كيف يزرع العنب

كيف يزرع العنب


العنب

العنب هو نوع من أنواع الفاكهة التي تندرج ضِمن عائلة الكَرميّات (بالإنجليزية: Vitaceae) التي تتبع بدورها رتبة النبقيّات (بالإنجليزية: Rhamnales)، وينمو العنب على شكل كَرْم متسلق أو على شكل شُجيرات متساقطة الأوراق، ويحتاج العنب إلى بيئة رطبة كي ينموَ نموّاً جيِّداً، وللعنب أنواعٌ عدةٌ وأجناسٌ كثيرةٌ يُعدّ Vitis أهمّها، وهو الجنس الوحيد الذي يشتمل على أنواع كثيرة يمكن زراعتها وتكثيرها، أمّا بقيّة الأجناس فعادة ما توجد في المناطق البريّة وتستخدم للزينة.[١]

وتُعدّ ثمار العنب من أنواع الفاكهة الأكثر انتشاراً في العالم وخاص ّة في فَصْل الصيف، ويتمّ تناول هذه الفاكهة إمّا طازجة أو مجففّة، ولها قيمة غذائيّة كبيرة، فهي تَمُد الجسم بالفيتامينات والأحماض العضويّة والإنزيمات اللازمة له، ويُوصَف العنب لعلاج العديد من الأمراض أيضاً، ويُعرَف نبات العنب باسم الكَرْمة، وهو من النباتات المعمِّرة متساقطة الأوراق، وله سيقان مرنة، الأمر الذي لا يمَكِّنه من النموّ بشكل رأسيّ، لذلك لا بدّ من وجود دِعامات تساعده على النموّ بشكل رأسيّ، وفي هذا المقال سنتطرق إلى بعض طرق زراعة العنب، بالإضافة إلى بعض الأمراض التي قد تصيب كُروم العنب.

كيفيّة زراعة العنب

لإنشاء كُروم العنب يجب بداية أن تُحدّد الطريقة التي ستُربّى الكَرْمات بها، وذلك بالاعتماد على النوع الذي سيُزرع، ودرجة خصوبة البراعم القاعديّة، فمثلاً إذا كانت الكُروم من نوع البراعم القاعديّة العقيمة فستكون تربية الكُروم على أسلاك مثل التربية القصبيّة، أمّا إذا لم تكن البراعم عقيمة فيمكن استعمال عدّة طُرق في التربية، مثل طريقة التربية الرأسيّة التي تعتمد على الدوابر، وطريقة التربية الكردونيّة، والجدير بالذِّكر أنّه عند البدء بتجهيز الكُروم يجب تحديد أنواع الدعامات في البستان، ويتمّ نصبها عادة في العام الثاني من غرس الشتلات، كما يجب وضع مصدّات للرياح لحماية عناقيد العنب، الأمر الذي من شأنه حماية المحصول كاملاً.

ويجب الأخذ بعين الاعتبار عدّة عوامل عند البدء بغرس الشتلات، وتتمثّل هذه العوامل في خصوبة التربة، وقوة نموّ كَرْمات العنب التي ستُزرع، والأصناف التي ستُزرع، بالإضافة إلى طريقة ريّ الكَرْمات، وطريقة تربيتها، ونوع الدعامات المستعملة في تربيتها، وتتداخل هذه العوامل فيما بينها، لكنّ أهمّ هذه العوامل هي طريقة التربية التي تعتمد بشكل أساسيّ على الأصناف، أمّا طرق غرس شتلات العنب وكيفيّة زراعتها فهي متنوعة، وفيما يأتي نُبذة عن هذه الطرق:

الطريقة الرأسيّة

وتُعرَف أيضاً بالطريقة القائمة، وفي هذه الطريقة تُغرس الشتلات في صفوف، ويكون البُعد بين الصفوف نحو 2م، أمّا المسافة بين الشتلة والأخرى في الصف الواحد فتكون بين 1.5-3م إذا كانت التربة رمليّة، و 2-3م إذا كانت التربة خصبة، ومن الأفضل في هذه الطريقة دَفْن عدد من العيون أسفل سطح التربة، وتَرْك عينين فقط فوق السطح، ويبدأ فَصْل النموّ الأول عندما تتنشّط الجذور ويبدأ النموّ الخضري الذي يؤدي إلى تكوين الكربوهيدرات بسبب عمليّة التمثيل الضوئي، مما يجعل الجذور تُصبح أقوى.[٢]

ويبدأ التقليم الشتويّ الأوّل، حيث يُقصّر أقوى فرع وتُترَك عليه 2-3 عيون، وتُزال النموّات الباقية، وتُوضَع سنادة خشبيّة بجانب كلّ شتلة حيث يكون طولها نحو 125 سم وقطرها 3.5 سم، ويكون الجزء السفليّ منها مشطوفاً بطول 25-30 سم، وفي فَصْل النموّ الثاني تبدأ البراعم بالتفتّح وتُعطِي نموّات عديدة، وتُختار أقواها وتزال الباقية لتُمنح فرصة للنموّ، إلى أن يصل إلى الارتفاع المطلوب، وبعد ذلك تُزال القمّة النامية لهذا الفرع القوي عندما يصل إلى ارتفاع 90 سم، ولحثّ الفرع على الوصول لهذا الارتفاع بسرعة تُزال النموّات الجانبيّة منه من الأسفل، وتُترَك النموّات الجانبيّة في الثلث الأوّل منه وهو العلويّ، وتُقصّر إذا ما وصلت ارتفاع 60 سم، وبعد ذلك تنمو لها أفرع جانبيّة، وتُقصّر إذا ما وصلت إلى ارتفاع 20-30 سم.[٢]

وفي موسم التقليم الشتويّ الثاني يُختار الفرع الناضج والنامي الموجود في الثلث العلويّ من الساق، ويجب إبقاء ثلاث عيون منها إذا كانت الكَرْمة ذات قوّة نموّ متوسِّطة، أمّا إذا كانت قويّة جداً فيمكن أن تُتَرْك 4-5 عيون على كل فرع ناضج، وتكون هذه الأفرع أذرع الكَرْمة، حيث إنّ المتوقع أن يكون عددها من 5-6 أذرع، فإذا لم تكن كافية يمكن استكمالها في العام القادم، ويأتي بعد ذلك فَصْل النموّ الثالث في بداية فَصْل الربيع، فعندما تخرج العيون في بداية الربيع تظهر عليها نموّات جانبيّة تحمل عناقيد العنب، وعندما يصل طول النموّات 60-70 سم، تُزال القمّة النامية عنها، وتتميّز هذه الطريقة بانخفاض تكاليفها، بينما يكون المحصول الناتج عنها أقلّ من الطرق الأخرى.[٢]

طريقة التربية بنظام التكاعيب

وتُغرس الشتلات في هذه الطريقة بالنظام المربع بأبعاد 3.5X3.5م، أو بنظام الصفوف وتكون المسافة 7م، وفي المناطق التي تكون درجة الحرارة فيها مرتفعة تكون المسافات بين الشتلات ضيِّقة لزيادة الظل والحد من الأضرار التي يتسبّب فيها ارتفاع درجة الحرارة، أمّا الحُفر التي تُزرع فيها الشتلات فيجب حَفْرها بأبعاد 40X40ْX50 سم، أو تجهيزها بشكل ميكانيكيّ على هيئة خنادق بالأبعاد المطلوبة، أمّا السِنادات فيجب وضعها بداية موسم النموّ، أو في وقت الزراعة نفسه ليكون الغرس مستقيماً ومدعّماً، وتُعدّ هذه الطرق من أفضل الطرق؛ حيث إنّ المحصول يتعرّض للتهوية بشكل كبير، مما يساعد على زيادة المحصول وسهولة جمعه، إضافة إلى سهولة مقاومة الأمراض والآفات المختلفة.[٢]

كما يمكن زراعة الشتلات على 3X3م، أو 2X3م، ثمّ وَضْع الدعامات بجوار كل كَرْمة، وتُربّى الشتلات حتى يصل طول الساق فوق سقف التكعيبة بنحو 10سم، وعندها تُزال القمّة النامية خاص ّته، والجدير بالذِّكر أنّ الأذرع تُربّى بهذه الطريقة لتكون قريبة من سقف التكعيبة، ويتراوح عددها بين 5-7 أذرع، وبعدها تُربّى القصبات الثمريّة على الأذرع، وتستخدم في هذه الطريقة أسلاك رئيسة تكون بين الكَرْمات أي بين الدعامات الداخلية، أمّا الأسلاك الخارجيّة فتكون من الصلب.[٢]

ويجب فَصْل كل جهة من جهات التكعيبة الأربع عن بعضها البعض بواسطة قوائم رئيسة، وتُوضَع قوائم خرسانيّة أيضاً تحت سطح التربة بحوالي 1-1.5م، وتتميّز طريقة التكاعيب بأنّ المحصول الناتج عنها يكون ذا صفات ممتازة، كما أنّ الكُروم تتعرض للتهوية بشكل جيد وللإضاءة أيضاً، وبذلك تكون العيون الناتجة خصبة، وفي هذه الطريقة تَسهل مقاومة الأمراض والحشرات، ويكون جمع المحصول أسهل، أمّا عيوبها، فهي ارتفاع التكاليف الخاص ّة بها، كما أنّها تحتاج إلى صيانة بشكل دوريّ، كما أنّ عمليّات القصف لا تكون سهلة.[٢]

طريقة التربية القصبيّة العاديّة

في هذه الطريقة تُزرع الشتلات كالمعتاد في شهر شباط/فبراير، ويُختار أقوى نموّ حاصل على الشتلة، ثمّ يُقصَّر، حيث تُترَك عليه 2-3 عيون فوق سطح الأرض وتُزال الباقية، وعادة ما تُزرع الشتلات لتكون المسافة بينها 150-170 سم داخل الصفّ الواحد، أمّا المسافة بين الصفوف فتكون 3م، وفي فَصْل النموّ الأوّل تتفتّح العيون لتظهر منها نموّات خضريّة تساعد على عمليّة تكوين الكربوهيدرات، وتُنتِج بدورها مجموعاً جذريّاً قويّاً، أمّا الدعامات الخشبيّة فتُغرس بجوار الشتلات، وعندما تتفتّح العيون على النموّ الذي يُنتخب، يُختار أقوى نموّ فيها بالإضافة إلى فرع أو نموّ آخر احتياطيّ، ثمّ تُزال بقيّة النموّات.[٢]

أمّا الفرع القوي الذى اختير فتجري عليه عمليّة تسمى السرطنة، وفيها تُزال من ثلثيه السفليَّينِ النموّاتُ الجانبيّة النامية في إبط الأوراق مع إبقاء الأوراق، وكذلك إبقاء الأفرع الجانبيّة التي نمت على الثلث العلوي من الفرع المختار في البداية، وهو الفرع الذي يصبح ساق الكَرْمة فيما بعد، وأمّا الفرع الاحتياطيّ فيُزال بعد نموّ الساق بشكل تام، أي بعد نحو شهر تقريباً، وبالنسبة للفرع الذي أصبح ساق الكَرْمة، فيُربط إلى الدعامة الخشبيّة برباط يسمح بمرور إصبعين، وعندما ينمو ويصبح طوله نحو 80-85 سم تُزال قمّته النامية وذلك لتُشجّع النموّات الثانويّة الأخرى في ثلثه العلويّ، وعندما يأتي موعد التقليم الشتويّ الأوّل تُقصَّر النموّات الجانبيّة في الثلث العلويّ من ساق الكَرْمة لتكون المسافة أعلى السلك وأسفله نحو 10 سم.[٢]

وبعد ذلك تُختار مجموعة من النموّات لتقصيرها وتُترك على كلّ منها 2-4 عيون فقط، لتصبح فيما بعد هذه العيون أذرع الكَرْمة، وفي فَصْل النموّ الثاني تتفتّح العيون الموجودة على الأذرع وتغطّي الأفرع التي تحمل العناقيد، وتُقصَّر عندما يصبح طولها نحو 120-150 سم، وينتج عن ذلك أفرع ثانويّة تُقصّ عندما يصبح طولها ما بين 25-30 سم، وتُختار أفرع عمرها سنة وخشبها ناضج من كلّ ذراع من أذرع الكَرْمة وتُقصَّر، وتترك عليها عينان فقط وتكون قريبة من رأس الكَرْمة، أما الأفرع الأماميّة فتُقصَّر وتُترَك عليها 12-15 عيناً، وتسمى القصبة الثمريّة، وهي التي ستحمل المحصول على الأفرع الحديثة التي تنموّ منها.[٢]

الأمراض التي تُصيب العنب

يتعرّض نبات العنب إلى العديد من الأمراض التي قد تُتلِف المحصول، ومن هذه الأمراض:

  • الأمراض الفطريّة: وفيما يأتي بعض الأمراض الفطريّة التي قد تُصيب كُروم العنب:
    • مَرَض التعفّن الرماديّ (بالإنجليزية: Grey Mold): ومَرَض التعفّن الرماديّ يسبّبه فِطر يُدعى (Botrytis Cinerea)، ويُصيب هذا المرض الثمار وتزداد حساسيتها له كلما زادت فيها نسبة السكر، كما يُصيب الأزهار ويسبب جفافها، أمّا الأوراق فعندما يُصيبها يسبب لها بقَعاً بنّيّة اللون، وتكون فرصة الإصابة به أكبر في الأجواء الحارّة والرطبة.
    • مرض البياض الدقيقيّ (بالإنجليزية: Powdery Mildew): أمّا مَرَض البياض الدقيقيّ فيُسبّبه فِطر يُدعى (Uncinula Necator)، ويبدأ ظهور المرض على الأوراق السفليّة وعلى سطحها العلويّ والسفليّ، ثمّ ينتقل إلى الأوراق العلويّة، ويكون على شَكْل غبار لونه أبيض رماديّ، أمّا الأغصان وخاص ّة الحديثة منها فيظهر المرض فيها على شَكْل بقع بنيّة اللون، وتظهر احياناً باللون الأسود، وينتقل المرض إلى العناقيد ويصبح لون الثمار سكنيّاً، ثمّ يتحوّل إلى مَظهر طحينيّ إلى أن تجفّ حبّات العنب المصابة وتسقط.
  • الأمراض الفيروسيّة: أمّا الأمراض الفيروسيّة التي قد تصيب العنب فأهمّها:
    • مرض الورقة المروحيّة (بالإنجليزية: Fanleaf Virus): ومرض الورقة المروحيّة ينتقل من نبات إلى آخر أثناء عمليتي التطعيم والتقليم، كما ينتقل من خلال تغذية النيماتودا الحافرة على الجذور، ويُظهِر تشوُّهاً في شكل الأوراق، وتتكوّن على الأوراق بقع صفراء اللون.
    • مرض تنقّر الساق (بالإنجليزية: Rugose Wood Complex): ينتقل مرض تنقّر الساق خلال التطعيم، ومن خلال الحشرات القشريّة أيضاً، وتتمثّل أعراضه في بُطء نموّ النبات وصِغَر حجمه مقارنة بالنبات غير المصاب، وغالباً ما يُوجَد هذا الفيروس في الأصناف الأوروبّيّة من العنب بشكل كامن، أمّا الأصناف الأمريكيّة فيظهر الفيروس على شكل تنقر على الخشب.
  • الأمراض البكتيريّة: ومن أهمّ الأمراض البكتيريّة التي قد تصيب ثمار العنب، التدرّن التاجيّ (بالإنجليزية: Crown Gall) الذي تتسبّب به بكتيريا (Agrobacterium Tumefaciens Biovar3)، أمّا أعراض المرض فهي عبارة عن أورام وانتفاخات تختلف في حجمها وتظهر على أفرع الشجرة وجذعها، كما يمكِن أن تظهر على الجذور في التربة الرمليّة، وتكون هذه الانتفاخات في بدايتها طريّة وبدون قشرة ولها لون ورديّ مخضرّ، ثمّ تتحوّل إلى انتفاخات خشنة وصلبة ولها لون بنّي غامق، وتدخل هذه البكتيريا إلى الجذور والجذع من خلال الثغرات والجروح التي تنتج عن التطعيم، والحراثة والتقليم.

المراجع

  1. د. غبريال فرج غبريال، د. فؤاد فوزي حسن، العنب، وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي ، صفحة 2. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ د. غبريال فرج غبريال، د. فؤاد فوزي حسن، العنب، وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي ، صفحة 20-26. بتصرّف.






اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب