خصائص شهر رمضان

الصيام أهم خصائص شهر رمضان

يُعدُّ الصِّيام من أهمِّ خصائص شهر رمضان؛ حيث جعل الله -تعالى- صيامهُ فريضةً على كُلِّ مُسلمٍ ومُسلمةٍ، كما كتبه على الأُمم قبلنا، لِقولهِ -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)،[١][٢] وقد كان صيامهُ في البداية على التَّخيير بين الصِّيام والفدية، ولكنَّه بعد ذلك أصبح فريضةً لازمة دون تخيير، لِقولهِ -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).[٣][٤]

ويتحقَّق دُخول رمضان بطريقتين؛ إمَّا برؤية الهلال رؤيةً مُحقَّقة، أو بشهادة شاهدٍ واحِدِِ، وإن كان هُناك غيم في السَّماء يمنع من رؤية الهِلال؛ فيجب في هذه الحالة إكمالُ عدَّة شعبان ثلاثين يوماً، لِقول النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (صوموا لرُؤيتِهِ، وأفطِروا لرؤيتِهِ، فإن غُمَّ عليكُم فاقدُروا ثَلاثينَ).[٥][٦]

وقد خصَّ الله -تعالى- الصِّيام بفرحتين يفرحهما الصَّائم، الأولى عند فطره؛ بإتمامه عبادة الصِّيام وإزالة الجوع، والثانية يوم القيامة؛ لِما يلقاهُ من أجر الصِّيام، كما أنَّ الصيام في رمضان سببٌ لغُفران الذُّنوب، وفتح أبواب الجنَّة، وإغلاق أبواب النَّار، وتَسَلْسُل الشَّياطين فيه، لِقول النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إذا كانَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الرَّحْمَةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ جَهَنَّمَ، وسُلْسِلَتِ الشَّياطِينُ).[٧][٨]

خصائص شهر رمضان

مضاعفة ثواب الأعمال في رمضان

يُضاعف الله -تعالى- الأجر والثَّواب في شهر رمضان، ومن الأعمال التي جاءت الأدلَّة بمُضاعفة الأجر فيها ما يأتي:

• الصَّدقة؛ لِفعل النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ بالخَيْرِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ)،[٩] وجاء عن الإمام ابن حجر قوله: “إن الجود أعمُّ وأعظم من الصَّدقة، حيثُ إنَّه إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي”.[١٠]
• العُمرة؛ وتعدلُ أجر الحجِّ، لِقول النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (مرةٌ في رمضانَ؛ تعدِلُ حجَّةً معي)،[١١][١٢] وهي من أفضل الأعمال التي يُمكن للمُسلم فعلها في رمضان، لما في ذلك من عظيم الأجر والثَّواب، فهي تعدِلُ أجر الحجِّ، وجاء في بعض الرِّوايات أنِّها تعدلُ أجر الحجِّ مع النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-.[١٣]
• الصِّيام المُضاعَف إلى أجرين، وهو صيامُ رمضان في وقته، فقد قال العُلماء: إن الواجب في رمضان واجبان، فيأخُذ الصائم أجران، وهُما: أجر الصِّيام، وأجر فضيلة شهر رمضان المُبارك.[١٤]

نزول القرآن وليلة القدر

تميَّز رمضان وخصَّه الله -تعالى- بليلة القدر، وهي اللَّيلة التي ينزل فيها من القُرآن إلى مثلها في السنة القادمة، لِقولهِ تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)،[١٥][١٦] وهي اللَّيلة التي كان فيها النُّزول الأوَّل للقُرآن، وكان نُزولهُ جملةً واحدةً من اللوح المحفوظ إلى بيت العزَّة في السَّماء الدُّنيا، لِقولهِ -تعالى-: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)،[١٧] كما أنَّ العبادة في هذه الليلة خيرٌ من العبادة في ألف شهرٍ ممَّا سواها، لِقوله -تعالى-: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ).[١٨][١٩]

ومن علامات هذه الليلة كما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- عن النبيّ قال: (ليلةُ القدْرِ ليلةٌ سمِحَةٌ، طَلِقَةٌ، لا حارَّةٌ ولا بارِدَةٌ، تُصبِحُ الشمسُ صبيحتَها ضَعيفةً حمْراءَ)،[٢٠] وتكون في العشر الأواخر من شهر رمضان، وقيامُها يَغفر ما تقدَّم من الذُّنوب كما ورد في الأحاديث الصحيحة، وكان النبيُّ -عليه الصلاةُ والسلام- يعتكفُ العشر الأواخر من رمضان؛ لإدراكها وإدراك فضلها، وكان يأمر زوجاته بالقيام، ويُستحبُّ الإكثار من الدُّعاء فيها.[٢١]

صلاة التَّراويح

اختصَّ الله -تعالى- شهر رمضان بالقيام، وفي صلاة التَّراويح تقديمٌ لرغبة الله -تعالى- على رغبات النَّفس وشهواتها، وملء القلب بالإيمان، والتَّلذُّذ بسماع القرآن، وإشغال النَّفس بالطاعات وما يرضي الله -تعالى-، وتعويد الجوارح على الطَّاعة،[٢٢] وهي من السُّنن المؤكَّدة، سواءً للرِّجال أو النِّساء، وثبتت بفعل النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-، ويُسنُّ أداؤها جماعةً في رمضان، وسُمِّيت بالتَّراويح؛ لأنَّ النَّاس يستريحون بعد كُلِّ أربعِ ركعات بعد أن يُطيلوا القراءة فيها، ويبدأ وقتُها بعد صلاة العِشاء إلى طُلوع الفجر.[٢٣]

الَّليالي العشر الأواخر

كان النبيُّ -عليه الصلاةُ والسلام- يجتهدُ في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهدُ في غيرها من رمضان، فقد كان يعتكفها في المسجد، وقد ورد عنه -صلى الله عليه وسلم- في حديثٍ عن عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ حتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ مِن بَعْدِهِ)،[٢٤] وذلك لإدراك ليلة القدر، وقد أخفاها الله -تعالى- عن عباده؛ ليجتهدوا في العشر الأواخر بالعبادة، والذِّكر، والدُّعاء، وليزدادوا قُرباً من ربِّهم،[٢٥] وقد كان النبيُّ -عليه الصلاةُ والسلام- يعتزل نسائه فيها، ويوقظهُنَّ للقيام، وينقطعُ عن الدُّنيا ومشاغلها، ويتفرَّغ للعبادة والطَّاعة؛ لأنَّ الاعتكاف من أنفع العبادات في إصلاح القلب، والتَّخلُّص من الهُموم.[٢٦][٢٧]

فضائل تخصُّ شهر رمضان

إنّ لشهر رمضان العديد من الفضائل الخاص َّة به، ومنها ما يأتي:[٢٨]

• اختصاص فريضة الصِّيام فيه دون غيره من الشُّهور، كما أنَّ صيامهُ مُكفِّرٌ للذُّنوب، وفيه تُفتح أبواب الجنَّة، وتُغلق أبواب النَّار، وتُسلسل الشَّياطين، وقد تقدّم ذكر الحديث الدّال على ذلك.[٢٩]
• رائحة أفواه الصائمين أطيب من ريح المسك عند الله، لقول النبيّ: (لخُلوفُ فمِ الصائمِ أطيبُ عِندَ الله تعالى منْ ريحِ المِسكِ)،[٣٠] كما أنَّهُ شهرٌ يُعلّم الصَّبر، ويُذهب الحقد من القُلوب.[٣١]
• جعلهُ الله -تعالى- شهر البركات، والمواساة، وسيد الشُّهور، ويُضاعف فيه أجر الصِّيام لمن فطّر فيه صائماً، لقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (من فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجره، غير أنه لا ينقصُ من أجر الصائمِ شيئًا).[٣٢][٣٣]

المراجع

1. ↑ سورة البقرة، آية: 183.
2. ↑ عبد الله القصير (1421 هـ)، تذكرة الصوام بشيء من فضائل الصيام والقيام وما يتعلق بهما من أحكام (الطبعة الثانية)، السعودية: وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 23. بتصرّف.
3. ↑ سورة البقرة، آية: 185.
4. ↑ محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية: بيت الأفكار الدولية، صفحة 131، جزء 3. بتصرّف.
5. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1909، صحيح.
6. ↑ حسام الدين بن موسى (2008)، يسألونك عن رمضان (الطبعة الأولى)، القدس: المكتبة العلمية، صفحة 13. بتصرّف.
7. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1079، صحيح.
8. ↑ الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، السعودية: موقع الجامعة على الإنترنت، صفحة 415، جزء 28. بتصرّف.
9. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1902، صحيح.
10. ↑ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 143-144، جزء 23. بتصرّف.
11. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أم سليم بنت ملحان أم أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1118، صحيح لغيره.
12. ↑ محمد الأمين الهرري (2009)، الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (المسمَّى: الكوكب الوهَّاج والرَّوض البَهَّاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج) (الطبعة الأولى)، السعودية: دار المنهاج، صفحة 181، جزء 14. بتصرّف.
13. ↑ عبد الكريم العمري (2001)، صفحات رمضانية (الطبعة الأولى)، المدينة المنورة: دار المآثر، صفحة 33-34. بتصرّف.
14. ↑ محمد الزحيلي (2006)، الوجيز في أصول الفقه الإسلامي (الطبعة الثانية)، دمشق: دار الخير للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 310، جزء 1. بتصرّف.
15. ↑ سورة الدخان، آية: 4.
16. ↑ أبو عبد الله الحَلِيمي (1979)، المنهاج في شعب الإيمان (الطبعة الأولى)، دمشق: دار الفكر، صفحة 385، جزء 2. بتصرّف.
17. ↑ سورة القدر، آية: 1.
18. ↑ سورة القدر، آية: 3.
19. ↑ خالد الجريسي، الصوم جنة، صفحة 38-39، جزء 1. بتصرّف.
20. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 5475، صحيح.
21. ↑ سعيد حوّى (1424 هـ)، الأساس في التفسير (الطبعة السادسة)، القاهرة: دار السلام، صفحة 6617-6618، جزء 11. بتصرّف.
22. ↑ محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية: بيت الأفكار الدولية، صفحة 646، جزء 2. بتصرّف.
23. ↑ محمد التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، السعودية: دار أصداء المجتمع، صفحة 540. بتصرّف.
24. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2026، صحيح.
25. ↑ سعيد القحطاني (2010)، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة – مفهومٌ، وفضائلُ، وفوائدُ، وخصائصُ، وشروط، وأركان، ومسائل، وآداب، وحكمٌ، وأحكامٌ (الطبعة الثانية)، القصب: مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 487-488، جزء 1. بتصرّف.
26. ↑ أمين الشقاوي (2013)، الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (الطبعة الثامنة)، صفحة 103-104، جزء 1. بتصرّف.
27. ↑ أحمد الساعاتي، الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومعه بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني (الطبعة الثانية)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 263، جزء 10. بتصرّف.
28. ↑ الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مجلة البحوث الإسلامية – مجلة دورية تصدر عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، صفحة 29، جزء 93. بتصرّف.
29. ↑ عبد الله القصير (1421 هـ)، تذكرة الصوام بشيء من فضائل الصيام والقيام وما يتعلق بهما من أحكام (الطبعة الثانية)، السعودية: وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 23-24. بتصرّف.
30. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1894، خلاصة حكم المحدث صحيح .
31. ↑ زين الدين محمد (1356)، فيض القدير شرح الجامع الصغير (الطبعة الأولى)، مصر: المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 211، جزء 4. بتصرّف.
32. ↑ رواه محمد الترمذي، في سنن الترمذي، عن زيد بن خالد الجهني، الصفحة أو الرقم: 807 ، حسن صحيح.
33. ↑ عبد الرحمن العاصمي، وظائف رمضان، صفحة 7-9. بتصرّف.