X
X


موقع اقرا » تعليم » تعبير » تعبير عن الجار

تعبير عن الجار

تعبير عن الجار


أنواع الجار

الجار هو الشخص الذي يقطن قريبًا من منزل أي إنسان، وقد يرى الإنسان جاره أكثر مما يرى والداه، وذلك أنّ والداه قد يكونان في دولة أخرى أو في مكان آخر، أمّا الجيران فقد يلتقي بهم الإنسان كلّ يومٍ صباح مساء، وليس كل الجيران سواء فقد يكون جار الإنسان قريبه في نفس الوقت، كأن يسكن بعض الإخوة في بناء واحد فيكون الجار في هذه الحالة هو أخ في المقابل، وبذلك يكون له على جاره حقّ القرابة وحق الجوار، وما أجمل الجار في هذه الحالة عندما يكون قريبًا فتجتمع أواصر المحبة مع ألفة الأخوة وجمال العائلة.

فتتبادل العائلتان مع بعضهما ألوان الطعام والشراب وخاص ة في شهر رمضان المبارك، حيث ترقّ القلوب وتهفو النفوس إلى بعضها بعد ما كان طيلة أيّام العام، وأمَّا النوع الثاني من أنواع الجيران فهو الجارالجنُب ومعنى الجار الجنب أي: الجار المسلم ولكن الذي لا تربط الإنسان به أي قرابة، كحال الكثيرين وهنا يبرز دور الإسلام في تأليف الجيران مع بعضهم فتنتشر المحبة بين أواصر المجتمع، فيُهدى الجار لجاره الابتسامة دون أي قرابة تربط بينهما، وهنا تسمو الأخلاق الإنسانيَّة التي تجعل من الإنسان أخًا للإنسان بحقّ الجوار لا بحق الدّم أو بحق القرابة.

أمَّا النوع الثالث من أنواع الجيران فهو الجار الكافر القريب، مثل أن يكون للإنسان أخ غير مسلم أو ابن خالة أو قريب من العائلة ولكنَّ غير مسلم، وهنا يبرز دور قريبه المسلم في اتّباع الأساليب لدعوته إلى ربه عن طريق الإحسان إليه وملاطفته وإهداء الكلام الحسن له في المناسبات، ويحمل المسلم في هذه الحالة عبئًا أكبر على كاهله إذ إنّ أيّ تصرف سيُبدى منه سيُعزى للإسلام، وعلى ذلك لا بدَّ أن يكون فطنًا لتصرفاته وسلوكيَّاته.

أمَّا النوع الرابع من أنواع الجيران فهو الجار الكافر غير القريب، وهنا لا يكون له سوى حقّ الجوار، فلا هو مسلمٌ ليكون له حقّ الإسلام مع الجوار ولا هو قريب ليكون له حقّ القرابة بالإضافة لحقّ الجوار، وقد ذكر الله كل تلك الأنواع في كتابه العظيم في سورة النساء: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}.[١]

كانت وصية الله من فوق سبع سموات بالإحسان إلى الجار، ومَن تأمل الآية الكريمة لا ريب أنَّه سيلتمس اللطائف البلاغية والنحوية حين يرى أنَّ الله قد عطف حقه مع تلك الحقوق العظيمة، فكان حقه هو عدم الإشراك به، وأمَّا تلك الحقوق فهي مما عظُم عند الله تبارك وتعالى فأراد تنبيه عباده إليها.

حق الجار على جاره 

الجار هو الأخ الذي لم تلده الأم وهو جسر البيت لجاره فلا يُؤذيه ولا يُغضبه ولا يُثقل كاهله بما لا يطيق من الأمور، ولا بدَّ من الالتزام بوصايا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إكرام الجار والتّقرب منه والإحسان إليه، ومن أهم حقوق الجار على جاره أن يحسن إليه ويبادله الودّ والكلمة الطَّيبة فلا يعبس في وجهه ولا يقول له كلامًا غير لائق، وإنَّما يكون سندًا لبيته إذا غاب عن بيته فيحفظ له منزله ويساعد زوجته وأولاده ويحاول قدر استطاعته أن يكون مثل أبيهم.

من أبواب إكرام الجار لجاره أن يتفقّد أحواله ويتفطّن إلى كلام النبي -عليه الصلاة والسلام-وهو ينفي الإيمان عمّن يبيت شبعانًا وجاره إلى جنبه يعاني من ألوان الجوع وهو يعلم ذلك، فمسؤولية الجار تجاه جاره أن يتفقّد طعامه ولباسه إن كان موسر الحال، ولا يقول نفسي نفسي فإنّما هلكت الأمم السّابقة التي لم يهمها إلا نفسها، وتتمثّل الأخلاق الإيمانيّة للإنسان عندما يساعد جاره فيعلم حقّ العلم أنَّ المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضًا، فلا يكون ذلك البنيان قويًّا متينًا ما لم تكن عرى المحبة متينة لا تشوبها الأنانية.

فحقّ الجار على جاره أن يطمئن عليه ويشاركه أفراحه وأحزانه ويُساعده في أموره كلَّها، ولا بدّ للإنسان أن يتمثّل أعلى الأخلاق السّامية التي دعا إليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي التعاون، التعاون الذي يجعل من الجبل العظيم في عين أحدهم حصًى صغيرة في أعين الكثرة، فلا يُترك الجار يُعاني في قضاء حوائجه لوحده وقد شقّ عليه ذلك، بل الإسلام هو دين التّعاضد الذي دعا لأن يكون الجار لجاره كالأخ من الدّم، ولمَّا جاء المهاجرون إلى الأنصار في المدينة المنورة وكانوا لا يستطيعون أسباب الحياة تجلّت أعلى صور التعاون لما آخى بينهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إنَّ عهد المؤاخاة لم ينقض بموت النبي -عليه الصلاة والسلام والصحابة العظام، بل حريٌّ بالمسلم أن يتمثَّل ذلك الخلق العظيم مع أقرب النَّاس إليه وهو جاره.

من واجبات الجار تجاه جاره أن يحفظ عهده وأمانته ويحفظ أهله وعرضه فلا يُسيء إليهم، فتكون ابنة جاره كابنته يحفظها أمام النَّاس، فلا يذكرها بسوء ولا يدع أحدًا من النَّاس يذكرها بما لا يُحب أن تذكر أمامه به ابنته، وعليه أن يحفظ حرمات جاره فلا يتطلّع إلى ما لا يرضى أن يطلّع النَّاس عليه من بيته، وعليه أن يستر جاره فلا يذكر مشكلات جاره التي تحصل في بيته ويسمعها أمام النَّاس؛ إذ إنّ ذلك من الحرمات التي يجب حفظها، فكما يستر الله على عباده معاصيهم وذنوبهم فلا يجوز لأيّ كان أن يكشف ستر أخيه.

فضل الإحسان إلى الجار

لقد وصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالإحسان إلى الجيران، وذكر أنَّ إيذاء الجار واحد من الذنوب التي توجب الدخول إلى نار جهنم، وقد ورد في ذلك حديث شريف رواه الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه-، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “قال رجلٌ يا رسولَ اللهِ إنَّ فلانةً تُكثِرُ من صلاتِها وصدقتِها وصيامِها غيرَ أنَّها تُؤذي جيرانَها بلسانِها قال هي في النَّارِ قال يا رسولَ اللهِ فإنَّ فلانةً يَذكرُ من قلَّةِ صيامِها وصلاتِها وأنَّها تتصدَّقُ بالأثوارِ من الأقِطِ ولا تُؤذي جيرانَها قال هي في الجنَّةِ”.[٢]

في الإحسان إلى الجار طاعة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولله تعالى الذي بعث بجبريل -عليه السلام- يوصي النبي بالجار، حتَّى ظن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّه سيُصبح من الوارثين، أي من أقرباء الدرجة الأولى، عدا عن أنّ الإحسان إلى الجار يفتح من أبواب الرزق والسعادة الشيء العظيم، فيطيب المسلم خاطرًا عندما يُقدم على مدّ يد العون إلى جاره، وهل يمكن للإنسان أن يرسم في خياله علاوة عن الواقع صورة أجمل من ذلك التعاون الإنساني الذي يكون فيه المرء بطلًا يُسطّر بطولاته في ساحات الأخلاق.

هذه الدّنيا لا تدوم على أمرٍ واحد فمن يكون هو المتفضل في هذا اليوم قد يحتاج إلى أحدٍ يتفضّل عليه إذا ما دارت الأيّام وانقلبت الآيات، إنَّ الأخلاق هي الباب الأوّل الذي يمكن للإنسان أن يطرقه عنما يريد أن يُحسن من المعيشة في مجتمعه، ولا بدَّ للأهالي من أن تكون لهم يدٌ بيضاء في ذلك الأمر، بحيث يُعلمون أطفالهم مساعدة الجيران والإحسان إليهم ومن يُنشّأ وفي داخله تلك الصفة الطَّيبة لا تقتصر فقط على الجيران، بل تُصبح صفة المساعدة متأصلة في ذاته حتَّى يكون كحمامة السلام البيضاء التي يستبشر النَّاس برؤيتها.

إنَّ فضل الإحسان إلى الجار يمتدّ بشكل كبير حتى يُصلح المجتمع بأكمله، ويجعل من الإنسان صورة مثالي يقتفي أثرها النَّاس، ويرفع من شأن الدولة، ولا ريب أنَّ كلّ الدول الآن سواء كانت العربيّة أم الأجنبيّة باتت تولي للأخلاق جانبًا مهمًا في تعاملاتها، ومع أنَّ لإسلام قد حرّم الأذى تجاه أيٍّ من النَّاس إلا أنَّه جعل إيذاء الجار وإلحاق الضرر به أشد إثمًا؛ لأنَّ النفوس الطَّيبة تأبى أن تُؤذي من تقاسمه حياتها، ويكره الإنسان أن يلحق به البشر أي نوع من أنواع الأذى، فكيف يرضى بذلك لجاره؟

بعد كل هذا الكلام حريٌّ بالإنسان العاقل أن ينتبه إلى جيرانه فيكون تلك العين السَّاهرة التي تأمل دائمًا من الله تعالى أن يُجازيها أحسن الثواب على عطفها على جيرانها، فالجار هو الصديق القريب والأخ الحنون والأم الحاضرة على الدوام والأب العظيم، ومن يظن غير ذلك فإنَّه لن يحصد سوى الخيبة والخسارة من حياته الدنيا.

لقراءة المزيد، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: موضوع تعبير عن حقوق الجار.

المراجع[+]

  1. سورة النساء، آية: 36
  2. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:321، حديث إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب