الأخلاق توجّه الإنسان نحو الخير في الدرب الذي يختاره، وتساعده على إلزام نفسه وتقوية ضميره تجاه نفسه وغيره.
• الأخلاق تساعد الإنسان على فهم قيمة نفسه، وتغذي حس المسؤولية في داخله لتحمل تبعات قراراته وبالتالي اتخاذ القرارات عن تبصّر وتروّي.
• ارتباط الاخلاق والالتزام بها بالفلاح والثواب، يساعده على الصبر على متاعب الحياة لما فيها من ثواب يوم القيامة.
• الأخلاق تساعد على صنع منظور شامل لإنسان من عدة زوايا، وبالتالي يصبح لديه معيار أدق لقياس قيمة الأمور، وحين يكون للمرء معايير أكثر بناءً على الأخلاق المتعددة، ستتكون لديه رؤية أكثر وضحًا أكثر يقينًا لقيمته وقيمة ما حوله.
• الأخلاق تنقسم لجزئين: الغاية والمقصد، أما الغاية فهي نتيجة هذه الاخلاق على الفرد والمجتمع، وأما المقصد فهو قصد الإنسان من هذه الأفعال، وحين يقصد الإنسان بها وجه الله، فلن يلتفت إلى النتيجة سواء نال التقدير من الناس ام لا، وبالتالي سيكون ثابتًا على أخلاقه بشكل أكبر، وسيكون محسنًا في حياته لأنه يبتغي وجهه سبحانه لا رضا الخلق.

ومن أجل معرفة مكانة الأخلاق الحميدة في الإسلام وأثرها بشكل واضح على الفرد، يمكن الاستزادة في هذا الموضوع بقراءة مقال: أهمية الأخلاق ومكانتها في الإسلام

أثر التحلّي بالأخلاق الحميدة على المجتمع

إن أي مجتمع من المجتمعات لا بد له من اتباع الأخلاق الحميدة لكي يكون مجتمعا متكافلًا وناجحًا، ومن أثر الأخلاق الحميدة على المجتمع ما يأتي:[٩]

• المجتمع الذي تسوده الأخلاق الحسنة سيعيش أبناؤه في جو من السعادة والتفاهم فيما بينهم.
• المجتمع الذي تحكمه أخلاق الصدق الثقة في الأخبار التي يتم تناقلها بالإضافة لليقين بنتيجة العلوم الصحية والطبية التي يقوم عليها المجتمع.
• المجتمع سيعيش في أمان، وذاك لأن أبناءه سيتمثلون خلق الشجاعة وحبه من أجل الدفاع عنه، والتعاون من أجل صد أي عدوان عنه.
• المجتمع الذي يحكمه خلق الأمانة سيعيش في اطمئنان وراحة بال وحفظ الحقوق.

ومن أجل التّعرف على أثر الأخلاق الحسنة والحميدة في بناء المجتمع أو انهياره في حال فقدانها، يمكن الاستزادة من خلال قراءة المقال الآتي: ما أثر الأخلاق على المجتمع؟

المراجع[+]

1. ^ أ ب محمد سليمان المنصورفوري، رحمة للعالمين، صفحة 904. بتصرّف.
2. ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج رياض الصالحين، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1738، إسناده صحيح.
3. ↑ عبد الله الرحيلي، الأخلاق الفاضلة قواعد ومنطلقات لاكتسابها، صفحة 26. بتصرّف.
4. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:129، صحيح.
5. ↑ رواه الزرقاني، في مختصر المقاصد، عن لا يوجد، الصفحة أو الرقم:184، صحيح.
6. ↑ محمد منير مرسي، التربية الإسلامية أصولها تطورهاغ في البلاد العربية، صفحة 147. بتصرّف.
7. ↑ جامعة المدينة العالمية، أصول الدعوة، صفحة 101. بتصرّف.
8. ↑ [مقداد يالجن]، كتاب علم الأخلاق الإسلامية، صفحة 381-385. بتصرّف.
9. ↑ مجموعة من المؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية الدرر السنية، صفحة 14-17. بتصرّف.