X
X



خصائص المقامة

خصائص المقامة


تعريف المقامة

لقد شَهِدت فنون النثر العربيّة منذ العصور القديمة وإلى هذا اليوم تقلُّباتٍ كثيرة في مختلف الأساليب والفنون، ومن هذه الفنون النثريّة فن المقامات؛ فالمقامات تعدّ إحدى الفنون النثريّة التي يهتمّ كاتبها باللفظ والأناقة اللغويّة بالإضافة إلى جمال الأسلوب، حيث أنَّها تفوق الشعر في احتوائها على الكثير من المحسّنات اللفظيّة، والمقامة لُغةً: المجلس، أمّا في الاصطلاح: فهي قصّة تدور حوادثها في مجلسٍ واحدٍ وتكون هذه القصّة وجيزة، أو حكاية قصيرة مبنيّة على الكُدية أي الاستعطاء وتكون مُتفاوتة الحجم كذلك، وتجمع بين الشعر والنثر، بطلها رجلٌ وهميٌّ، وفي هذا المقال سيتمُّ الحديث أكثر حول خصائص المقامة.[١]

نشأة فن المقامة

لقد رجّحت معظم الدراسات التاريخيّة إلى أنَّ فن المقامة قد أتت نشأته في الأصل إلى أحاديث أبي بكر بن دُريد وأحمد بن فارس، إلّا أنّه لم يصل إلينا من هذين الأديبين إلّا عددًا قليلًا، ولا ريب في أنّ بين أحاديث ابن دريد وبين خصائص المقامة شبهًا كبيرًا من حيث استخدام أسلوب القصّ والسجع، إلّا أنّه يوجد كذلك فروقًا كبيرة سواء في الصنعة والعقدة وغيرها، أمّا بالنسبةِ لانتشار المقامات في الأدب العربي؛ فقد ارتبطت نشأته على يد بديع الزمان الهمذاني في القرن الرابع عشر الهجري، بهدف رفض الانحطاط في الحياة السياسية والاجتماعية ولكن بشكل ساخر للتقليل من هموم الناس[٢]، غير أنّ هناك نفرًا من الأدباء كابن عبد ربّه وابن قتيبة والحصري قالوا بأنّ بديع الزمان هو أوّل من اشتقّ فن المقامات من فنون قصصيّة سابقة، والفرق بين ما روي عن العرب من الأحاديث الكثيرة وبين خصائص المقامة التي ابتدعها الهمذاني من حيث الأسلوب والغاية كبير جدًا، وعلى ذلك فإنّ الهمذاني إن لم يكن مُبدع فن المقامات؛ فإنّ مقاماته تعدّ أقدم ما وصل العرب منذ ذلك اليوم.[١]

خصائص المقامة

بعد التطرّق إلى تعريف فن المقامة والحديث حول نشأتها، لا بدّ أيضًا من الإتيان على ذكر أهم خصائص المقامة التي ميّزتها عن باقي الفنون الأدبيّة النثريّة في اللغة العربية؛ فهي تنفرد عن باقي الفنون بمجموعة من السمات التي ميّزتها، ولها العديد من الخصائص التي يُمكن استعراض أوجهها بما يأتي:[٣]

  • تتميّز المقامات بالقصر في الأغلب واحتوائها على جانب من الدعابة والمرح.
  • تنطوي المقامات على ضروب من الثقافة.
  • تحفل بالحركة التمثيلية، ويعد ذلك من أهم خصائص المقامة.
  • يلتزم مؤلفها بالصنعة الأدبية التي تعتمد على المحسنات البديعية.
  • ترتبط المقامة بالقصص الخيالية التي تكون من نسج خيال كاتبها.
  • يحتوي نصّ المقامة على الأسلوب البلاغي، بالإضافة إلى احتوائها على الكثير من الفوائد والحكم والمواعظ.
  • من خصائص المقامة كذلك أنّها حلوة الألفاظ جميلة الوصف وكثيرة الصناعة المعنوية من ناحية استخدام الاستعارات والكنايات والتوريات، وذلك من غير تكلف ولا إغراق في السجع.

عناصر المقامة

بعد الحديث حول خصائص المقامة، سيتم الحديث كذلك عن عناصر فن المقامة، فبالرغم من أن هذا الفن لم يأخذ حقه كباقي الفنون إلا أنع لاقى إعجابًا كبيرًا من قبل الأدباء وغيرهم، ولعل أهم ما ميزه احتوائه على مجموعة من العناصر التي انبثقت من هذا الفن، ويمكن إدراجها بما يأتي:[١]

  • المجلس: ومعناه أن تدور أحداث المقامة الواحدة في مجلس واحد معين ولا ينتقل منه إلا فيما ندر.
  • الراوية: أي أنّ لكلّ مجموعة من المقامات راوية واحد، يقوم بنقل المقامة عن المجلس الذي حدثت فيه.
  • المكدي أو البطل: ولكلّ مقامة أيضًا مُكدٍّ واحد أو بطل واحد، وهو شخص خيالي في الأغلب يكون واسع الحيلة وذرب اللسان، بالإضافة إلى كونه شاعرًا وخطيبًا، ويتظاهر بالتقوى والورع مع إضماره المجون، ويبدو غالبًا في ثوب الشخص التاعس البائس، إلّا أنّه في واقع الأمرطالب منفعة.
  • المُلحة أو النكتة: وهي الفكرة العامة التي تدور حولها القصة في المقامة، وتكون هذه الفكرة عادة جريئة أو طريفة ولا تحثّ على الأخلاق الحميدة، وقد لا تكون كذلك موفقة دائمًا.
  • القصّة: وتعني أن تكون لكلّ مقامة وحدة قصصية قائمة بنفسها، وليس هناك صلة بين أي مقامة ومقامة أخرى، إلا أنّ الذي يربطها أنّ المؤلف واحد والراوي واحد والمكدي واحد كذلك، وقد تكون هذه القصة من أزمنة مُتباعدة ومختلفة.
  • اسم المقامة: ويكون مأخوذًا من اسم البلد الذي انعقدت فيه أحداث المقامة، نحو: المقامة الدمشقيّة، التبريزية، البلخية، الكوفية والبغدادية.
  • موضوع المقامة: فمنها ما هو أدبيّ أو فقهي أو فكاهي أو حماسي أو مجوني.
  • شخصية المقامة: وهي شخصية المؤلف وتُبنى على الدراية الواسعة بكلّ شيءٍ، بالإضافة إلى أنّه واسع الاطلاع على العلوم العربية والفنون الأدبية من شعر ونثر وخطابة، إلى جانب كونه حادّ الذكاء، قوي الملاحظة في كشف الكثير من الألغاز، ويقوم باستخدام خصائص الخطابة بما يتناسب معها.

أشهر أدباء فن المقامة

وبعد التجوّل في الحديث حول خصائص المقامة، سيتم أيضًا ذكر أبرز روّاد فن المقامات الذين ذاع صيتهم في تأليف هذا الفن الراقي، وقد اشتهرت من المقامات مقامتان، جالت في كل أنحاء العالم الإسلامي، وهاتان المقامتان تُرجعان إلى أشهر أدباء فن المقامة وهم:[٢]

  • بديع الزمان الهمذاني: يعدّ أشهر من وضع أسس وخصائص المقامة، بالإضافة إلى أنّه فتح بابه الواسع ليلجأ له أدباء كثيرون ممن جاءوا بعده، وهو أبو الفضل أحمد بن يحيى بن سعيد الهمذاني، ولد في همذان سنة 358 للهجرة، أمّا عن أشهر مقاماته التي ظهرت فيها خصائص المقامة، فهي المقامة المضيرية والمقامة البشرية، ويقدم في مقاماته صورة شاملة للبيئة التي كان يعيش فيها.
  • أبو محمد القاسم الحريري: وهو أبو محمد بن القاسم بن علي الحريري، ولد في البصرة سنة 446 للهجرة، ومن أشهر مقامات الحريري، المقامة الصنعانية التي استخدم فيها الجمل القصيرة الموسيقية، بالإضافة إلى إفراطه في استخدام السجع والأساليب اللغوية البديعة وهذه المقامات التي ابتدعها الهمذاني والحريري جميعها تُعدّ درّةً فريدةً من نوعها.

المراجع[+]

  1. ^ أ ب ت “المقامة”، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 12-11-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب “فن المقامات من فنون الأدب المنسية”، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-11-2019. بتصرّف.
  3. “المقامة”، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 12-11-2019. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب