X
X


موقع اقرا » الآداب » أشعار وأدباء » رثاء بدر شاكر السياب

رثاء بدر شاكر السياب

رثاء بدر شاكر السياب


رثاء بدر شاكر السياب

يُعدّ شعر الرثاء عند بدر شاكر السياب من الأغراض التي قد طرقَها خلال حياته الشعرية القصيرة، ومن قصائده في الرثاء ما يأتي:

قصيدة رثاء جدتي

يقول السياب في هذه القصيدة:

أسلمتني أيدي القضا للشحون

إذ قضى من يردني لسكوني

ورمى سهمه بقية آمالي

فخرت صريعة من عيوني

وودعت أذنه توالي أنغامي

وآبت إلى الفناء لحوني

وهي كل ما خلف الدهر

من الحب والمنى والظنون

ورجاءً بدا فألهمني الصـ

ـفو وخفت أنواره لحنيني

قد فقدت الأم الحنون فأنستـ

ـني مصاب الأم الرؤوم الحنون

كم تحملت في حياتك سقمًا

ود قلبي لو أنه يعتريني

تتلوين في مهاد المنايا

وتغيبين في عذاب الأنين

وتضجين بالدموع سجامًا

وتطوفين في بحار السنين

ثم آب السفين بعد طواف

خاليًا عودة الكسير المهين

تاركًا في البحار عذب أغا

نيه لها بالمياه أيّ رنين

يا لها ليلة وقد عادت الر

وح إلى ربها ودنيا اليقين

فزعت كل مهجة لأساها وار

تمى الفكر فوق صدر الشجون

وانجلى الفجر حاملًا بين

كفيه سعيرًا عذابه يصليني

جاء من خلفه نوى وبعادًا

لا يرجى اللقاء فيه بحين

رفعوا نعشها ونحن حيارى

والدموع الغزار ملء العيون

أيّها القبر كن عليها رحيمًا

مثلما ربّت اليتامى بلين

أيها القلب هل تلام شمالي

والتي تفعل الذنوب يميني

لا تلمني فلست قد علم الله

أرد القضاء لو يأتيني

ولمَ الموت والزمان الذي

يسلب ما ترتجيه غير ضنين

جدتي من أبث بعدك شكوا

ي طواني الأسى وقل معيني

أنت يا من فتحت قلبك بالأمـ

ـس لحبي أوصدت قبرك دوني

فقليل عليّ أن أذرف الدمـ

ـع ويقضي عليّ طول أنيني

ليتني لم أكن رأيتك من قبـ

ـل ولم ألقَ منك عطف حنون

آه لو لم تعوديني على العطـ

ـف وآهٍ لو لم أكن أو تكوني[١]

قصيدة شهداء الحرية

يقول السياب في هذه القصيدة:

شهيد العلا لن يسمع اللوم نادبه

وليس يرى باكيه من قد يعاتبه

طواه الردى فالكون للمجد مأتم

مشارقه مسودّة ومغاربه

فتى قاد أبناء الجهاد إلى العلا

وقد حطمت بأس العدو كتائبه

فتى همه أن يبلغ العز موطن

غدا كل باغ دون خوف يواثبه

فتى يعرف الأعداء فتكة سيفه

قد فتحت فتحًا مبينًا مضاربه

فتى ما جنى ذنبًا سوى أنه انتضى

حسامًا بوجه الظلم ما لان جانبه

إذا ذكروا في جحفل الحرب يونُسًا

مشى الموت للأعداء حمرًا سبائبه

لقد باع للعرب النفوس ثلاثة

فقروا ودمعي لا تقر غواربه

وآه على نسر أهيض جناحه

وكم ملأت أفق العراق عصائبه

لئن غيبوا جثمان محمود في الثرى

فما غيبوا المجد الذي هو كاسبه

ولهفي على فهميّ وما كان خطبه

يهون وإن هانت لديه مشاربه

شهيد رأى الطغيان يغزو بلاده

فهب وقاد العزم جندا يحاربه

أيشنق من يحمي الديار بسيفه

وتغدو على كسب المعالي ركائبه

رجالٌ أباةٌ عاهدوا الله أنهم

مضحون حتى يرجع الحق غاصبه

أراق عبيدُ الإنجليز دماءهم

فيا ويلهم ممن تخاف جوالبه

أراق عبيد الإنجليز دماءهم

ولكنّ دون الثأر من هو طالبه

أراق ربيب الإنجليز دماءهم

ولكنّ في برلين ليثًا يراقبه

رشيد ويا نعم الزعيم لأمة

يعيث بها عبد الإله وصاحبه

لأنت الزعيم الحق نبهت نوَّمًا

تقاذفهم دهر توالت نوائبه[٢]

قصيدة مرثيّة جيكور

يقول السياب في هذه القصيدة:

يا صليب المسيح ألقاك ظلًّا
فوق «جيكور» طائر من حديد
يا لظلٍ كظلمة القبر في اللون، وكالقبر في ابتلاع الخدود
والتهام العيون من كل عذراء كعذراء «بيت لحم» الولود
مَرَّ عَجلان بالقبور العواري من صليبٍ على النصارى شهيد
فاكتست منه بالصليب الذي ما كان إلا رمز الهلاك الأبيد:
لا رجاءٌ لها بأن يبعث الموتى ولا مأمل لها بالخلود!
ويل جيكور؟ أين أيامها الخضر وليلات صيفها المفقود؟
والعشاء السخي في ليلة العرس وتقبيلة العروس الودود
وانتظارٌ له على الباب:
«محمود، تأخرت يا أبا محمود
ناد محمود!»
ثم يوفي على الجمع بمنديل عرسه المعقود
نقطته الدماء يشهدن للخدر بعذراء، يا لها من شهود
لا على العقم والرَّدَى، بل على الميلاد والبعث والشباب الجديد!
أي صوت يصيح: «محمود، محمود تأخرت!» كالنواح البعيد؟
أين محمود؟ ليس محمود في الدار ولا الحقل!

يا أبا محمود[٣]

المراجع

  1. بدر شاكر السياب، ديوان بدر شاكر السياب، صفحة 97 – 98.
  2. بدر شاكر السياب، ديوان بدر شاكر السياب، صفحة 99 – 100.
  3. بدر شاكر السياب، أنشودة المطر، صفحة 67 – 72.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب