صحة حديث غربوا النكاح

حديث غربوا النكاح

إنَّ الأصل في حياة المسلم أن يتتبع الأحاديث النبوية صحيحها من ضعيفها من غريبها؛ حتى يكون على اطلاعٍ تامٍّ بالأحكام الشرعية التي اختصَّ بها الدِّين الإسلاميُّ، وبما أنَّ الحديث النبويَّ هو أصلٌ من أصول التَّشريع الإسلامي فإنّه لا بدّ من تحرّي نسبته إلى المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، ومن الأحاديث التي سيقف عليها المقال لبيان صحَّة نسبها إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- حديث يقول: “مالي أراكم يا بني السائب قد ضويتم، غربوا النكاح لا تضووا”، وهو حديثٌ في الزواج من الأقارب وبيان أفضليَّة التَّباعد فيه، وقد ذكر هذا الحديث بعض أهل العلم على أنّه من كلام عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، وستقف الفقرة القادمة لتفصيل أقوال الأئمة في صحَّة حديث غربوا النكاح، وبيان رأي أهل العلم فيه.[١]

صحة حديث غربوا النكاح

وبالوقوف على صحة حديث غربوا النكاح من قبل علماء أهل الحديث تبيَّن أنَّه لم يثبت عنالرسول صلى الله عليه وسلم، فقد قال فيه ابن باز -رحمه الله- إنّ الحديث لا أصل له، بل إنّ الرّجل إن تزوّج من قريباته فذاك أفضل كما يرى الشيخ رحمه الله، ويرى ابن باز أنّ الأصل في الزواج ميلُ الرَّجل إلى المرأة الصالحة، وشاهده على ذلك حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الذي يقول فيه: “تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها ولِحَسَبِها وجَمالِها ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ”،[٢]وقد سُئل الألباني -رحمه الله- عن صحَّة حديث غربوا النكاح فأجاب بأنّه حديث ضعيف، وسُئلَ في مجلس آخر عن هذا الحديث فأجاب بأنّه لا أصل له مرفوعًا، بل هو ممّا يدور على ألسنة بعض الدكاترة حين يجيبون طلابهم[١]، وأمّا الحافظ ابن حجر العسقلانيّ فقد عزا هذا الحديث إلى أنّه من كلام عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- كما ذكر في أحد كتبه، فالحديث إذًا لا تصحّ نسبته إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والراجح أنّه من كلام عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- والله أعلم.[١]

معاني المفرادات في حديث غربوا النكاح

وبعد أن تمَّ الوقوف على صحة حديث غربوا النكاح، لا بدَّ أن يأتي المقال على معاني مفردات ذلك الحديث لبيانها؛ إذ فهم مفردات الحديث من أوّل الأمور التي يسير فيها المرء على طريق فهم الحديث واستيعابه، وفيما يأتي توضيح لمعاني مفردات حديث غربوا النكاح:

• الأصل في معنى كلمة غربوا حسب ما أفاد في ذلك علماء العربية في معجم المعاني أنّها تعني الابتعاد؛ فيُقال: فلانٌ غرب أي بَعُدَ وتنحَّى.[٣]
• وأمَّا النكاح فهو الزواج، وفلانٌ نكح المرأة أي تزوّجها وعقد عليها، قال تعالى في سورة النساء: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ}[٤] ونكَحَ المرأة؛ أي: باشرها.[٥]
• وأمَّا الفعل من كلمة تضوَوا فهو ضويَ ويُقال فلانٌ ضَوِيَ جسمه؛ أي: ضَعُفَ جسمه وأصبح هزيلًا ودقَّ عظمه، وبذلك يكون تمام البيان لمعاني مفردات حديث غربوا النكاح، مع الوقوف على صحَّته حسب علماء الحديث النبوي الشريف، والله في ذلك جميعه هو أعلى وأعلم.[٦]

المراجع[+]

1. ^ أ ب ت “تغريب النكاح (البعد عن زواج الأقارب) “، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
2. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:5090، صحيح.
3. ↑ “تعريف و معنى غربوا في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
4. ↑ سورة النساء، آية:25
5. ↑ “تعريف و معنى النكاح في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
6. ↑ “تعريف ومعنى تضووا في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-20. بتصرّف.