قصة النبي عيسى للأطفال

من هو سيدنا عيسى عليه السلام؟

هو واحد من أنبياء الله ومن أحفاد داود عليه السلام، واسمه عيسى بن مريم؛ لأنّه ولد من دون أب أمَّا اسم عائلته فقد كان آل عمران.[١]

ولادة سيدنا عيسى عليه السلام

كيف ولد النَّبي عيسى عليه السَّلام؟

كان هناك فتاةٌ بريئةٌ وطاهرةٌ تقضي وقتها بعبادة الله سبحانه والتَّقرب إليه بالأعمال الصالحة واسمها مريم، فشاء الله سبحانه وتعالى أن يكون لها طفل جميل وأن يولد من دون أب، وسيكون ذلك الطفل صالحًا عند ربه، واختار الله واحدًا من الملائكة ليذهب وينقل هذا الخبر إلى مريم، ولمّا أخبرها المَلَك بالأمر تفاجأت جدًّا وصارت تشعر بالخوف والقلق فكيف سيكون لها ابنٌ من دون أب؟[٢]

ومرت الأيام على مريم وهي تحمل عيسى في بطنها وتشعر بالخوف من الكلام الذي ستسمعه من أفراد قومها، وكيف أنهم سيلومونها فلم يعرف النَّاس يومًا أن هناك امرأة تنجب طفلًا من غير أن يكون له أب، بالإضافة إلى أنَّها معروفة بين أبناء قومها فهي من أحفاد الأنبياء والرُّسل عليهم السَّلام.[٢]

وفي أحد ليالي الصيف الحارة،[٣] وفي مدينة بعيدة يُطلق عليها اسم بيت لحم[٤] شاء الله أن يولد عيسى عليه السلام، وعندما حان وقت هذه الولادة المباركة ذهبت السَّيدة مريم الطَّاهرة إلى مكان بعيد عن قريتها التي تسكن بها، وهي وحيدة وحزينة ولا تدري ماذا تفعل أو ما هو التَّصرف الصَّحيح، وما هي إلَّا مدة قصيرة حتى حان وقت ولادة عيسى عليه السلام، فناداها جبريل -عليه السَّلام- وأخبرها أن تهز النخلة التي بجانبها؛ كي يتساقط لها بعضٌ من حبات الرطب -وهو نوعٌ من أنواع التمر- لتأكلها وتستعين بها على ضعف جسمها.[٢]

كيف كانت ردة فعل قوم مريم عندما رأوا عيسى؟

وعندما ولدت مريم الطَّاهرة عيسى -عليه السَّلام- بأمرٍ من ربها أحضرته إلى قومها، إلَّا أنَّهم وقفوا متعجبين ومستنكرين على مريم هذا الأمر، فكيف تُنجب طفلًا من دون أب؟ وهم يعلمون أنَّها غير متزوجة، وبدؤوا بلومها وغضبوا كثيرًا منها وأخبروها أنَّها ستكون سببًا للحديث عن عائلتها الطَّاهرة بالسوء مع أنَّه لم يُعرف عنهم إلَّا الصَّلاح والتُّقى، وارتفعت أصواتهم برفض هذا الطِّفل الذي بين يديها.[٥]

سيدنا عيسى عليه السلام يكلّم قومه وهو في المهد!

ماذا قال عيسى -عليه السَّلام- لقومه؟

فسكتت الفتاة الطاهرة مريم ولم تنطق بأي حرف ولكنّ الله لا يترك عباده المتقين من غير سند أو قوة، وأراد الله أن يساعد السيدة مريم ويآنسها، فأجرى الله أمرًا خارقًا للعادة على لسان ابنها عيسى عليه السلام، وإذ بهذا الطِّفل الرَّضيع يتكلم ويخبرهم بأنَّه نبي من الله -سبحانه وتعالى- لهم، فاندهش القوم من عظم هذا الموقف.[٦]

ولكن لم يتوقف عيسى -عليه السَّلام- عن الكلام، بل استمرَّ بالتَّحدث، فقال لهم إنَّ الله جعله شخصًا مباركًا أينما كان، وعليه أن يقيم الصَّلاة فلا يتكاسل عنها، وأخبرهم بأنَّه سيكون العبد المتواضع والعطوف عليهم؛ لأنه يكره صفة التَّكبر السَّيئة.[٦]

وقال إنَّ الله قد هيّأه لقومه حتى يساعد كل مَن يحتاجه ويطلب العون من الفقراء والمساكين وذلك بإعطائهم بعض المال ليكون سندًا وعونًا لهم على مشاق الحياة، ولكن عيسى -عليه السَّلام- لم ينس نصيب أمِّه بل أخبر قومه أنَّه سيكون بارًَا بأمَّه التي تحمَّلت الكثير من أجله، وسيكون مطيعًا لها لا يعصي لها أمرًا.[٦]

دعوة سيدنا عيسى عليه السلام لقومه

ما فحوى دعوة عيسى إلى قومه؟

لقد كبر عيسى عليه السَّلام في قومه وأصبح شابًا قويًّا ونبيًّا مخلصًا، وبدأ بدعوة قومه إلى الإيمان بالله وحده وترك الكفر والابتعاد عن الشِّرك، فدائمًا ما كان يسعى بينهم وهو يدعوهم إلى التَّوكل على الله سبحانه وتعالى والاعتماد عليه في جميع أمور حياتهم، وكان يقف معهم ليذكرهم بنعم الله -سبحانه وتعالى- عليهم من صحةٍ في الجسم وقوَّةٍ في البدن.[٧]

وكان يدعوهم دائمًا إلى التقرب من الله سبحانه وتعالى وذلك بالإكثار من الأعمال الصَّالحة كالمحافظة على الصَّلاة ودفع الصَّدقات والإكثار من إطعام الفقراء والمساكين، وذلك كله سيكون سببًا بدخولهم الجنَّة وابتعادهم عن نارجهنم بإذن الله.[٧]

ماذا طلب قوم عيسى عليه السلام منه كي يصدقوا دعواه؟

بعد أن دعا عيسى -عليه السلام- قومه إلى الإيمان بالله -سبحانه وتعالى- وحده وعدم الشِّرك به، جاء إليه بعض الأشخاص من قومه وطلبوا منه طلبًا غريبًا لم يعرفه أي إنسان من قبل، وهو أن يطلب من الله -سبحانه وتعالى- أن ينزل عليهم مائدة فيها أطايب الطَّعام من السماء، وأخبروه أنَّهم لن يؤمنوا بالله -تعالى- وبن يُصدّقوا بوجوده حتى يأتي لهم بتلك المائدة من السماء.[٨]

استمع النََّبي عيسى عليه إلى ذلك الطلب باستغراب شديد، فأجابهم عيسى -عليه السلام- بأنه سيطلب من الله -سبحانه وتعالى- أن ينزِّل عليهم تلك المائدة من السَّماء، ولكن عليهم أن يؤمنوا بعد رؤيتها بشكل جازم ولا يشكُّوا بدعوته أبدًا؛ وذلك لأنَّ الله سيغضب عليهم كثيرًا في حال عدم إيمانهم بعد إجابته لطلبهم وإنزاله المائدة من السَّماء ورؤيتهم لها.[٨]

ما رأيك في الليلة القادمة أن نقرأ قصة النبي يونس عليه السلام، وذلك بالاطلاع على هذا المقال: قصة النبي يونس للأطفال

نزول المائدة من السماء!

ماذا كان يوجد على مائدة قوم عيسى عليه السَّلام؟

دعا عيسى -عليه السلام- ربه بأن ينزِّل الله على قومه مائدةً من السَّماء؛ وذلك لأنَّه كان يرغب في أن يؤمن قومه بوحدانية الله فاستجاب الله -سبحانه وتعالى- لطلبه، وأعطى للملائكة إذنًا بأن يحملوا مائدة عليها أطايب الطعام لقوم عيسى عليه السلام، فنزلت الملائكة ومعهم تلك المائدة، وقد وضعوا عليها سبعة حيتان مطبوخة بشكل لذيذ بالإضافة إلى سبعة أرغفة طازجة ولذيذة.[٨]

ونزلوا بها إلى الأرض وأخبرهم عيسى -عليه السلام- أنَّ شرط الأكل من هذه المائدة المباركة ألا يأخذوا منها شيئًا ويخبِّئوه في بيوتهم بل يأكلوا على المائدة فقط، واجتمع القوم وهم يأكلون من هذه المائدة اللذيذة المباركة وقد أكل منها آخر شخص من قومه كما أكل منها أول شخص من غير أن ينقص من طعامها شيئًا.[٨]

هل آمن قوم سيدنا عيسى عليه السلام؟

لقد تعب النَّبي عيسى -عليه السَّلام- كثيرًا في دعوة قومه من أجل أن يؤمنوا بالله وحده، وبعد هذا العناء الكبير والصَّبر على أذاهم انقسموا إلى قسمين اثنين، فالقسم الأول آمن بدعوة عيسى -عليه السَّلام- وعبد الله وحده، وقسمٌ آخر أعلن كفره وتكذيبه لما جاء به النَّبي عيسى -عليه السَّلام- وبدأ يظهر العداء له ويتَّهمه بالكذب أينما ذهب.[٤]

ماذا فعل قوم عيسى بنبيهم عليه السلام؟

وبعد أن كفر قومه به اتَّفقوا على أن يتخلَّصوا منه وذلك بأن يقتلوه، فاجتمعوا حول بيته الذي كان يختبئ به، مع أصحابه وكان هذا المنزل في بيت المقدس، وحينما حل الليل تسللوا ليلتفوا حول بيت النبي عيسى عليه السلام، ولكنَّ الله لم يترك عيسى -عليه السلام- لوحده ولم يسلمه لتلك الأيادي الخائنة التي تريد قتله، وأثناء تسلل الكفار إلى بيت النَّبي عيسى -عليه السَّلام- رفعه الله من نافذة موجودة في سقف البيت إلى السماء.[٩]

بدأ القوم بالدُّخول إلى بيت عيسى -عليه السَّلام- وكان أوَّل رجلٍ دخل إلى البيت، هو ذاك الرَّجل السَّيئ الذي أخبرهم أنَّه يعرف أين عيسى -عليه السلام- وسيدلهم عليه، وفي تلك الأثناء عاقب الله هذا الرَّجل السَّيئ الذي دلَّ الكفار على بيت عيسى -عليه السلام- بأن جعل اللهُ وجهَه يشبه وجه النَّبي عيسى عليه السَّلام.[١٠]

وعندما لحقه القوم الذين يريدون قتل عيسى -عليه السلام- ودخلوا إلى البيت، رأوه واقفًا فظنُّوا أنَّه هو النَّبي عيسى -عليه السلام- وأخذوه وبدؤوا بتعذبيه وبوضع الشَّوك على رأسه، ومن ثمَّ قتلوه وعلقوه على العمود كي يراه جميع من ناصره مقتولًا، وفرح اليهود ظانين أنَّهم قتلوا النَّبي عيسى -عليه السلام- وهم لا يعلمون أنَّ الله قد نجاهم من ظلم أيديهم.[٩]

ما رأيك أن نقرأ قصة النبي إبراهيم سويًا، بالاطلاع على هذا المقال: قصة النبي إبراهيم للأطفال

ما هي الدروس التي تعلمناها من قصة سيدنا عيسى عليه السلام؟

لقد حملت قصَّة النَّبي عيسى -عليه السَّلام- كثيرًا من العبر ومنها:[١١]

• أنَّ الله قادرٌ على كلِّ شي، فهو من وضع قوانين الحياة، وهو قادر على خرق هذه القوانين، وذلك عندما أذن أن يولد عيسى -عليه السَّلام- من غير أب، وعندما تحدَّث في طفولته.
• أنَّ الرَّازق هو الله سبحانه وتعالى ولكن على الإنسان أن يسعى من أجل تحصيل هذا الرِّزق، فعندما كانت مريم عليها السَّلام تلد، طلب منها جبريل أن تهزَّ النَّخلة كي يأتي إليها رزقها.
• أنَّ الاعتماد على الله سبحانه وتعالى يعطي الإنسان راحةً عظيمةً بأنَّ الله هو رب هذا الكون، وهو من سيدير له شؤون حياته التي كتبها الله له.

المراجع[+]

1. ↑ أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليه السلام، صفحة 466-467. بتصرّف.
2. ^ أ ب ت أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 467-468. بتصرّف.
3. ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1206. بتصرّف.
4. ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 478. بتصرّف.
5. ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى دار الإفتاء المصرية، صفحة 500. بتصرّف.
6. ^ أ ب ت محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط للطنطاوي، صفحة 108. بتصرّف.
7. ^ أ ب ابن باز، مجموع فتاوى ابن باز، صفحة 79. بتصرّف.
8. ^ أ ب ت ث محمد علي الصابوني، مختصر تفسير ابن كثير، صفحة 562-563. بتصرّف.
9. ^ أ ب ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 508. بتصرّف.
10. ↑ صالح المغامسي، تأملات قرآنية المغامسي، صفحة 11. بتصرّف.
11. ↑ محمد حسان، دروس محمد حسان، صفحة 13. بتصرّف.