X
X


موقع اقرا » إسلام » أحاديث » حديث عن الفقر

حديث عن الفقر

حديث عن الفقر


حديث: الفقر تخافون

متن الحديث

رُوي عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: “خرجَ علينا رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم- ونحنُ نذكُرُ الفقرَ ونتخوَّفُه، فقالَ: الفقرَ تَخافون! والذي نفسي بيدِه، لتُصبَّنَّ عليكم الدُّنيا صبًّا حتَّى لا تُرفَعَ، وأيمُ اللَّهِ لأترُكنَّكم على مثلِ البيضاءِ ليلُها ونَهارُها سواءٌ”.[١][٢]

شرح الحديث

وَجَد النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه جالسين يتكلمون بأمرٍ أهمّهم من هُموم الدنيا وهو الخوفُ من الفقر, والصحابة -رضي الله عنهم- بشر مثل باقي البشر, يخافون ويحملون هم الفقر, واستغرب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- خوفهم من الفقر, لأن هناك ما هو أكبر من الفقر, وهو أن يصبح المؤمنُ حريصًا على الدنيا, يرغب بها عن الآخرة, فتصبح أكبر همه.وقد أقسمَ النبي -صلى الله عليه وسلم- مطمئنًا أصحابه أنَّ الدنيا ستصب عليهم, في إشارةٍ إلى الرزقِ الواسع والعطاء الماديّ الكثيرّ الذي سيفتحهُ الله عليهم.[٣]

وقد كانَ بعض الصحابة فقراء وذوي فاقة, وصبروا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وتحملوا حملًا عظيمًا رغبةً في نصرة الدين. وقد فتحَ الله على الصحابةِ الكرامِ الخيراتِ والبركاتِ بعد فتحِ البلادِ والأمْصَارِ وكَثُرَ الخيرُ, وهذا مِصداقُ كلامِ النبيّ, فقد رَأوْهُ بأعينهم, ولكن النبي كان لا يخاف على الدنيا وإنما على هذا الدين, وقد عَمِلَ وجاهدَ ودعا إلى الله ليترك هذه الأمة على الدين النقيّ الصافي, وقد دلَّهم على ربهم, فخافَ النبيُّ على أمتهِ من الفتنِ.[٤]

العبر المستفادة من الحديث

المسلمُ لا يخافُ من الفقرِ إذا تَيقنَ أن الله عزوجلَ بيدهِ الرزقُ والخيرُ, كما تمرُّ بالإنسانِ أوقاتُ شدةٍ وضيقٍ, سيأتي عليه وقتٌ يفتحُ اللهُ عليه الخيرات والبركات, المسلم يحرص على دينهِ وعلاقته بربهِ من الضياع, لأن دين الإسلام أغلى ميراث ورثناه من النبيّ -صلى الله عليه وسلم-, ولم نرث منه ديناراً ولا درهماً.[٥]

حديث: ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع

متن الحديث

روىأنس بن مالك -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “ما آمن بي من بات شبعانَ و جارُه جائعٌ إلى جنبِه و هو يعلم به”.[٦]

شرح الحديث

من أخلاقِ الإسلام التي دعا إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- الشعورُ بالفقراءِ والإحساسُ بحاجاتهم وتفقدهم, وقد أشارَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديثِ إلى أنّ الشعورَ بالفقراءِ وأصحابَ الحاجاتِ منالإيمان, ومن لم يشعر بحاجاتِ النّاسِ ويتفقدهم فقد نقصَ شيءٌ من إيمانِه, وقد خصصَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- تفقدَ الجارِ الأقربِ, ومن كان يعلم بحاجةِ جارهِ القريب فواجبُه يصبحُ أكبر.[٧]

العبر المستفادة من الحديث

تفقدُ الفقراء والجارُ الأقرب صاحب الحاجة واجب على المسلم, ودلالة على إيمانه, كما أنه ليسَ من أخلاق الإسلامِ أن يعلم المسلم عن صاحب الفقر والحاجة, ويترك معونته ومساعدته, فالمسلمونَ متكافلونَ متعاونونَ فيما بينهم وهذا من أسبابِ رحمة اللهِ بهم.[٨]

حديث من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس

متن الحديث

روى عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَن نَزَلتْ به فَاقةٌ، فأَنَزَلَها بالنَّاسِ، لَم تُسدَّ فاقتُه، ومَن نَزلَتْ به فاقةً، فأنزلَها باللهِ، فيُوشِكُ اللهُ له برزقٍ عاجلٍ، أو آجلٍ”.[٩]

شرح الحديث

أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- على المسلم للتوجه بالدعاءِ والطلبِ إلى الله وحدهُ سبحانه إذا نزلت به نازلة, فهو صاحبُ القدرةِ في أن يعطي ويمنع, وهذا طبعا لا يمنعُ من الأخذِ بالأسبابِ وطرقِ أبوابِ العمل والسبل التي تؤدي لحل المشاكل أو العلاج من المرض أو غيرها, بشرط أن لا يكون اعتماد العبدِ على الناس, بل يأخذَ بالأسبابِ ويدعو الله ويتذلَّل بين يديه فإذا تصرف الإنسان بجهلٍ ورعونةٍ وجعل اعتمادهُ على الناسِ لم يجد حلَّ مشكلته أو سدادَ فقرِه, وإذا جعلَ اعتمادهُ وحاجَته عند ربه فالله تعالى يُعين عِباده وييسر لهم أبواب الخير, ولا يترك يدي عبده فارغتين.[١٠]

العبر المستفادة من الحديث

المسلم يرفع حاجته إلى الله تعالى وحده, ويجعل اعتماده عليه, ولا يضر المسلم أن يأخذ بالأسباب, بشرط أن يكون اعتماده وتوكله على الله تعالى وحده, وإذا أنزل المسلم حاجته بالناس فلن يجد عندهم حل مشكلاته وتيسير أموره.[١١]

حديث هذا رجل من فقراء المسلمين

متن الحديث

رُويسهل بن سعد الساعدي قال: “مرَّ رجلٌ على رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، فقال لرجلٍ عِندَه جالسٌ: ما رأيُك في هذا؟، فقال: رجلٌ من أشرافِ الناسِ، هذا واللهِ حرِيٌّ إنْ خطَب أن يُنكَحَ، وإن شفَع أن يُشَفَّعَ، قال: فسكَت رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ثم مرَّ رجلٌ، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما رأيُك في هذا؟، فقال: يا رسولَ اللهِ، هذا رجلٌ من فُقَراءِ المسلمينَ، هذا حَرِيٌّ إن خطَب أن لا يُنكَحَ، وإن شفَع أن لا يُشَفَّعَ، وإن قال أنْ لا يُسمَعَ لقولِه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هذا خيرٌ من مِلءِ الأرضِ مثلِ هذا“.[١٢]

شرح الحديث

كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يستثمرُ كل حدثٍ أو مناسبةٍ لتعليمِ المسلمين, ومن هذه الأحداثِ أن الصحابةَ كانوا يحكمونَ على الناسِ ويقيّمونهم بالمقاييسِ الدنيويةِ الماديةِ, فالمالُ والجاهُ يجعلُ من الإنسانِ الوضيعِ رفيعًا, ولكن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- حذَّر الصحابة من أن يجعلوا الغنى والفقرَ مقياسًا للحكمِ على الناسِ، فهذا الرجل الذي يعتبره الناسُ شريفًا وصاحبَ مالٍ وجاهٍ قد لا يكونُ لهُ عندَ اللهِ شأنٌ, والفقيرُ الذي لا يملكُ شيئًا من متاع الدنيا قد يكون له عند الله مكانةٌ عظيمة, والمقياسُ هو بقدر قربهم من الله وطاعتهم له , والفقرُ ليس صفة يُعاب بها الإنسان.[١٣]

العبر المستفادة من الحديث

عدم الحكم على الناس بظاهرهم, فقد يكون باطنُهم غيرُ الظاهرُ خيرًا أو شرًا, وأن يحرص المسلم على القرب من أهلِ الطاعةِ الذين لهم مكانة عندَ الله, وليس عند الناس, ثمَّ إن الفقرُ والحاجةُ لا تعيبُ أحدًا, فإنّما يقاسُ الإنسان بعملهِ.[١٤]

حديث: يدخل فقراء المؤمنين الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة عام

متن الحديث

عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “يدخُلُ فُقراءُ المؤمنينَ الجنةَ قبلَ أغنيائِهم بِخَمْسِمِائَةِ عامٍ”.[١٥]

شرح الحديث

يخبرُ النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّ الفقراءَ يدخلونَ الجنّة قبلَ الأغنياء بخمسمئةِ عام, وذلكَ لأنَّ الفقراء قد أخذوا نصيبهم في الدنيا من المشقةِ والعنتِ ومكابدةِ الفقرِ والحاجةِ, ونقصِ ذاتِ اليد, فمن عدلِ الله تعالى أن يُكرمهم بأن يَسبقوا الأغنياء الذين أخذوا شيئًا من نصيبهم في الدنيا, وهذا يدل على أن الله تعالى لن يُضيعَ تعب الفقير الذي يصبرُ على القليلِ من الدنيا.[١٦]

العبر المستفادة من الحديث

الغنى الحقيقيُّ هو في دخول الجنةِ ورضا الله تعالى وليسَ بكثرةِ المال, والله تعالى حكمٌ عدلٌ لا يظلمُ أحدًا ويعوضُ من ابتلاهُ في الدنيا بجزاءٍ في الآخرةِ.[١٧]

المراجع[+]

  1. رواه الن ماجه، في صحيح ابن ماجه، عن ابو الدرداء، الصفحة أو الرقم:5، صحيح.
  2. ابن قيم الجوزية ، الفوائد (الطبعة 2)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 55، جزء 1.
  3. ابن قيم الجوزية، الفوائد (الطبعة 2)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 55، جزء 1.
  4. ابن قيم الجوزية، الفوائد (الطبعة 2)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 55، جزء 1.
  5. ابن قيم الجوزية ، الفوائد (الطبعة 2)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 55، جزء 1.
  6. رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن انس بن مالك، الصفحة أو الرقم:170، حسن.
  7. مصطفى السباعي، التكافل الاجتماعي في الاسلام (الطبعة 3)، بيروت:دار ابن حزم، صفحة 160، جزء 1.
  8. مصطفى السباعي، التكافل الاجتماعي في الاسلام (الطبعة 3)، بيروت:دار ابن حزم، صفحة 160، جزء 1.
  9. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2326، صحيح.
  10. محمد بن قاسم، مشكلة الفقر في المنظور الاسلامي (الطبعة 1)، الامارات:منشورات البشير بن عطية، صفحة 44، جزء 1.
  11. عبدالله بن المبارك (1988)، الزهد والرقائق (الطبعة 3)، عمان:دار النفائس، صفحة 66، جزء 1.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:4196، صحيح.
  13. ابن حجر العسقلاني، فتح الباري (الطبعة 1)، القاهرة:الرسالة العالمية، صفحة 80، جزء 1.
  14. ابن حجر العسقلاني، فتح الباري (الطبعة 1)، القاهرة:الرسالة العالمية، صفحة 80، جزء 1.
  15. رواه الامام احمد، في المسند، عن ابو هريرة، الصفحة أو الرقم:7946، صحيح.
  16. وكيع بن الجراح، الزهد (الطبعة 4)، المدينة المنورة:مكتبة الدار، صفحة 65، جزء 1.
  17. حامد مرسي (1999)، المنهج الاسلامي لعلاج مشكلة الفقر (الطبعة 1)، طنطا:دار الطلائع، صفحة 185، جزء 1.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب