موقع اقرا » إسلام » مواضيع دينية متفرقة » تواضع عمر بن الخطاب

تواضع عمر بن الخطاب

تواضع عمر بن الخطاب


تواضع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-

مع عِظم قدر ومكانة وهيبة ووقار عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، إلا أن من أعظم صفاته -رضي الله عنه- التواضع، فقد كان شديد التواضع، وهذا كان سبباً في أن يحبّه الناس ويقدّروه، ومن صور تواضعه أنه كان يتحدث عن نفسه وكأنه غريب فيقول: بخ بخ عمر وويحك يا ابن الخطاب،[١] وكان -رضي الله عنه- يُنزل الناس منازلهم، فرُوي أن رجلاً يُدعى أبا مسلم الخولاني، وكان في اليمن، فدعاه رجلٌ ادّعى النبوة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأوقد ناراً وسأله إن كان يشهد أنه رسول الله.[٢]

فأنكر الخولاني عليه ذلك، ثم سأله إن كان يشهد أن محمداً رسول الله، فأجباب: نعم، فألقاه في النار، فلم تضرّه النار أبدا، فأطلقه وأمره بالرحيل، فجاء المدينة ونزل بمسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- وذلك بعد أن قُبض النبي وتولى الخلافة أبو بكر، فرآه عمر بن الخطاب، فاقترب منه وسأل من أين أنت؟ فأجاب: من اليمن، وكان قد وصل إلى مسمعهم ما فعل ذلك الكذّاب مُدّعي النبوة! فسأل عن الرجل الذي أحرقه، فذكر له اسمه، فسُعد بذلك واحتضنه، ثم أجلسه بينه وبين أبي بكر -رضي الله عنهم أجمعين-، وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة محمد من صُنع به كما صُنع بإبراهيم خليل الرحمن فلم تضرّه النار.[٢]

تواضعه عند ذكر من سبقه من أهل الفضل وقصته مع الغلام

دخل نفرٌ على عمر بن الخطاب يمتدحون عدله وقسطه، وشجاعته في قول الحق، وقوته على الباطل والمنافقين، وأنهم ما رأوا مثله أبداً، وأنه خير الناس بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقاطع عوف بن مالك -رضى الله عنه- كلامهم نافياً ذلك، وقال إنهم قد رأوا من هو خير؛ أبو بكر الصديق هو خير الناس بعد رسول الله، فكان رد عمر بأنه قد صدق، ووصفه بأنه أطيب من المسك في الوقت الذي تأخّر فيه حتى دخل في الإسلام.[٣]

وفي يوم شديد الحر كان يسير الصحابي الجليل عمر بن الخطاب واضعاً رداءه على رأسه، وكان في ذلك الوقت أمير المؤمنين وخليفة المسلمين، فمر بجانبه غلام على حمار، فطلب منه عمر -رضي الله عنه- أن يأخذه معه، فنزل الغلام عن حماره وأخبره أن يركب مكانه؛ فرفض وطلب منه أن يركب خلفه، ولم تنفع محاولات الغلام أن يقنعه بأنّ ذاك المكان غير مريح له، ودخل المدينة وهم على ذاك الحال.[٣]

تواضعه مع رعيته وجنده

حين قدم عمر بن الخطاب إلى الشام؛ دخلها في لباسٍ متواضع بسيط، وكان في استقباله البطارقة والجنود، فقالوا له أن يغيّر هيأته لأن البطارقة ينتظرونه، وهو خليفة المسلمين، وفي مركز ذو أهمية، فأجابهم: “إنا قومٌ أعزنا الله بالإسلام فلن نلتمس العز بغيره”.[٤]

وفي يوم قام الخليفة عمر -رضي الله عنه- وحدّد أعلى قيمة لمهر المرأة بأربعين أوقية مهما كانت هذه المرأة ذات شأن، وأن أي زيادة ستعود لبيت مال المسلمين، فوقفت امراة من بين النساء واعترضت على ما قاله الخليفة، فسألها عن ذلك، فقالت: قال الله -تعالى-: (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا).[٥][٦]

من هو عمر بن الخطاب؟

قبل الحديث عن تواضع الصحابي الجليل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لا بد من المرور على مناقبه ومكانته، وذكر بعض صفاته وميزاته -رضي الله عنه-، فقد كان إسلامه استجابة من الله لدعوة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، حين قال داعياً: (اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذين الرجلينِ إليك بأبي جهلٍ أو بعمرَ)،[٧] فكان عمر بن الخطاب أحب إلى الله، ومنذ أسلم تحول عداؤه الشديد للمسليمن إلى مناصرة وقوة لهم.

وكان -رضي الله عنه- ذو مكانة في قريش، وقد وافقه القرآن في أكثر من موضع؛ حيث نزلت آيات عدة توافق رأيه، وكان إذا سُئل الصحابة عن أفضل الناس بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأجابوا: أبو بكر، ثم عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم أجمعين-،[٨] وكان -رضي الله عنه- قوياً في قول الحق.[٩]

وقد بشّره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة؛ فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- فقال: (بيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذْ قَالَ: بيْنَا أنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي في الجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إلى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلتُ: لِمَن هذا القَصْرُ؟ قالوا: لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا. فَبَكَى عُمَرُ، وقَالَ: أعَلَيْكَ أغَارُ يا رَسولَ اللَّهِ)،[١٠] وقد أعز الله الإسلام والمسلمين بإسلام عمر-رضي الله عنه-.[٩]

خلاصة المقال: لم يكن الصحابي الجليل عمر بن الخطاب شخصاً عادياً، فقد كان ذا قيمة وقدر عظيمين، ولكن لم يمنعه ذلك من أن يتحلّى بأعظم الخصال والأخلاق، ومنها أنه كان -رضي الله عنه متواضعاً مع الناس جميعاً، ومع رعيته ومع جنده، ومع أصحاب الفضل، ومع من سبقوه بالإسلام.

المراجع

  1. عباس العقاد (2006)، عبقرية عمر (الطبعة 10)، القاهرة:نهضة مصر، صفحة 204.
  2. ^ أ ب “عمر بن الخطاب – تواضع عمر بن الخطاب”، طريق الإسلام، 2015-04-01، اطّلع عليه بتاريخ 2021/8/18.
  3. ^ أ ب علي محمد الصلابي (2005)، سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (الطبعة 1)، القاهرة:مؤسسة موقع اقرا، صفحة 117.
  4. يوسف عبد الهادي الدمشقي (1419)، محض الصواب في فضائل عمر بن الخطاب، المدينة المنورة:الجامعة الاسلامية، صفحة 590. بتصرّف.
  5. سورة النساء، آية:20
  6. جمال الدين الجوزي (1924)، تاريخ عمر بن الخطاب (الطبعة 1)، صفحة 150.
  7. رواه الزركشي (البدر)، في اللآلئ المنثورة، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:175، حسن.
  8. عبد السلام بن محسن آل عيسى (2002)، دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية رضي الله عنه (الطبعة 1)، المدينة المنورة:عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، صفحة 437-445، جزء 1. بتصرّف.
  9. ^ أ ب محمد حسن عبد الغفار، كتاب فضائل الصحابة، صفحة 3، جزء 4.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:3680، صحيح.






اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب