X
X


موقع اقرا » تعليم » قواعد اللغة العربية » المدارس النحوية وعلماؤها

المدارس النحوية وعلماؤها

المدارس النحوية وعلماؤها


المدارس النحوية

يشيرُ مصطلح المدارس النحوية إلى اتِّجاهات مختلفة ظهرت في مجال دراسة علم النَّحو في اللغة العربية، وقد اختلفت هذه المدارس النحوية في بعض المسائل النحويَّة الفرعيَّة، وقد ارتبطَ كلٌّ منها بمدينة أو إقليم جغرافيٍّ معيَّن، كمدينة البصرة أو الكوفة أو كإقليم الأندلس أو مصر.[١]

المدرسة البصرية

إحدى المدارس النحوية التي تأسَّست في مدينة البصرة في العراق أيامَ حكم العباسيين، وقد مثّلتْ المدرسة البصرية تطوُّرًا لعلم الخليل بن أحمد الفراهيدي والذي تابع فيه تلميذهُ سيبويه الفارسيّ الأصل ثمَّ اشترك مع نحويٍّ آخر على إحياء علم أستاذه الخليل، وبذلك تأسّست أول مدرسة نحوية وقد ترأسها سيبويه نفسه، ومن كتبه “الكتاب” وهو المصدرُ الأوَّلُ في النحوِ سابقًا وحاضرًا، ومن أصحاب هذه المدرسة الأخفش الأوسط وهو تلميذُ سيبويه ومن كتبه “المسائل الكبير”، ومنهم أيضًا المبرد والزجَّاج والسيرافي وغيرهم.

المدرسة الكوفية

نشأت هذه المدرسة النحوية وتمركزت في الكوفة في العراق وكانت في أيَّّام حكم العباسيين، وكان على رأس هذه المدرسة النحوية الكسائي والذي له شهرة واسعة في هذه المدرسة ومن كتبه: “مختصر النحو، الحدود في النحو” وغيرها، ومن أصحاب هذه المدرسة أيضًا الفرَّاء وهو تلميذ الكسائي، ومن كتبه: “الكتاب الكبير، لغات القرآن”، وأيضًا منهم ثعلب ومن كتبه “المجالس” وغيرهم.

المدرسة البغدادية

أسَّس هذه المدرسة النحوية بعضُ النحاة الذين رأوْا أنَّ النحاة في البصرة وفي الكوفة قد ابتعدوا بعلم النحو عن جوهره وغايته وأدخلوه في متاهات ليس هناك داعي لها، فقام أصحاب المدرسة البغدادية في بغداد باتِّخاذ موقفٍ وسط بين المذهبين، ولكن فيما بعد تمَّ اقتراح المذهب البصري في تفسير الظواهر النحوية التي يحتاجها الطلاب وعامة الناس، مثل: اعتبار فعل الأمر مبنيًّا وغير ذلك. ومن روَّاد هذه  المدرسة: ابن كيسان ومن كتبه “اختلاف البصريين والكوفيين”، ابن جنِّي ومن كتبه “الخصائص، سر صناعة الإعراب”، الزمخشري ومن كتبه “الكشَّاف، أساس البلاغة”، وغيرهم.

المدرسة الأندلسية

نشأت هذه المدرسة وتطوَّرت في الأندلس على أيدي كثير من العلماء الذين تعلَّموا على أيدي النحاة في البصرة والكوفة وأخذوا أيضًا من بعض النحاة في بغداد، وأضافوا إلى ذلك كثير من القواعد، فبعد دخول العرب إلى الأندلس كان المسلمون هناك بحاجة لمثل هذا العلم لنشر العربية وتعليمها لقراءة القرآن الكريم ولتعليم مَن أسلم من العجم اللغة العربية، ومن أصحاب هذه المدرسة: ابن مضَّاء ومن كتبه “المشرق في النحو”، ابن عصفور ومن كتبه: “المقرب، الممتع، مختصر المحتسب”، ابن مالك ومن كتبه: “الألفية، الكافية الشافية، التسهيل وشرحه، إيجاز التعريف”، وما زالت ألفية ابن مالك تدرس في المناهج التعليمية حتى أيامنا هذه.

المدرسة المصرية

نشأت هذه المدرسة النحوية في مصر بعد مدرستي البصرة والكوفة وقد أخذَ علماؤها عن نحاة البصرة والكوفة واجتهدوا في بعض الفروع والأمور التي لا تعدّ من أساسيَّات وركائز النحو، ومن أشهر رجالها: ابن الحاجب ومن كتبه “الكافية، الشافية”، ابن هشام ومن كتبه “مغني اللبيب عن كتاب الأعاريب، أوضح المسالك، شذور الذهب، قطر الندى وبل الصدى”، السيوطي ومن كتبه “المزهر، الاقتراح في أصول النحو”.

أبرز علماء المدارس النحوية

تُعدُّ المدرسة البصريّة أوَّل المدارس التي وَضعَت أصول النحو وقواعده، ومهَّدت للمدارس من بعدها، فكانت كلُّ مدرسة ثمرة من ثمارها[٢]، ومِن أبرز علماء المدارس النحوية:

سيبويه

بماذا يلقَّب سيبويه وإلى أيِّ المدارس النحوية يُنسَب؟

سيبويه (765م – 796م)، أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي ولاءً، الشهير باسم سيبويه ومعناه: رائحة التفاح في اللغة الفارسية، أحد أهم علماء المدرسة البصرية في النحو، وُلدَ في شيراز، ولكنَّه قدِم إلى البصرة واستقرَّ فيها، لُقِّب أمام النحاة، وهو أوَّل مَن قام بتبسيط علم النحو، وكان من المُلازمين للخليل بن أحمد الفراهيدي واستطاع أن يفوقه في النحو، ثمَّ رحل إلى بغداد وناظر هناك الكسائيّ، فأجازه هارون الرشيد ومنحه عشرة آلاف درهم، ثمَّ رجع إلى الأهواز وفيها تُوفِّي، مِن أهم مُؤلّفاته: كتاب سيبويه في النحو، والذي وُصِفَ بأنَّه لم يكتَب قبله ولا بعده في النحو.[٣]

لقراءة المزيد حول سيبويه، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: سيبويه إمام العربية وشيخ النحاة.



الفراء

أين عاش الفراء معظم حياته؟

الفراء (751م – 822م)، أبو زكرياء يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي، من أهمِّ علماء مدرسة الكوفة في النّحو، وُلد في الكوفة وكان أعلم أهلها في اللّغة والنّحو وفنون الأدب المُختلفة، حتَّى لُقِّبَ أمير المؤمنين في النّحو، وقال عنه ثعلب: “لولا الفراء ما كانت اللغة”، قضى مُعظم حياته في بغداد وتولَّى تربية أبناء المأمون، وكان في نهاية العام يزور الكوفة ويصل أهله ويبرُّهم، وكان بالإضافة إلى براعته في النّحو خطيبًا مُتكلّمًا وفقيهًا، وعالمًا بأخبار العرب وأيامها، له خبرة في الطب والعلم النجوم وكان يميل للاعتزال، كما كان يتفلسف في كتاباته لذلك سمِّي الفرَّاء لأنَّه يفري الكلام فريًا.[٤]

من أهمّ كُتُبه: المقصور والممدود، المعاني، معاني القرآن، المذكر والمؤنث، كتاب اللغات، الفاخر في الأمثال، ما تلحن فيه العامة، آلة الكتاب، الأيّام واللّيالي، البهيّ، اختلاف أهل الكوفة والبصرة والشام في المصاحف، الجمع والتثنية في القرآن، الحدود، مشكل اللغة.[٤]

ابن جني

إلى أين يعود نسب النحوي الشهير ابن جني؟

ابن جني (937م – 1002م)، أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي[٥]، أحد أعلام المدرسة البغداديّة في النحو، كان والده روميًّا ومملوكًا لسليمان بن فهد الموصلي، عكف مُنذ صغره على تعلُّم علوم اللغة وخصوصًا دروس أحمد بن محمد الموصلي ورحل إلى بغداد مُبكّرًا، ثمَّ رجع إلى المُوصل وبدأ بتدريس الطلاب في المسجد، وقد مرَّ بحلقته إمام النّحاة في ذلك العصر أبو علي الفارسي، فأعجِب بذكائه ونباهته ومدحه قائلًا: “لقد أصبحت زبيبًا وأنت حِصرِم” فشجَّعته العبارة، ولازمه قرابة 40 سنة يأخذ منه، له مؤلفات كثيرة زادت على خمسين مصنَّفًا.[٦]

مِن أهمّ كُتُبه: شرح ديوان المتنبي، المبهج في اشتقاق أسماء رجال الحماسة، من نسب إلى أمه من الشعراء، المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها.[٦]

الزمخشري

ما سبب تسمية الزمخشري بهذا الاسم؟

الزمخشري (1075م – 1144م)، أبو القاسم محمود بن عمر بن أحمد الزمخشريّ الخوارزميّ، من أعلام المدرسة البغداديّة المُتأخّرين في النّحو، وُلد في زمخشر إحدى قرى خوارزم لذلك سمِّي بالزمخشري، لُقّب بجار الله لأنَّه أقام في مكة زمنًا[٧]، درس علوم الدين واللُّغة منذُ صغره، وتنقَّل في العديد من البُلدان من بخارى إلى بغداد، وفي مكّة عكف على كتابة الكشاف في تفسير القرآن، ودرس كتاب سيبويه على يد أحد علماء الأندلس، وصار مِن أشهر النّحاة في عصره، وعاد إلى بلده وقد سبقته شهرته وبدأ الطلاب بأتون إليه من كلِّ حدب وصَوب.[٨]

من أهمّ مُؤلّفاته: الكشاف، أساس البلاغة، المفصل، المقامات، الجبال والأمكنة والمياه، المقدِّمة وهو معجم عربي فارسي، مقدِّمة الأدب، الفائق، رؤوس المسائل، نوابغ الكلم، ربيع الأبرار، المنتقى في شرح شعر المتنبي، القسطاس في العروض، نكت الأعراب في غريب الإعراب، أعجب العجب في شرح لامية العرب وغيرها، كان مِن المعتزلة وأنكر على الصوفيّة كثيرًا في الكشاف وغيره.[٧]

الكسائي

من هو الخليفة العباسي الذي تولَّى الكسائي تأديبه؟

الكسائي (735م – 805م)، هو أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي ولاءً[٩]، وهو إمام مدرسة الكوفة في النّحو، وهو الذي وضَّح طريقها ومهَّد لها مَنهجها ورسم خطوطها الرئيسة[١٠]، أحد أبرز علماء النّحو واللّغة والقراءة، وُلد في إحدى قرى الكوفة وفيها تعلَّم، تنقَّل في البادية يأخذ عن أهلها ثمَّ استقرَّ في بغداد وكان مُؤدبًا لهارون الرشيد وابنه الأمين، مِن أهمّ مُؤلّفاته: معاني القرآن، المصادر، الحروف، القراءات، نوادر، مختصر في النحو، المُتشابه في القرآن وغيرها.[٩]

ابن هشام

بماذا اشتُهر العالم النحوي ابن هشام؟

ابن هشام (1309م – 1360م)، هو أبو محمد جمال الدين عبد الله بن يوسف بن أحمد الشّهير بابن هشام[١١]، مِن أشهر علماء المدرسة المصرية، ويعدُّ ثمرة أساتذة مصر في ذلك العصر[١٢]، قال عنه ابن خلدون: “ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنَّه ظهر بمصر عالم بالعربية يُقال له ابن هشام أنحى من سيبويه”، وُلدَ وتُوفّي في مصر، مِن أهمّ مُؤلّفاته: مُغني اللبيب عن كتب الأعاريب، عمدة الطالب في تحقيق تصريف ابن الحاجب، رفع الخصاصة عن قراءة الخلاصة، الجامع الكبير، شذور الذهب، الإعراب عن قواعد الإعراب، قطر الندى، أوضح المسالك إلى ألية ابن مالك، نزهة الطرف في في علم الصرف.[١١]

ابن مالك

أين وُلِد ابن مالك وإلى أي مدرسة نحوية ينتمي؟

ابن مالك (1203م – 1274م)، أبو عبد الله محمد بن عبد الله، جمال الدين الطائي الجيَّاني الشّهير بابن مالك[١٣]، من أبرز أعلام المدرسة الأندلسيّة في النّحو، كان إمام اللّغويّين والنّحاة في ذلك العصر، وُلد في الأندلس وأخذ العلوم من عُلمائها، انتقلَ إلى المشرق وسكن حلب فترة ثمَّ انتقل إلى دمشق وأقامَ فها، التقى بابن الحاجب ونهلَ منه[١٤]، ومِن أهمّ مُؤلّفاته: ألفية ابن مالك، تسهيل الفوائد، الضرب في معرفة لسان العرب، إيجاز التعريف، إكمال الإعلام بمثلث الكلام وغيرها.[١٣]

الخلافات النحوية بين البصريين والكوفيين

كان الكوفيُّون في المدرسة النحوية الكوفيَّة يخالفون البصريين في المدرسة النحوية البصرية في معظم القواعد النحوية الأساسية والفرعية، وكان أكثر ما يميُّز المدرسة الكوفية اتِّساعها في روايةِ الشعر وعبارات اللغة العربية عن جميع العرب بدوهم وحضرهم، أما في المدرسة البصرية فكانوا يتشدَّدون في فصاحة وبلاغة العربيِّ الذين سيأخذون عنه اللغة والشعر وغيرها، وكان هذا بداية الخلاف الكبير بين المدرستين والذي امتدَّ حتى شمل فيما بعد القياس وضبط القواعد الفقهية، ولكن مع الزمن فضَّل الناس المدرسة البصرية على الكوفية لسهولتها ومنطقيَّتها أكثر من المدرسة الكوفية، ومن الأمثلة على أوجه الخلاف بين المدرستين ما يلي [١٥]:

  • مصطلح التقريب: وقد خصُّ الكوفيّون به اسم الإشارة “هذا”، مثلًا في قول: هذا زيدٌ قائمًا. جعلوه من أخوات كان، وما يليه اسمٌ وخبرٌ منصوب، أمَّا البصريون فيعربون قائمًا حالًا، ويجعلون ما قبلها مبتدأ وخبرًا.
  • مصطلح المكنى والكناية: يقصد الكوفيّون به الضمير، وكانوا يصطلحون على تسمية ضمير الشأن باسم مجهول مثل: إنَّه اليوم حار، وتسمية ضمير الفصل باسم “العماد” في مثل: خالد هو الشاعر.
  • مصطلح الصرف: جعله الفراء لنصب المفعول معه، ورآى البصريون أنَّه منصوب بالفعل الذي قبله بتوسُط الواو.
  • اصطلاح المفاعيل: لا يطلق الكوفيون كلمة مفعول إلا على المفعول به فقط، أمَّا ما تبقَّى من بقيَّة المفاعيل فيطلقون عليها أشباه مفاعيل، وسمّى الكوفيّون الظرف باسم الصفة والمحل، وسمُّوا البدل باسم الترجمة، وسمُّوا التمييز باسم التفسير، وسمُّوا لا نافية للجنس في: لا رجل في البيت، باسم لا التبرئة.
  • اصطلاح حرف النفي: سمّى الكوفيّون حرف النفي باسم حرف الجحد أي الإنكار، وسمُّوا المصروف والممنوع من الصرف باسم “ما يجري وما لا يجري”.
  • اصطلاح لام الابتداء: سمّى الكوفيّون لام الابتداء في قول: لخليلٌ كاتب، لام القسم زاعمين أنَّ الجملة جواب قسم مقدَّر.

المراجع[+]

  1. علم النحو, ، “www.marefa.org”، اطُّلع عليه بتاريخ 19-11-2018، بتصرف
  2. شوقي ضيف، كتاب المدارس النحوية، صفحة 5. بتصرّف.
  3. خير الدين الزركلي، كتاب الأعلام للزركلي، صفحة 81. بتصرّف.
  4. ^ أ ب خير الدين الزركلي، كتاب الأعلام للزركلي، صفحة 145-146. بتصرّف.
  5. خير الدين الزركلي، كتاب الأعلام للزركلي، صفحة 204. بتصرّف.
  6. ^ أ ب شوقي ضيف، كتاب المدارس النحوية، صفحة 265-266. بتصرّف.
  7. ^ أ ب خير الدين الزركلي، كتاب الأعلام للزركلي، صفحة 178. بتصرّف.
  8. شوقي ضيف، كتاب المادرس النحوية، صفحة 283. بتصرّف.
  9. ^ أ ب خير الدين الزركلي، كتاب الأعلام للزركلي، صفحة 283. بتصرّف.
  10. شوقي ضيف، كتاب المدارس النحوية، صفحة 175. بتصرّف.
  11. ^ أ ب خير الدين الزركلي، كتاب الأعلام للزركلي، صفحة 147-148. بتصرّف.
  12. شوقي ضيف، كتاب المدارس النحوية، صفحة 346. بتصرّف.
  13. ^ أ ب خير الدين الزركلي، كتاب الأعلام للزركلي، صفحة 233. بتصرّف.
  14. شوقي ضيف، كتاب المدارس النحوية، صفحة 809. بتصرّف.
  15. المدرسة الكوفية, ، “www.alukah.net”، اطُّلع عليه بتاريخ 19-11-2018، بتصرف






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب