تعريف غريب الحديث

علم الحديث

إنّ الله تعالى أنزل القرآن الكريم ليكون هداية للبشر، وأنزله على الرّسول -عليه السّلام- ليكون معجزة له إلى يوم القيامة؛ لينادي به الأمّة إلى هداية الحقّ واتّباع رسالته السّمحة، كما أعطاه السّنّة النّبويّة لتكون شارحة للقرآن ومفصلة له، والدّليل على ذلك قوله تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}،[١] ومن الجدير بالذّكر أنّ طاعة الرّسول من طاعة الله لقوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا}،[٢] فيعرّف الحديث بأنّه: ما ورد عن الرّسول -عليه السّلام- من قول أو فعل أو تقرير أو صفة، وأمّا علم الحديث: هو العلم الذي يختصّ بدراسة سند الحديث ومتنه من حيث معرفة أحوال الرّواة، ودراسة متن الحديث للحكم عليه بالقبول أو الرّدّ، بالإضافة إلى التّعرُّف على أقسام علم الحديث؛ كالحديث الصّحيح والضّعيف والحسن وغيرها، وفي هذا المقال سيتمّ التّعرّف على قسم واحد من هذه الأقسام وهو: غريب الحديث وفوائد معرفته ومؤلفات عنه.[٣]

تعريف غريب الحديث

يتباعد النّاس مع مرور الزّمان عن الفصاحة واللّغة، ممّا يعني استحكام اللّغات الغربية على ألسنة النّاس، وحينها يتحتّم من العلماء وضع علم خاص ليوضّح الغريب من الألفاظ، ولهذا تمّ وضع علم مختصّ لمعرفة غريب الحديث، حيث أصبح فرعًا من فروع علم الحديث المختصّ بعلم الدّراية فقط دون الرّواية، لذلك يمكن تعريف غريب الحديث بأنّه: العلم الذي يبحث عمّا خفي عن ألسنة النّاس ومعرفتهم به من الألفاظ الغامضة ولا سيّما بعد أن تطرّق الفساد في المجتمع وانتشر انتشارًا كبيرًا ممّا أصبحت ألسنة النّاس في تراجع ملحوظ، ويُعنى هذا العلم بمعرفة جميع المفردات التي يتضمّنها الحديث التي كان تواجدها في متن الحديث قليلة؛ ليتمّ فهم الحديث فهمًا دقيقًا، وبعد ذلك يتمّ استنباط الحكم منه، ومن ثمّ عرض الحديث على أصحاب الرّواية بالمعنى، وتجدر الإشارة هنا أنّ الحديث في زمن الرّسول -عليه السّلام- لم تكن فيه ألفاظ غريبة، وإنّما ظهرت الألفاظ الغريبة بعد وفاة الرّسول،[٤] ومن الجدير بالذّكر أنّ علم غريب الحديث يختلف كليًّا عن علم الحديث الغريب، فالحديث الغريب هو: الذي يتعلّق بسند الحديث، ومعناه: انفراد سند الحديث براوٍ واحد سواء كان في طبقة واحدة من طبقات السّند أو بجميع الطّبقات، والخلاصة أنّ غريب الحديث يرتكز على الألفاظ الغريبة في متن الحديث، والحديث الغريب: يرتكز على سند الحديث وانفراد الرّاوي فيه.[٥]

الهدف من معرفة غريب الحديث

كما تبيّن سابقًا أنّ علم غريب الحديث يبحث عن الألفاظ الغريبة والغامضة التي يصعب على القارئ فهمها، وقبل الشّروع في الحديث عن الهدف من معرفة غريب الحديث، يجدر بالذّكر أنّ هذا العلم يترتّب عليه معرفة درجة المتن والحكم عليه من جهة، واستخراج الأحكام منه من جهة أخرى، ممّا يعني أنّ هذا العلم من العلوم التي شرحت الأحاديث مع تحرّي الدّقة والعلم الواسع، كما أنّه من علوم الفنون المهمّة للحديث كونه يسهَم في الجمع بين علم الرّواية وأسس ضبط الألفاظ وبالإضافة إلى تصحيح النّسخ ومعرفة روايات الحديث وألفاظه غير المفهومة كما أنّه يحتوي على علم اللّغة العربيّة وصرفها وبلاغتها، ويُضاف إلى ذلك أنّه مشتمل على علم الدّراية الذي يطّلع اطّلاعًا جزئيًّا على معاني الحديث، واطّلاع كلّى على أحوال الرّسول -عليه السّلام- والصّحابة.[٦]

فوائد معرفة الغريب ورشحه

إنّ من أهمّ فوائد معرفة علم غريب الحديث هي: تفسير الحديث ومعرفة جميع ألفاظه وتفسيرها تفسيرًا عميقًا، بالإضافة إلى تحديد الألفاظ التي لم يذكرها الرّسول -عليه السلام-، فربما تكون هذه اللّفظة أضيفت من قِبل راوٍ ليس بثقة، وهذه الفائدة من أهمّ فوائد هذا العلم، ومن الفوائد أيضًا: المحافظة على متن الحديث من التّصحيف والتّحريف، فاستعمال الحديث بألفاظه غير المُفسرة يُصبح أكثر عرضة للتّحريف بسبب قلّة استعمالها بين العوام؛ بسبب عدم الأنس بها كونها ألفاظ غريبة، والفائدة الأخيرة من فوائد معرفة الغريب هي: تحقيق الهدف المتصوّر من استعمال الألفاظ التي لم يأتِ بها الرّسول -عليه السّلام- وهو استخلاص الألفاظ التي صحّت عنه فقط لسهولة الحكم على الحديث.[٧]

مؤلفات في غريب الحديث

وبعد أن تمّ الحديث عن مفهوم غريب الحديث وفوائده، لا بُدّ من معرفة المؤلّفات التي عنيت في هذا العلم، حيث أعطاه العلماء اهتمامًا كبيرًا وجهدًا عظيمًا في مؤلّفاتهم، وتوصّلوا إلى دمج هذا العلم بعلم اللّغة العربيّة، فعلى صعيد المنجز من كتب اللّغة العربيّة، ظهر أثر كتب الغريب وفيما يأتي بيان البعض منها:

• النّهاية في غريب الحديث والأثر: لمؤلّفه المبارك بن محمد الجزري بن الأثير مجد الدّين أبو السّعادات، صُنّف كنوع من أنواع المعاجم.[٨]

• غريب الحديث: للمؤلّف، عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن الجوزي أبو الفرج، تمّ تصنيف كتابه على حروف المعجم، وأتى من غير إيغالٍ بالمقصود من حيث التّصريف والاشتقاق.[٩]
• الفائق في غريب الحديث: للمؤلّف محمود بن عمر الزّمخشري، رتّبه على حروف المعجم، فدمج الحرف الأول مع الثاني، فعلى سبيل المثال: كان يذكر الهمزة ثمّ يتبعها بحرف الباء.[١٠]
• تفسير غريب الحديث: للمؤلّف علي بن أحمد بن حجر العسقلاني، رتّب كتابه على حروف المعجم، حيث تكوّن من خمسة عشر فصلاً، وخصّص الفصل العاشر منها لألفاظ الحديث الغريبة التي رواها البخاري.[١١]
• المعجم المفصل في تفسير غريب الحديث: لمؤلّفه محمّد التونجي، يُعدّ هذا المعجم الثّالث من المعاجم التي جمعت كلمات الرّبّ المنزّلة وأحاديث الرّسول المرسلة.[١٢]
• بيان غريب مفردات وجمل متن عمدة الأحكام: للمؤلّف: صيته المغلوث، وهو كتاب صغير جدًّا مكوّن من ثلاثة وعشرين صفحة، حيث جمع فيها الألفاظ الغريبة الموجودة في متون كتاب: تيسير العلّام شرح عمدة الأحكام.[١٣]
• الدلائل في غريب الحديث: للمؤلف القاسم بن ثابت السرقسطي أبو محمد، أورد في كتابه الأحاديث التي فيها ألفاظ غريبة وبيّن هذه الألفاظ وترجم راوي الحديث، ولم يرتب كتابه على حروف المعجم.[١٤]

المراجع[+]

1. ↑ سورة النحل، آية:64
2. ↑ سورة المائدة، آية:92
3. ↑ “في التعريف العام بمصطلح الحديث “، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
4. ↑ “مقدمات عن غريب الحديث”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
5. ↑ “الحديث الغريب”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
6. ↑ “غريب الحديث”، www.ahlalhdeeth.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
7. ↑ “الحديث الغريب وعلم غريب الحديث”، www.iasj.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
8. ↑ “كتاب النهاية في غريب الحديث”، www.noor-book.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
9. ↑ “كتاب غريب الحديث”، www.noor-book.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
10. ↑ “كتاب الفائق في غريب الحديث”، www.noor-book.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
11. ↑ “تفسير غريب الحديث”، www.noor-book.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
12. ↑ “كتاب المعجم المفصل في تفسير الغريب”، www.noor-book.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
13. ↑ “كتاب بيان غريب مفردات وجمل متن عمدة الأحكام”، www.noor-book.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
14. ↑ “كتاب الدلائل في غريب الحديث”، www.noor-book.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.