X
X


موقع اقرا » إسلام » معلومات إسلامية » صفات المهاجرين

صفات المهاجرين

صفات المهاجرين


أبرز صفات المهاجرين

امتدح الله -تعالى- في كتابه العزيز أصحاب النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وخصّ بذلك المهاجرين حيث قال الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)،[١] ويُعرف المهاجرين بأنّهم الذين آمنوا بالله -تعالى- وصدّقوا برسالة نبيه محمد -صلّى الله عليه وسلّم- من أهل مكّة، ورافقوه في هجرته من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، تاركين خلفهم بيوتهم وأموالهم وأهلهم؛ ليفرِّوا بدينهم وليدافعوا عنه، فالمهاجرين هم من بذلوا كلّ ما لديهم لنصرة الدين الإسلامي، ولم يعودوا لديارهم قبل فتح مكة.[٢]

وقد وصف الله -تعالى- المهاجرين في القرآن الكريم بعِدَّة صفات فقد قال الله -تعالى-: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)،[٣] وما يأتي بيان صفات المهاجرين كما وصفتها الآية الكريمة:[٤]

فقراء

وصفهم الله -تعالى- بالفقراء؛ لأنّهم خرجوا من بيوتهم وتركوا أموالهم، وهاجروا مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بأنفسهم، فعاشوا مع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في بلاد غُربة لا يملكون بها شيئًا، فقد آثروا أن يخرجوا بدينهم على مالهم وأهلهم،[٤] خوفًا من بطش قريش بهم، وقد تركوا خلفهم النعيم الذي كانوا به، ومنهم مصعب بن عمير؛ الذي تبدّل حاله عند إسلامه حتى هاجر إلى المدينة.[٥]

حبهم لوطنهم

لم يخرج المهاجرون من ديارهم حبَّاً منهم في ذلك، وإنّما خرجوا منها لضرورة اقتضت ذلك، فقد كانوا مُستضعفين في مكّة، وكانت قريش تُضيِّق عليهم، فخرجوا منها وهي أحبُّ البلاد إليهم، وهذا ما دلّ عليه قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عند هجرته حيث قال: (واللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أرضِ اللهِ وأحبُّ أرضِ اللهِ إلى اللهِ ولَوْلا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ ما خرجْتُ)،[٦] فلم يخرجوا منها وهم كارهين لها، وإنما خرجوا وهم يحبون أرضهم.[٧]

يطلبون رضا الله

ومن الصفات التي امتدح الله -تعالى- بها المهاجرين، هو أنّ مقصدهم من الهجرة هو طلب رضا الله -تعالى-، فهم تركوا خلفهم المال والأهل والديار، والأرض التي يحبِّونها، ابتغاءً لمرضاة الله -تعالى-، ولم يكن أمر الهجرة سهلًا، بل كان فيه الكثير من الصعوبات، حتّى أنّهم كان يربطون الحجر على بطونهم من شِدَّة الجوع، وعانوا الفقر والكثير من الصِّعاب إلا أنّ هذا لم يمنعهم عن الهجرة من أجل إعلاء كلمة الله -تعالى-.[٨]

ينصرون الله والرسول

كان السبب الرئيسي للهجرة هو حاجة المسلمين للخروج؛ وذلك لأنّ قريش بدأت بالضغط عليهم والتضييق عليهم، وكان كفار مكة يترصدون للمسلمين، ولأنّ النبي -صلّى الله عيله وسلّم- لن يستطيع أن يُقيم دولة إسلامية في ظلِّ الظروف في مكة، فخرج الصحابة مناصرين للنبي -صلّى الله عليه وسلّم- ومعاونين له في نشر الدعوة الإسلاميّة، إقامة دولته.[٨]

صادقون

وآخر ما امتدح الله -تعالى- به المهاجرين في الآية هو صدقهم؛ فقد صدقوا مع الله ورسوله، فكما عاهدوا النبي على النصر قولًا، قاموا بذلك فعلًا، فخرجوا معه لإعلاء كلمة الله، ولم يلتفتوا لِما تركوا خلفهم من نعيم في مكة، فقد خرجوا ابتغاء النعيم المقيم الذي وعدهم الله -تعالى- به.[٩]

وصف الله -تعالى- المهاجرين في القرآن الكريم بعِدّة صفات؛ منها فقرهم بسبب خروجهم من مكة بدينهم فقط، فقد تركوا أموالهم ودياريهم، ووصفهم كذلك بمحبَّتهم لله ورسوله، ونصرتهم له، وأثنى عليهم بصدقهم مع ربِّهم.

جزاء المهاجرين

بعد خروج المسلمين مهاجرين من أذى قريش، وتركوا وطنهم الذي يحبُّونه؛ لإعلاء راية الإسلام، ولإقامة دين الله -تعالى- في الأرض، وعدِهم الله -تعالى- بجزاء عظيم، وأجر كبير، حيث قال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ۖ وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)،[١٠] فبيَّنت الآية الكريمة أنّه لو علم الكافرين الأجر الكبير الذي أعدَّه الله -تعالى- للمهاجرين لوافقوهم فيها، ومن لم يبادر في الهجرة من المسلمين لبادر إليها، ومن هاجر منهم لزاد في اجتهاده وصبره طلبًا للأجر العظيم، فجزاء المهاجرين كما بينته الآية ما يأتي:[١١]

الأجر والثواب من عند الله

إنّ أعظم جزاء ناله المهاجرين الذي تركوا أموالهم وديارهم، وصبروا على الهجرة ومشقتها، وتوكلوا على الله حقَّ التوكل، وآمنوا أن ّالله -تعالى- لن يخذلهم، فكان الجزاء الأعظم هو نيل رضا الله -تعالى-، وكسب الثواب والأجر العظيم الذي أعدّه الله -تعالى- لهم، حيث قال -تعالى- فيهم: (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ)،[١٠] فكان أجرهم في الآخرة أعظم من الجزاء الذي لاقَوه في الدنيا والذي أكرمهم الله -تعالى- به.[١٢]

السعة في الرزق

ومن الرزق الذي كافأ الله -تعالى- به المهاجرين؛ الوطن الأفضل الذي احتواهم، والمنزلة الرفيعة التي وصلوا لها، والعيش الهنيئ، والرزق الكثير والوفير، وأيدهم الله -تعالى-، ونصرهم على الأعداء، وجعلهم أسيادًا على البلاد، حيث قال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً)،[١٠] فكان كل هذا الفضل الذي وصلوا إليه جزاء لهم من الله -تعالى-، وجزاؤهم في الآخرة أعظم من ذلك.[١٢]

جازى الله -تعالى- المهاجرين بالجزاء العظيم في الدنيا والآخرة، فنالوا رضا الله -تعالى- وجعل أجرهم في الآخرة كبير، وفي الدنيا وسّع الله -تعالى- لهم في رزقهم، وهيأ لهم أسباب الراحة في معيشتهم، وجعلهم قادة في البلاد.

من قصص الهجرة

عمر بن الخطاب

كانت هجرة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مثلًا يُضرب في الشجاعة والقوّة، فبينما كان المهاجرين من مكة يخرجون مجتمعين، ويسيرون للهجرة ليلًا؛ خوفًا من أن تعلم قريش بذلك، كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قد خرج مجاهرة، وبعلم كفار قريش، ولم يخشَ في ذلك لومة لائم، وهاجر معه بعض الضعفاء.[١٣]

أم سلمة

لم تكن الهجرة من مكة المكرمة مُيسَّرة وسهلة على أمّ سلمة -رضي الله عنها-، فقد هاجرت هي وزوجها وابنها، فتصدَّى لهم في الطريق رجال من قومها، وهدَّدوا زوجها لأنّهم من قومها، فأخذوها منه، فلمّا رأوا أهل زوجها ذلك غضبوا له، فأصرُّوا على أن يأخذوا الولد منهم؛ لأنّه ابنهم فضلُّوا يشدُّوه من يده حتى خلعوها وأخذوا الولد، واتّجه زوجها إلى المدينة فارَّاً بدينه، وابنها أخذه بنو عبد الأسد، وهي عادت إلى قومها، فكان صبرها على هذه المأساة عظيمًا، فقد فرقوا بينها وبين ابنها وزوجها في لحظات، وبقيت عند قومها حتى شفع لها أحدهم، فهاجرت.[١٤]

العباس بن عبد المطلب

كان العباس -رضي الله عنه- آخر من هاجر إلى المدينة، فبعد هجرة العباس فُتحت مكة المكرمة، ولم يكن هناك هجرة بعد الفتح، ولما علم النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بهجرة العباس ولقيَه في الجحفة، وكان العباس مهاجرًا برفقة أهله وعياله، فرح النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لذلك فرحًا شديدًا.[١٥]

بذل الصحابة الغالي والثمين في سبيل الله -تعالى- وسطروا أعظم المواقف في الهجرة؛ فقد بيَّنت الهجرة شجاعة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وصبر أمُّ سلمة -رضي الله عنها-، وبيَّنت كذلك فرح النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بهجرة العباس -رضي الله عنه- الذي كان آخر المهاجرين.

المراجع

  1. سورة الأنفال، آية:72
  2. مجموعة من المؤلففين، التفسير الوسيط، صفحة 1650. بتصرّف.
  3. سورة الحشر، آية:8
  4. ^ أ ب عبد الكريم يونس الخطيب، التفسير القرآني للقرآن، صفحة 895. بتصرّف.
  5. السهيلي، الروض الأنف، صفحة 97. بتصرّف.
  6. رواه الترمذي، في صحيح الترمذي، عن عبدالله بن عدي بن الحمراء، الصفحة أو الرقم: 3925، حديث حسن غريب صحيح .
  7. محمد الصوياني، السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة، صفحة 272. بتصرّف.
  8. ^ أ ب شمس الدين القرطبي، تفسير القرطبي، صفحة 19. بتصرّف.
  9. محمد علي الصابوني، مختصر تفسير ابن كثير، صفحة 473. بتصرّف.
  10. ^ أ ب ت سورة النحل، آية:41
  11. وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 138. بتصرّف.
  12. ^ أ ب وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 147. بتصرّف.
  13. ابن سعد، الطبقات الكبرى، صفحة 271. بتصرّف.
  14. عبد الرحمن رأفت الباشا، صور من حياة الصحابيات، صفحة 113. بتصرّف.
  15. موسى بن راشد العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 32. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب