X
X



ما هو الحلم

ما هو الحلم


تعريف الحلم في علم النفس

كيف فسّر علماء النفس الحلم؟لقد ظنّ الناس قديمًا بأنّ الأحلام هي رسائل من الآلهة إلى البشر تحمل تحذيرًا لهم أو إنذارًا أو إخبارًا بأمر ما، ولكن مع تطور العلم فإن الأحلام عرّفت على أنّها مجموعة عواطف وانفعالات عايشها الإنسان وبقيت في ذاته الدّاخلية، وظهرت لِتعبِّر عن خفايا النفس وجوانبها الدينية والدنيوية؛ لتكون بذلك انعكاسًا للحياة وتعبيرًا عن أحداثها المُعاشة بأشيائها وأناسها. [١]

وكما أنّ الأحلام هي انعكاس للحياة فهي أيضًا وسيلة مُثلى تظهر فيها مخاوف النّفس ورغباتها، ففي الحلم تتحقق رغبات النّفس التي قد يعجز الإنسان عن تحقيقها في الواقع. كما أنّ الأحلام تحرس النوم فبدلًا من الاستيقاظ لشرب الماء في حالة كان النائم شديد العطش، يقوم الحلم بنسج مكان أو أشياء تجعل الحالم يشرب من خلالها الماء ويرتوي بالحلم وهذه حيلة للحفاظ على النّوم.[٢]

كيف يحدث الحلم؟

ماهي الطريقة التي يتبعها دماغنا في إحداث الحلم؟ ينشأ الحلم من مجموعة تفاصيلٍ مقتبسة من أفكارنا الكامنة الداخلية، وتتكوّن هذه التفاصيل من صور أو أشخاص أو أحداث بينها عنصر مشترك، أو مجموعة عناصر مشتركة تترابط مع بعضها لتشكيل الحلم.[٣]، ويحدث عند الحلم مجموعة من التغيرات الحيوية منها:

  • حركة العين: يمكن مراقبة حدوث الأحلام من خلال نوم حركة العين السريعة وغير السريعة، فنوم حركة العين السريعة تكون في الأحلام الأكثر طولًا وأكثر وضوحًا وفي الأحلام المركّبة والغريبة.[٤]
  • ضعف في عضلات الجسم: يتضمن النوى الظهري الجانبي في الدماغ خلايا عصبية تنشط أثناء نوم حركة العين السريعة والتي تخاطب بدورها الحبل الشوكي بشكل مباشر مما يؤدي إلى ضعف في عضلات الجسم.[٥]
  • تنشيط الدماغ: ينشط لدى كلّ شخص على نحوً مختلف عن الآخر شبكة من النشاط الدماغي بسبب تفاعل الخبرات الشخصية والأحداث اليومية مع عواطف الماضي.[٦]

أنواع الأحلام في علم النفس

تتنوع أحلامنا وتختلف تفسيراتها، فما هي هذه الأنواع؟هناك مجموعة من الأحلام النمطية التي يشترك بها الناس، وقد تتكرر نتيجة لانبعاثاتها النفسية ومصادرها المشتركة، أو لذكريات قديمة تجد انعكاساتها أثناء الحلم:[٧]

  • أحلام الخجل والارتباك: يرى الحالم نفسه وقد لجأ إلى الفرار والاختباء نتيجة تعرضه لموقف محرج مثل نقص في الثياب، ويحس بالعجز عن الخروج من هذا الموقف المؤلم، وعادة ما يكون الأشخاص الذين يقف أمامهم غرباء وغير معروفين لديه وهو ما يزيد من حدة الموقف .
  • أحلام موت الأحياء: يرى الحالم فيها أنه قد فقد أحد والديه أبنائه أو إخوانه أو أخواته، وقد يشعر الحالم بجمود الحس فيكون ذلك مستغربًا عند اليقظة، وقد يسبب هذا الحلم لدى شخص آخر الفزع والحزن العميق، وقد تسيل عَبرة على خده وهو نائم.
  • أحلام الامتحان: ومنها الحلم بامتحان الثانوية العامة أو الإجازة العلمية، فبعضنا يحلم بأنه رسب في الامتحان ويظهر ردَّات فعل نفسية متوترة لذلك، وبعضنا يرى أنه قد اجتاز الامتحان بعد أن كابد المشاق وكل هذا يعود لأصل مشترك متجذر في نفوسنا منبعه الخوف من العقاب منذ أيام الطفولة.

رموز الأحلام في علم النفس

ما معنى الرموز التي يراها الحالم في حلمه وإلى ماذا ترمي؟[٨]

  • يُرمز للذكورة في الأحلام برموز: الثعبان والشجرة والعصا والسكين والمظلة.
  • ويُرمز للأنوثة في الأحلام برموز: الكهف والزجاجة والدائرة وعلبة المجوهرات والصحيفة.
  • يُرمز للجنس في الأحلام برموز: الرقص والطيران والسّباحة والجري.
  • يُرمز للأب في الأحلام: برمز الملك.
  •  ويُرمز للأم: برمز الملكة وهي رموز طفولية.
  • يُرمز للموت برمز: السفر.
  • تَرمز السُّرة في الأحلام إلى: الولادة.[٩]
  • يَرمز النمر في الأحلام إلى: إلى أهواء الحالم وغريزته البدائية وتداعيات هذا الرمز هي القدرة، والخطر، والقوة، وشيء يدعو للقلق.[١٠]

تفسير الأحلام في علم النفس

كيف فسّر علم النفس الأحلام التي يراها الإنسان من وجهة نظر علمية؟يعبّر الحلم عن رغبات دفينة بالنفس لم تتحقق ومخاوف من أمورٍ يَخشى المرء حدوثها، عن طريق رموز وصور من الماضي تحمل الكثير من الدلالات، فأحلام الأطفال على سبيل المثال جميعها متشابهة في نقطةٍ معينة، فهي جميعها تحقق الرّغبات التي تكوّنت لديهم في النّهار ولم تُشبع، إنّها إذن عبارة عن رغبات تتحقق، فأحلام الأطفال دائمًا ذات صلة بالحياة اليومية.[١١]

مثال على أحلام الأطفال التي يحققون بها رغباتهم حلم طفلة انتقلت من الرّيف إلى المدينة بسبب إصابتها بالشلل فحلمت أنّها تنام على سرير كبير وبدأ السّرير يضيق بها ولا يتسع لجسدها. وهذا الحلم سهل التفسير بإظهار أنّه يعبر عن رغبة تحاول الطفلة تحقيقها في نومها فالكلّ يعلم رغبة الأطفال دائمًا بأن يصبحوا كبارًا، وقد شعرت الطفلة التي نامت بالسرير الكبير بأنّها شديدة الصغر والضآلة فأسرع الحلم بتحقيق رغبتها وتكبيرها حتى ضاق بها السرير.[١١]

أمّا فيما يتعلق بأحلام الكبار في موضوع تحقيق الرغبات فهي لا تختلف كثيرًا عن أحلام الأطفال إلا أنّها مقتضبة، فقد يشعر النائم بالعطش فيحلم أنّه يشرع بشرب الماء والارتواء لكي يبقى نائمًا، أو أنّه قد قام وذهب إلى مكتبه في العمل فهو بذلك يجد طريقة لكي يواصل نومه. [١٢]

وفي حالة الفرح كالسّفر وحضور الحفلة قد يحلم النائم بأنّه قد ذهب إلى المكان الذي يعزِم على السّفر إليه، أو حضَر الحفلة التي يخطط لها فالحلم هنا يستبق الحدث عندما يبدأ الإنسان بنفاذ صبره، فيطرح الحلم له ما يرغب به فهو بمنزلة المسرّة الموعودة، فتفسير الحلم في علم النفس هو محاولة تحليله وتأويله للوصول إلى رغبات النفس الدفينة غير المحققة ومخاوفها والتعامل معها. [١٢]

تكرار الحلم في علم النفس

ما الذي يعبّر عنه تكرار حلم معين؟

  • يعبر تكرار حلم معيّن عن تخوّف معين: كما قد يحدث لطلاب المدرسة في فترة الامتحان من عدم حضورهم للامتحان وتغيّبهم عنه، وهذا ينتج عن تخوفهم من حصول هذا.
  • يُعبر تكرار حلم الموت عن: الوحدة، والتمسك بالحياة، والرغبة بعودة الحيوية للحياة وهذا إذا رأى الإنسان نفسه يموت، أمّا إذا رأى شخصًا يعرفه ميت فهو حلم ناتج إمّا عن تخوّف، أو رغبة دفينة بأن يرحل هذا الشخص ويختفي[١٣].

أهمية الحلم في علم النفس

ما الفائدة التي ممكن أن يحققها الحلم للإنسان؟بالنظر للأحلام على أنّها تعكس حالتنا العاطفية وما في أنفسنا من قدرات كامنة واحتياجات ورغبات غير محققة فإنّ الحلم يساعدنا على فهم ذواتنا وما في عقلنا الباطن من أفكار.[١٠]

كما أنّه من الممكن أن تساعدنا الأحلام على إيجاد حلول لمشكلات عالقة في حياتنا الواقعية، فقد قام الدكتور تشارلز إم. تشايلد في عام 1892م، بعمل أوّل دراسة عن الأحلام وقدرتها على حل المشاكل بأن استقدم 186 طالبًا من جامعة ويسليان، وسألهم عن استفادتهم من أحلامهم في إيجاد حلول لمشاكلهم، وكانت النتيجة بأنّ ثلث الطلاب أكّدوا على ذلك، فمنهم من قام بإيجاد طرق للعب الشطرنج في المباريات، ومنهم من توصّل لحل مسألة رياضية، أو اكتشاف خطأ ما في العمليات الحسابية، كما ساعدت الأحلام بعضهم في القيام بترجمة بعض الأعمال الأدبية.[١٤]

في الخطوات الآتية استراتيجية تتّبع في علم النّفس لتسخير الحلم في حل مشكلاتنا الواقعية:

  • كتابة المشكلة قبل النوم باختصار وتركها بجانب فراشك.
  • مراجعة المشكلة وقراءتها عدة مرات قبل الخلود إلى النوم.
  • تأمّل المشكلة وقُم بتجسيدها بعد أن تنام في الفراش، وفكّر فيها وبحلولها.
  • بداية وقت النعاس والغفوة كرر على نفسك أنّك تود رؤية حلّ المشكلة في الحلم.
  • فور استيقاظك ابقَ في سريرك قليلًا وحاول التذكر، هل حلمت بشيء ما، وهل تتذكر الحلم مسترجعًا بذلك تفاصل الحلم بذاكرتك، ثم دوّن كلّ ما تتذكره.[١٤]

هل هناك تفسير علمي للأحلام؟

كيف فسّر العلماء عملية الأحلام؟لقد شكّلت مسألة الأحلام حيرة لدى العلماء لعقود من الزّمن من حيث فكرتها وماهيتها ومادتها، إلى أنّهم فسّروها على أنّها الأفكار، ولكن في حالةٍ كيميائية عضوية مختلفة. [١٤]

فما يقوم به الحلم من تغييرات فيسيولوجية أثناء النوم ينعكس على الدماغ بتغيير الطريقة التي يعمل بها، كما أنّ غرابة الأحلام وعدم منطقها أحيانًا مردّه إلى أنّ الكيمياء الدماغية للشخص الحالم تؤثر على إدراكه للأفكار.[١٤]

لقد توصّل العلماء خلال العقدين الماضيين وبالاستعانة بالتصوير المقطعيّ لمناطق دماغية لأشخاص يحلمون أنّ أجزاء القشرة الدماغية المسؤولة عن التصوير البصري والإدراك الحركي وبعض المناطق الدماغية المرتبطة بالعواطف تكون أكثر نشاطًا في حالة الحلم من حالة اليقظة.[١٤]

أمّا المناطق المسؤولة عن الأفعال الإرادية والتقييم الاجتماعي والمنطقيّ فيكون النشاط فيها أقل من حالة اليقظة، وهذا ما يتوافق مع خصائص الأحلام التي تتضمن صورًا وحركة وانفعالًا وغياب الرقابة في الحلم وعدم خضوعه للمعايير الاجتماعية والقانونية أحيانًا.[١٤]

لقد استفاد علم النفس من الأحلام في تحليل لاوعي الإنسان وتفهم مخاوفه ورغباته ومكبوتات صدره التي يعلم بها والتي يجهلها على حدّ سواء، فقام علم النفس بتقديم التفسيرات للرموز التي تظهر بالأحلام وربطها بنفسية الحالم لمعرفها أسبابها ومعانيها وعمّا ممكن أن تخبرنا به، ولم يهتم فقط بالرموز وطبيعة الحلم بل تتبع تكرار هذه الأحلام والظروف التي رأى بها الحالم حلمه ليصل مع الإنسان إلى أقرب تفسير علمي ممكن لهذه المشاهدات المنامية ومعرفة تفسيراتها.

المراجع[+]

  1. سليمان الدليمي، عالم الاحلام تفسير الرموز والاشارات، صفحة 4. بتصرّف.
  2. مصطفى محمود، الاحلام، صفحة 23. بتصرّف.
  3. سيجموند فرويد، الحلم وتأويله، صفحة 29. بتصرّف.
  4. راسل جي فوستر، النوم، صفحة 22. بتصرّف.
  5. ستيفن دبليو وراسل فوستر، النوم، صفحة 22. بتصرّف.
  6. ستيفن وراسل فوستر، النوم، صفحة 49. بتصرّف.
  7. فرويد، تفسير الاحلام، صفحة 258-290. بتصرّف.
  8. مصطفى محمود، الاحلام، صفحة 23. بتصرّف.
  9. آنيا تيار، حديث الاحلام رمزية الحلم، صفحة 21. بتصرّف.
  10. ^ أ ب آنيا تيار، حديث الاحلام رمزية الحلم، صفحة 34. بتصرّف.
  11. ^ أ ب فرويد، الحلم وتأويله، صفحة 20. بتصرّف.
  12. ^ أ ب فرويد، الحلم وتأويله، صفحة 22. بتصرّف.
  13. آنيا تيار، حديث الاحلام رمزية الحلم، صفحة 181-182. بتصرّف.
  14. ^ أ ب ت ث ج ح Deirdre Barrett (5/5/2017), “Answers in Your Dreams”, scientific american, Retrieved 16/8/2021. Edited.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب