X
X


موقع اقرا » إسلام » تعاليم الإسلام » المساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام

المساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام

المساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام


مفهوم المساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام

ما الفرق بين العدل والمساواة؟

المساواة هي المصدر من الفعل ساوى، وساوى بين الأمرين إذا جعلهما متماثلين تمامًا،[١] والمطلوب في المساواة بين الرجل والمرأة هو أن يكونا متماثلين تمامًا في الحقوق والواجبات دون مراعاة الفروقات التي خلق الله -تعالى- عليها كلًّا منهما، ولكن لأنّ الإسلام هو دين العدل فإنّه لا ينظر للأمور من زاوية واحدة؛ لأنَّ التشريع فيه إلهي يتنزّل من فوق سبع سموات فقال تعالى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ}.[٢][٣]

فالعدل الإلهي يقضي أن يُكمل كلٌّ منهما الآخر بقوانين عادلة شرعها لهما، بحيث يُقام كلٌّ منهما في المكان المخصص له في المجتمع، فلا يأخذ أحدهما دور الآخر ويبقى مكانه فارغًا، قال تعالى في سورة النساء: {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}،[٢] وكما لكل إنسانٍ حقوق فعليه واجبات يجب أن يؤديها تأدية كاملة كما أمر الله تعالى.[٣]

مظاهر المساواة بين الرجل والمرأة

كيف يتجلى العدل بين الرجل والمرأة؟

الحماية والأمان

لقد كرَّم الله الإنسان دون النظر إلى جنسه أو إلى عرقه أو لونه أو انتمائه، بل كرمه لبشريّته المحضة قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}،[٤] فلم يختص الكلام بالرجل دونًا عن المرأة، وقد كفل الله -تعالى- للجنسين أن يعيشا بأمان واستقرار؛ فعصم دماءهما بشرعِهِ ما لم يأتيا بذنب يُريق الدماء، ومن أخلّ بذلك النظام الذي شرعه الله كان من الظالمين، وورد في ذلكحديث قدسي رواه أبو ذر الغفاري: “يا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا”،[٥] فضمن الإسلام حقّ العيش بأمان للمرأة كما للرجل فلا يُهضم لها شيء باسم العادات.[٦]

الجزاء في الدنيا والآخرة

لقد ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في الجزاء في الدنيا والآخرة، فليس أحمدهما مكلف بتطبيق الشريعة الإسلامية والآخر معفيٌّ من ذلك، قل تعالى في سورة النحل: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}،[٧] فالمرأة مكلفة في التعاليم الشرعية كما الرجل تمامًا،[٨] ولو خالفت المرأة التعاليم الشرعية فتُحاسب كما يُحاسب الرجل لا أقلّ منه ولا أكثر، مثل أنّها لو أتت بجرم القتل فتنطبق الأحكام عليها كما عليه قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.[٩][٦]

القيام بالعبادات والأعمال الصالحة

إنَّ القيام بالأعمال الصَّالحة مهمة منوطة بالرجل والمرأة على حدٍّ سواء، فيقع على عاتق وليّ الأمر أن يُعلم ابنته الصلاة من السابعة كما الذكَر تمامًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مُرُوا أولادَكُمْ بالصَّلاةِ وهُمْ أبناءُ سبْعِ سِنينَ، واضْرِبُوهُمْ عليها وهُمْ أبناءُ عَشْرٍ”،[١٠] وقد كلّف الإسلام المرأة كما كلَّف الرجل بالأعمال المنوطة بهم بعد البلوغ من الصيام والزكاة والحج وغيرها من العبادات والأحكام الشرعية التي ليس لأحد أن يمنع منها أي أحد؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.[٨]

وكذلك فالمرأة مطالبة أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر كما الرجل مأمور بذلك، قال تعالى في سورة التوبة: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ ۗ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}،[١١] وذكر أهل العلم أنَّه إذا غشيت البلاد حربًا وهاجم العدو المدينة كان الجهاد فرض عينٍ على المرأة كما على الرّجل، وعليها أن تخرج دون إذنٍ من زوجها؛ لأنَّ حق الفرض العين هو أعلى من حق الرجل كما أجمع الفقهاء والعلماء.[٨]

توفر فرص الوصول إلى سبل الحياة الكريمة

شرَّع الإسلام للمرأة حقوقًا تضمن لها حياة كريمة ولا يجوز لأحد أن يسلبها حقوقًا وهبها الله إياها، وكذلك فمن حقها أن تتوفر لها فرص العمل والعلم كما للرجل، وكذلك فلها حق القضاء العادل الذي ينصفها دون التطلع إلى جنسها، ولها الحق في أن تتوفر لها سبل الحياة الكريمة من مسكنٍ وملبسٍ ومشربٍ وغذاء وغيرها من الأمور، ولها الحق في اختيار الرجل الذي تريد فلا يغصبها أحد ولا يتم العقد إلا بموافقتها، ولها الحق في الضمان الاجتماعي سواء كان ذلك عند العجز أو الحاجة؛ فالإسلام لم يحرّم أمرًا على المرأة ويحلله للرجل.[٦]

الحصول على التعليم

لقد نادت الشرائع السماوية بحق المرأة في التعلم والتفقه، ولم يلتفت الإسلام إلى العادات البالية التي جعلت من المرأة سلعة تُباع وتشترى، فها هي السيدة عائشة -رضي الله عنها- تأخذ الأمّة عنها علمها، وكذلك فقد اجتهدت في كثيرٍ من الأحكام الفقهية، وأخذ عنها العلماء الأفاضل علمهم وفسّرت من آيات القرآن الكريم ما استُغلق فهمه على كُتُر منهم، وكانت على علم بأنساب العرب والشعر وغيرها، فقد شجّع الإسلام على تعليم النساء ولو كُنّ من الجواري، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث عن ثلاثة لهم أجران فذكر منهم: “ورَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أمَةٌ فأدَّبَهَا فأحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وعَلَّمَهَا فأحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أجْرَانِ”.[١٢][١٣]

المشاركة في الحياة السياسية

لقد عزَّز الإسلام موقف المرأة السياسي فكانت مشاركة فيه، وقد اتّضح ذلك عند مبايعة النساء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ عليهنَّ العهد كما أخذه على الرجال، وورد ذلك في كتاب الله عز وجلّ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ۙ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ ۖ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}،[١٤] فهذا العهد بمثابة خطة سياسة واجتماعيّة شاركت فيها المرأة وأبدت موافقتها دون أي ضغوطات خارجية بل كان ذلك برأيها الكامل وحريتها الكاملة.[١٥]

مطالبة الجنسين بأداء الواجبات

إنَّ المرأة في ميزان الإسلام العادل مطالَبَةً بالواجبات كما الرّجل تمامًا، فخصّها الله -تعالى- بنفس التكاليف الشرعية التي خصّ بها الرجل، فقال الله تعالى في سورة غافر: {مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا ۖ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ}،[١٦] فكان خطاب الله لهما معًا،[١٧] ولكن تختلف الواجبات الدنيوية بين المرأة والرجل، فالرجل مطالب بالنفقة على المرأة سواء كانت تلك المرأة زوجةً أم بنتًا أو أمًّا، وواجب المرأة في المجتمع هو الاهتمام ببيتها وأسرتها وزوجها، وتنشئة ذرية صالحة تتحمل أعباء الدين، وذلك يُبيّن أنَّ الواجبات موجودة في أصلها لكنّها تختلف تبعًا لطبيعة كل منهما.[١٨]

مطالبة الجنسين بحسن المعاشرة

إنَّ أمر الله بحسن المعاشرة كان للرجل والمرأة على حدٍّ سواء، فزورق الحياة لا يسير إلا بحسن القيادة وطيبها، فالمرأة مأمورة بحسن معاشرة زوجها فلا تُبذِّر ماله ولا يرى منها ما لا يحب، ومن حسن معاشرتها أن تراعيه في أموره كلها فلا تُكلفه ما لا يطيق من الأعباء مجاراة لقريباتها ممن يحظين بأفضل ما تحظى به، وكذلك من حسن معاشرة الرّجل للمرأة أن يسمع لشكواها، ولها أن تبدي رأيها في شؤون البيت وله أن يسمع ويأخذ بمشورتها حال كانت صوابًا.[١٩]

وكذلك فقد كانت نساء النبي -عليه الصلاة والسلام- يُراجعنه في أمور كثيرة كما يظهر في قصة مراجعة زوجة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومن حسن المعاشرة أيضًا أنّ الرجل لو رأى من المرأة ما يكره أن يصبر على ذلك، فلا ينطق بالطلاق بل يحاول أن يجد مخرجًا معها.[٢٠]

ضوابط التفريق بين الرجل والمرأة في بعض المجالات

لقد فرق الإسلام بين الرجل والمرأة في بعض المجالات، وليس ذلك لمنقصة منها بل لبعض المصالح الاجتماعية والاقتصادية وغيرها، ومن ذلك ما يلي.[٢١]

الشهادة

لقد بيَّن الإسلام أنَّ الشهادة التي تُفصَل الحقوق فيها لا بدَّ أن تكون من رجلين أو من رجل وامرأتين، وذلك ليس نقصانًا بالمرأة بل هو حفظًا للحقوق؛ لأنَّ كثرة مشاغل حياة المرأة قد تعرضها للنسيان فينبغي أن تكون معها امرأة تقوم بتذكيرها.[٢١]

الميراث

لقد جعل الله -عز وجلّ- في الميراث للرجل مثل حظ الأنثيين، وذلك لأنَّ أعباء الحياة كلها منوطة بالرجل من الإنفاق على البيت والزوجة والأولاد، وكذلك أثاث المنزل ودفع المهر وغيرها من الأمور، ومع عدم إلزام الإسلام للمرأة بالنّفقات إلا أنَّه جعل لها نصف الميراث وهذا عين العدل وصوابه.[٢٢]

أولى الإسلام عناية فائفة بالمرأة في جميع جوانب الحياة للتعرّف تفصيلًا إلى ذلك؛ قم بالاطلاع على هذا المقال: مكانة المرأة في الإسلام

المراجع[+]

  1. أحمد مختار عمر، كتاب معجم اللغة العربية المعاصرة، صفحة 1141. بتصرّف.
  2. ^ أ ب سورة آل عمران، آية:36
  3. ^ أ ب عاطف إبراهيم المتولي، كتاب صور الإعلام الإسلامي في القرآن الكريم دراسة في التفسير الموضوعي، صفحة 220. بتصرّف.
  4. سورة الإسراء، آية:70
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 2577، حديث صحيح.
  6. ^ أ ب ت نبيل السمالوطي، كتاب بناء المجتمع الإسلامي، صفحة 327. بتصرّف.
  7. سورة النحل، آية:97
  8. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 78. بتصرّف.
  9. سورة البقرة، آية:179
  10. رواه النووي، في تحقيق رياض الصالحين، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم:156، حديث إسناده حسن.
  11. سورة التوبة، آية:71
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:97، حديث صحيح.
  13. كمال الدين جعيط، كتاب الإسلام وحقوق الإنسان في ضوء المتغيرات العالمية، صفحة 19. بتصرّف.
  14. سورة الممتحنة، آية:12
  15. كمال الدين جعيط، كتاب الإسلام وحقوق الإنسان في ضوء المتغيرات العالمية، صفحة 22. بتصرّف.
  16. سورة غافر، آية:40
  17. عمر سليمان الأشقر، كتاب نحو ثقافة إسلامية أصيلة، صفحة 242. بتصرّف.
  18. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 6760. بتصرّف.
  19. الإمام محمد الخضر حسين، كتاب موسوعة الأعمال الكاملة، صفحة 62. بتصرّف.
  20. الإمام محمد الخضر حسين، موسوعة الأعمال الكاملة، صفحة 63. بتصرّف.
  21. ^ أ ب مصطفى السباعي، المرأة بين الفقه والقانون، صفحة 27. بتصرّف.
  22. مصطفى السباعي، كتاب المرأة بين الفقه والقانون، صفحة 30. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب