X
X


موقع اقرا » تعليم » تاريخ » تاريخ العصور المظلمة

تاريخ العصور المظلمة

تاريخ العصور المظلمة


كريستوف سيلاريوس

كان الألماني كريستوف سيلاريوس المولود في 22 تشرين الثاني 1638م والمتوفّى في 4 حزيران 1707م باحثًا كلاسيكيًا، ويعود له الفضل في تقسيم التاريخ، فعلى الرغم من أن تقسيم التاريخ القديم والعصور الوسطى والحديث كان قد استُخدم فيما مضى من قبل علماء عصر النهضة الإيطاليين مثل ليوناردو بروني وفلاڤيو بيوندو، إلا أن تاريخ سيلاريوس العالمي الذي قسَّم التاريخ إلى العصور القديمة والعصور الوسطى والعصر الحديث ساعد في نشرها، وقد أصبح هذا التقسيم الثلاثي قياسيًا من بعده، وتكريمًا لسيلاريوس فقد تم طلاق اسمه على مكتبة جامعة العلوم التطبيقية في شمالكالدن الألمانية. وفي هذا المقال سيتم التعرف على تاريخ العصور المظلمة وأين يقع في تقسيمات التاريخ.[١]

العصور الوسطى

في تاريخ أوروبا فإن العصر الوسيط أو فترة العصور الوسطى تبدأ من القرن الخامس حتى القرن الخامس عشر، وقد بدأت العصور الوسطى بسقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية واندمجت مع عصر النهضة وعصر الاستكشاف، وهي الفترة الوسطى من التقسيمات التقليدية الثلاثة من التاريخ الغربي: العصور القديمة الكلاسيكية وفترة العصور الوسطى والفترة الحديثة، والعصور الوسطى نفسها تنقسم إلى ثلاثة أقسام العصور الوسطى المبكرة والعصور الوسطى العالية أو الحاسمة والعصور الوسطى المتأخرة.[٢]

ويميل المؤرخون في البلدان الناطقة بالرومانسية -المستمدة من اللاتينية- إلى تقسيم العصور الوسطى إلى قسمين، العصور الوسطى العُليا والدُّنيا -سابقة ولاحقة- أما المؤرخون الناطقون بالإنجليزية فيتبعون نُظراءهم الألمان ويقسمون العصور الوسطى إلى مبكّرة وعالية ومتأخرة، في القرن التاسع عشر غالبًا ما كان يُطلق على العصور الوسطى كاملةً اسم العصور المظلمة، لكن مع اعتماد التقسيمات الثلاثة اقتصر مصطلح العصور المظلمة على العصور الوسطى المبكرة على الأقل بين المؤرخين، وسيتم تناول تاريخ العصور المظلمة كاملةً لفهم أعمق لهذه الحقبة.[٢]

العصور الوسطى المبكرة 400م – 999م

يعتَبِر المؤرخون عادةً العصور الوسطى المبكرة -والتي يشار إليها أحيانًا بتاريخ العصور المظلمة- أنها الفترة من القرن الخامس أو السادس حتى القرن العاشر، وقد شهدت هذه الفترة استمرارًا لاتجاهات واضحة منذ العصور الكلاسيكية المتأخرة، والتي تتضمن انخفاض عدد السكان خصوصًا في المناطق الحضرية وتراجع التجارة وارتفاع بسيط في الاحتباس الحراري وزيادة الهجرة، وكان يشار إلى العصور الوسطى المبكرة بتاريخ العصور المظلمة بسبب ندرة الإنتاج الأدبي والثقافي خلال هذه الفترة.[٣]

وخلال تاريخ العصور المظلمة استمرت الإمبراطورية الرومانية الشرقية أو الإمبراطورية البيزنطية على الرغم من أن الخلافة الراشدة والخلافة الأموية كانت قد غزت مساحات من الأراضي البيزنطية، وقد عكست العديد من الاتجاهات المدرجة لاحقًا في هذه الفترة، ففي عام 800م تم إحياء لقب إمبراطور في أوروبا الغربية مع شارلمان -إمبراطور الإمبراطورية المقدسة وملك الفرنجة- وقد أثرت الإمبراطورية الكارولنجية -يستخدم هذا المصطلح أحيانًا للإشارة إلى إمبراطورية الفرنجة- على التاريخ الأوروبي وهيكله الاجتماعيّ لاحقًا.[٣]

شهدت أوروبا في تاريخ العصور المظلمة المبكرة العودة إلى الزراعة المنهجية على شكل نظام إقطاعي، والتي اعتمدت على ابتكارات مثل نظام الحقل الثلاثي والمحراث الثقيل، وقد استقرت الهجرة البربرية في معظم أوروبا على الرغم من أن انتشار الڤايكنع قد أثر بشكل كبير على شمال أوروبا، وقد شهد تاريخ العصور المظلمة خلال هذه الفترة العديد من الأحداث، فبالإضافة لسقوط روما كان هناك فترة الهجرة، فالقوط والڤاندال كانوا من أولى الجماعات العديدة من الشعوب الذين غمروا غرب أوروبا في غياب الحكم الإداري، فقط عاش بعضهم فقط لأجل الحرب والنّهب.[٣]

وبعد تفكّك الإمبراطورية الرومانية هدفت الإمبراطورية الرومانية الشرقية إلى الاحتفاظ بالسيطرة على طرق التجارة بين أوروبا والبلدان الشرقية، ممّا جعلها أغنى دولة في أوروبا، وقد تأثر تاريخ العصور المظلمة أيضًا بظهور الإسلام في القرن السابع وأثر على التاريخ البيزنطي بشكل كبير فقد امتدت الفتوحات الإسلامية إلى مساحات شاسعة، وتعد ولادة الغرب اللاتيني من الأمور المؤثرة في تاريخ العصور الوسطى المبكرة فبسبب مجموعة مُركبة من الأسباب بدأت الظروف في أوروبا الغربية بالتحسن بعد عام 700م، أما عصر الڤايكنج فيمتد من أواخر القرن الثامن تقريبًا ومنتصف القرن الحادي عشر في الدول الإسكندنافية وبريطانيا.[٣]

وقد استكشف الڤايكنج والمحاربون الإسكندنافيون معظم أجزاء أوروبا وجنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا وشمال شرق أمريكا الشمالية، وقد شهد بداية العصور المظلمة الفرق في الثقافة بين أوروبا الغربية وأوروبا الشرقية شمال البحر الأبيض المتوسط، وبالانتقال إلى الشرق الأوسط خلال تاريخ العصور المظلمة يتبيَّن بأن هذه الفترة كانت عصرًا ذهبيًا للعرب والمسلمين، ففي عهد الخلافة العباسية أسهم فلاسفة العصر الذهبي الإسلامي والعلماء والمهندسين في العالم الإسلامي بشكل هائل في التكنولوجيا من خلال الحفاظ على التقاليد السابقة مع إضافة اختراعاتهم وأفكارهم الجديدة، حيث إن إنجازاتهم العلمية والفكرية ازدهرت خلال هذه الفترة.[٣]

العصور الوسطى العليا 1000م – 1250م

كانت العصور الوسطى العالية أو الحاسمة فترة من تاريخ العصور المظلمة الأوروبية وقد بدأت من عام 1000م تقريبًا حتى عام 1250م، وتشمل الاتجاهات التاريخية الرئيسة في العصور الوسطى العالية النمو السكاني السريع الذي تسبب في إحداث تغييرات اجتماعية وسياسية، شهدت أوروبا آخر العزوات البربرية بحدود عام 780م تقريبًا وأصبحت أكثر تنظيمًا سياسيًا واجتماعيًا، كما وقاد عصر النهضة الكاورلنجية -أول نهضة من العصور الوسطى الثلاثة وكانت من أواخر القرن الثامن إلى القرن التاسع- إلى النشاط العلمي والفلسفي في شمال أوروبا.[٤]

بحلول عام 1000م من تاريخ العصور المظلمة أصبحت مملكة المجر المسيحية دولة معترف بها في أوروبا الوسطى التي كانت تشكل تحالفات مع قوى إقليمية، وخلال القرن الحادي عشر بدأت مستوطنات سكان شمال جبال الألب أكثر كثافة واستهدفوا أراضٍ جديدة وتحرَّرت بعض المناطق بعد زوال الإمبراطورية الرومانية الغربية ويعرف هذا التحرر باسم الخلاص العظيم -وهو تطهير غير مسبوق للأراضي- فقد توسعت الزراعة في البرية وتم تطهير وزراعة بعض الغابات الشاسعة التي تقع في القارة، وفي الوقت نفسه انتقل المستوطنون إلى أبعد من الحدود التقليدية لإمبراطورية الفرنجة إلى حدود جديدة وراء نهر إلبه، مما ضاعف من مساحة ألمانيا ثلاث مرات، كما واستدعت الكنيسية الكاثوليكية التي وصلت إلى قمة قوتها السياسية في ذلك الوقت الجيوش من أوروبا إلى سلسلة من الحروب الصليبية ضد السلاجقة الأتراك، واحتل الصليبيون الأراضي المقدسة وأسَّسوا الدول الصليبية في المشرق، وقادت الحروب الأخرى إلى حروب صليبية شمالية.[٤]

كما أخذت الممالك المسيحية الكثير من شبه الجزيرة الأيبيرية التي كانت خاضعة لسيطرة المسلمين، وغزت النورمان جنوب إيطاليا وكل المستوطنات ومناطق الزيادات السكانية الرئيسة في تلك الحقبة، وبحلول عام 1250م من تاريخ العصور المظلمة فإن الزيادة السكانية الكبيرة كانت قد أفادت الاقتصاد الأوروبي بشكل كبير، كما ووصلت الزيادة السكانية إلى مستويات لم يتم رؤيتها مرةً أخرى في بعض المناطق حتى القرن التاسع عشر، وقد تعثر هذا الاتجاه خلال العصور الوسطى المتأخرة بسبب سلسلة من الأحداث -وبشكل كبير الموت الأسود- بالإضافة إلى الحروب المتعدّدة والركود الاقتصادي.[٤]

العصور الوسطى المتأخرة 1250م – 1500م

كانت العصور الوسطى المتأخرة هي الفترة الواقعة من 1250م حتى 1500م، فمع حلول عام 1300م تقريبًا توقفت قرون من الازدهار والنمو في أوروبا، حيث إن المجاعات والأوبئة بالإضافة إلى المجاعة الكبرى عام 1315م – 1317م والموت الأسود أدت إلى انخفاض عدد السكان إلى النصف تقريبًا عما كان عليه العدد قبل المصائب، ومع انخفاض عدد السكان جاءت الاضطرابات الاجتماعية وحروب الاستيطان، فقد شهدت كل من فرنسا وإنجلترا في تاريخ العصور المظلمة انتفاضات خطرة من الفلاحين، إضافةً إلى ذلك حرب المائة عام والعديد من المشاكل خلال هذه الفترة، فقد تحطمت وحدة الكنيسة الكاثوليكية مؤقتًا بسبب الانقسام الغربي.[٥]

جميع هذه المشاكل مجتمعة يطلق عليها أحيانًا أزمة العصور الوسطى المتأخرة، وعلى الرغم من الأزمات التي شهدتها أوروبا خلال تلك الفترة إلا أن القرن الرابع عشر كان أيضًا فترة تقدم عظيم في الفنون والعلوم، فبعد تجدد الاهتمام بالنصوص الرومانية واليونانية القديمة والتي تجذَّرت في العصور الوسطى العالية بدأ عصر النهضة الإيطالية، فقد بدأ استيعاب النصوص اللاتينية قبل عصر النهضة في القرن الثاني عشر من تاريخ العصور المظلمة من خلال الاحتكاك مع العرب خلال الحروب الصليبية، لكن الاستيلاء على القسطنطينية من قبل العثمانيين الأتراك سارع في إتاحة النصوص اليونانية المهمة، عندما كان العديد من العلماء البيزنطيين يبحثون عن ملاجئ في الغرب وخصوصًا إيطاليا.[٥]

الكنيسة في العصور الوسطى

خلال آلاف السنين من تاريخ العصور المظلمة -العصور الوسطى- ومنذ سقوط روما حتى عصر النهضة نضجت البابوية وثبَّتت نفسها كسلطة بارزة على الكنيسة، واتخذت الحياة الدينية أشكالًا جديدة وإصلاحات وقام المبشرون بتوسيع الحدود الجغرافية للإيمان، ومن أكثر الأمثلة دراماتيكية على هذا النشاط التبشيري محاولة استعادة الأراضي المقدسة بالقوة خلال الحروب الصليبية، لكن تم القيام ببعثات أقل عنفًا في أوروبا الوثنية والعالم الإسلامي، وكانت البعثات الإنجيلية تؤدَّى في كثير من الأحيان من قبل الرهبان الذين حافظوا على التقاليد في التعليم الكلاسيكي والمسيحي طوال تاريخ العصورالمظلمة.[٦]

بعد عام 1000م ومن قبل المدارس الكاتدرائية تم إحلال المراكز الثقافية بدلًا من الأديرة، ونشأت أشكال جديدة من المعرفة، ليتم استبدال مدارس الكاتدرائية بالجامعات التي روَّجت لتعلم الكاثوليكية، والغريب في الأمر أنها كانت مستوحاه من خلال انتقال أعمال أرسطو بواسطة العلماء العرب، كما أن المدارس الدينية والأنظمة اللاهوتية والفلسفية التي تم تطويرها من قبل أسياد العصور الوسطى سيطرت على الفكر الكاثوليكي الروماني في القرن العشرين وساهمت في تشكيل التقاليد الفكرية الأوروبية، ومع زيادة الجامعات تم تأسيس البنية الثلاثية للطبقات الحاكمة في المسيحية وهي السلطة السياسية والسلطة الكُنسية والسلطة الفكرية، ومبدأ استقلال كل فئه من هذه الفئات عن الأخرى على صعيد السلطة كان له عواقب مستمرّة في أوروبا.[٦]

الأدب والاختراعات في العصور الوسطى

أكثرالأدب المكتوب خلال العصور الوسطى كان مكتوبًا بما يُعرف بالإنجليزية الوسطى، على الرغم من أن اللاتينية والفرنسية كانتا مستخدمتين بالاعتماد على نوع النص، إلا أن استخدمهما كان يتم في الكنيسة والقانون، وكانت التهجئة والقواعد غير متناسقة في هذه الكتابات المبكرة مما قد يجعلها صعبة للقراءة، وحتى مع ابتكار الطباعة عام 1410م إلا أن أمورًا مثل الإملاء لم تصبح موحدة، والعديد من الأدب المُبكر خلال تاريخ العصور المظلمة كان يتألف من الخطب والصلوات وحياة القديسين والوعظ الديني، والأشخاص المثقفين الذين يعرفون القراءة والكتابة خلال تلك الفترة كانوا من الحكومة أو الكنيسة ، وكان الرهبان في أغلب الأحيان هم من يؤلفون الكتب والمخطوطات وكانت تتطلب الكثير من الوقت والجهد، ولأن كل شيء كان يُنجز يدويًا كان إنتاج الكتب باهظ الثمن.[٧]

لذا، لو تمكَّن تاجر لندن في العصور الوسطى أن يقرأ فإن حصوله مكتبة شخصية من الكتب المصنوعة يدويًا ستكون خارج قدرته الشرائية، ومع ذلك ومع نمو الطبقة المتوسطة وتوسع معرفة القراءة والكتابة في العصور الوسطى المتأخرة، إلا أن الناس قد يمتلكون كتاب الساعات -كتاب تعبُّدي مسيحي كان شائعًا في العصور الوسطى- من صنع الناسخين والحرفيين المهرة، ومن أكثر المواضيع التي كانت شائعة في الأدب في تاريخ العصور المظلمة -العصور الوسطى- هي الحب الذي شدد على النبلاء والفروسية، وأساطير آرثر الذي ظهر أول مرة في الأدب اللاتيني في تاريخ المولوك البريطانيين عام 1147م، وقد ظهرت في هذه الفترة العديد من الأعمال مثل اللؤلؤة والسيد جوين والفارس الاخضر وهذان العملان لمؤلفين مجهولين، وبرلمان الطيور من عمل جيوفري تشوسر.[٧]

على الرغم من أن معظم كتب التاريخ تسمّي هذه الفترة من العصور بتاريخ العصور المظلمة؛ لأنها تعكس ركودًا في التعليم والثقافة وقلة المعرفة في القراءة والكتابة، إلا أنه في الحقيقة كان هناك الكثير من الاختراعات والإضاءات خلال هذه الفترة، كما أن هذه الفترة من التاريخ عُرفت بفترة المجاعات والأوبئة والحروب والفترة الأكبر في إراقة الدماء كانت خلال الحروب الصليبية، وكانت الكنيسة هي القوة العظمى في الغرب وكان رجال الدين هم الفئة الأكثر تعليمًا، وعلى الرغم من قمع المعرفة والتعلم إلا أن العصور الوسطى استمرت لتكون فترة مليئة بالاكتشافات والابتكارات خاصةً في الشرق الأقصى، والكثير من الاختراعات ظهرت من الثقافة الصينية وذلك من الفترة 1000م إلى 1400م.[٨]

من هذه الابتكارات العملات الورقية والمعدنية حيث طُبعت أول ورقة نقدية حكومية في الصين عام 1023م، ومن الابتكارات أيضًا النوع المنقول من الطباعة فعلى الرغم من أن الطباعة تنسب لجوهانس جوتينبيرج إلا أنها في الحقيقة اختراع صيني من قبل المخترغ بي شينغ حوالي عام 1045م، وهناك العديد من الاختراعات خلال هذه الفترة مثل البوصلة المغناطيسية وأزرار الملابس ونظام الترقيم والبندقية والبارود، والنظارة الطبية حوالي 1268م في إيطاليا، والساعة الميكانيكية حوالي 1280م في أوروبا، وطواحين الهواء وصناعة الزجاج، ومنشرة صناعة السفن عام 1328م، لذا فالأجيال المستقبيلية بنت اختراعاتها بالاعتماد على اختراعات الماضي التي كان بعضها مبهمًا للناس في العصور الوسطى.[٨]

الموت الأسود

كان الموت الأسود وباءً عالميًا مدمرًا من الطاعون الدُّملي الذي فتك في كل من أوروبا وآسيا في منتصف القرن الرابع عشر من تاريخ العصور المظلمة، وصل الطاعون إلى أوروبا في تشرين الأول 1347م عندما رست 12 سفينة من البحر الأسود على ميناء ميسينا في صقلية، قوبل الناس المتجمعين على الميناء بمفاجأة مرعبة فقد لقي معظم البحارة الذين كانوا على متن السفينة حتفهم، وأولئك الذين لا زالوا على قيد الحياة كانوا يعانون من مرض خطير وكانت أجسادهم مليئة بالدمامل السوداء التي تنزف دمًا وقيحًا، وأمرت السلطات الصقلية بسرعة كبيرة أسطول سفن الموت بالخروج من الميناء فورًا.[٩]

لكن الأوان كان قد فات، فعلى مدار الخمس سنوات المقبلة قتل الموت الأسود في تاريخ العصور المظلمة أكثر من عشرين مليون شخص في أوروبا أي ما يعادل ثلث سكان القارة، ولم يستغرق الموت الأسود وقتًا طويلًا حتى ينتشر، فقد انتشر هذا الوباء إلى ميناء مرسيليا في فرنسا وميناء تونس في شمال إفريقيا، ثم وصل إلى روما وفلورنسا، وبحلول عام 1348م ضرب الموت الأسود كل من باريس وبوردو وليون ولندن، ولأن سبب المرض لم يكن معروفًا اعتقد الكثير من الناس بأن هذه الوباء عبارة عن عقاب إلهي، وبدأ وباء الموت الأسود بالزوال تدريجيًا عام 1350م تقريبًا بسبب الأنظمة الصحية الحديثة التي تم اتباعها.[٩]

الاقتصاد والمجتمع في العصور الوسطى

كانت الحياة الريفية في تاريخ العصور المظلمة محكومة بنظام يسميه العلماء بالنظام الإقطاعي، ففي المجتمع الإقطاعي منح الملك قطعًا كبيرة من الأراضي تسمى الإقطاعات للنبلاء والأساقفة، وكان الفلاحين الذين لا يملكون أراضٍ والمعروفين باسم الأقنان يقومون بمعظم الأعمال على هذه الإقطاعات، فكان هؤلاء الفلاحين يقومون بزراعة وحصد المحاصيل وتقديم معظمها إلى مالك الأرض، ومقابل عملهم سُمح لهم بالعيش على الأرض، وخلال القرن الحادي عشر بدأت الحياة الإقطاعية تتغير، فقد جعلت الابتكارات الزراعية مثل المحراث الثقيل والحقل الثلاثي الزراعة أكثر كفاءة وإنتاجية و كان العدد المطلوب من عمال المزارع قليلًا.[١٠]

وبفضل تحسن وتوسع الإمدادت العذائية ازداد عدد السكان، ونتيجة لذلك زاد تدفق الناس إلى المدن، وفي ذات الوقت وسعت الحروب الصليبية طرق التجارة إلى الشرق مما سمح للأوروبيين باستهلاك السلع المستوردة مثل النبيذ وزيت الزيتون والمنسوجات الفاخرة، ومع تطور الاقتصاد التجاري ازدهرت المدن التي تمتلك الموانئ بشكل خاص ، وبحلول عام 1300م تقريبًا كان هناك 15 مدينة أوروبية تقريبًا يزيد عدد سكانها عن 50000 نسمة، وفي هذه المدن ولد عصر جديد وهو عصر النهضة لكنه لم يكن نهضة كاملة فقد كان له جذور من عالم العصور الوسطى.[١٠]

على حافة عصر النهضة

بحلول القرن الرابع عشر أصبحت الحياة في المدن الكبيرة أكثر تطورًا، حيث بدأ العمال بتنظيم أنفسهم في نقابات، أو منظمات من أصحاب التجارة المماثلة لممارسة تجارة معينة وقام أصحاب المتاجر من الطبقة المتوسطة الصغيرة بفتح المخازن، وكانت العائلة المالكة لا تزال في صدارة الحياة الإجتماعية، إلا أن عددًا أكبر من الناس أصبح بمقدورهم الوصول إلى المال أكثر من أي وقت مضى، وبدأت المجتمعات النامية بإعادة اكتشاف التعلم وأنشأت أول جامعة لدعم التعليم، وقد بشرت هذه التغييرات لعصر جديد في التاريخ سمي بعصر النهضة وذلك بسبب نهضة العلم والمجتمع المدني.[١١]

المراجع[+]

  1. “Christoph Cellarius”, www.wikiwand.com, Retrieved 18-10-2019. Edited.
  2. ^ أ ب “Middle Ages”, www.wikipedia.org, Retrieved 19-10-2019. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ” Early Middle Ages”, www.wikiwand.com, Retrieved 19-10-2019. Edited.
  4. ^ أ ب ت “High Middle Age”, www.wikiwand.com, Retrieved 20-10-2019. Edited.
  5. ^ أ ب “Late Middle Ages”, www.wikiwand.com, Retrieved 20-10-2019. Edited.
  6. ^ أ ب “Roman Catholicism”, www.britannica.com, Retrieved 20-10-2019. Edited.
  7. ^ أ ب “Introduction to Medieval Literature”, www.thoughtco.com, Retrieved 21-10-2019. Edited.
  8. ^ أ ب “Invention Highlights During the Middle Ages”, www.thoughtco.com, Retrieved 21-10-2019. Edited.
  9. ^ أ ب “Black Death”, www.history.com, Retrieved 21-10-2019. Edited.
  10. ^ أ ب “Middle Ages”, www.history.com, Retrieved 21-10-2019. Edited.
  11. “Europe in the Middle Ages”, www.encyclopedia.com, Retrieved 21-10-2019. Edited.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب