X
X


موقع اقرا » الآداب » أشعار وأدباء » الفرق بين الغزل العذري والغزل الصريح

الفرق بين الغزل العذري والغزل الصريح

الفرق بين الغزل العذري والغزل الصريح


الغزل العذري والغزل الصريح

يتمثّل الفرق الأساسي بين الغزل العذري والغزل الصريح في كون أحدهما يتجه نحو الروحانية، فهو حب الروح للروح واشتياقها لها والتعبير عن ذلك بالشعر، بينما الغزل الصريح فهو حسيٌّ ماديّْ، يتغنى بالصفات الجسدية للمحبوب وبشوق الجسد للجسد، وقد تجمع قصيدة واحدة بين هذين الشكلين الشعرين، أو قد تتفرد القصائد بأحدهما، وكذلك حال الشعراء فقد يكتب أحدهم على مدار حياته غزلاً صريحاً فقط، بينما يكتب الآخر على مدار حياته غزلاً عذرياً فقط، أو قد يجمع شاعر بين النمطين في شعره.

الفرق بين الغزل العذري والغزل الصريح

من حيث التعريف

يعتبر الغزل العذري أو الغزل العفيف أحد الفنون الشعرية التي تظهر حرارة العاطفة، ويبتعد الشاعر فيه تماماً عن وصف جسد المحبوبة، حيث يتجه لوصف الشوق للمحبوبة ولوصف جائبيتها الروحية وسحرها وتأثيرها الوجداني والنفسي عليه، وقوة حضورها أو غيابها في حياته.[١]
أما لماذا سمي هذا الغزل بهذا الاسم، فقد كان الأمر في الأساس نسبة لقبيلة عربية تدعى قبيلة بنو عذرة، اشتهر شعراؤها بهذا الاتجاه في الغزل، قبل أن يسلك الشعراء الآخرون هذا الاتجاه، ويكتبوا غزلاً مماثلاً لغزل شعراء بني عذرة.[١]
ويسمى أيضاً الغزل الفاحش، وهذا الاتجاه على عكس الغزل العذري يصبُّ كل تركيزه على الصفات الجسدية للمحبوب، فيصفها الشعراء صراحة ويتطرقون لها بألفاظٍ واضحة، فيتغنون بالطول والوزن وشكل الجسد وطول العنق وغيرها.

من حيث سمات كلّ منهما

  • سمات شعراء الغزل العذري
تعتبر أهمُّ سمة من سمات الغزل العذري أنَّ الشاعر يقتصر طيلة حياته على محبوبةٍ واحدة فلا يذكر شعره غيرها، كما أنَّ شعراء هذا الغزل اتَّسموا عادةً بالكفاف والقناعة، ولم يحسنوا التكيف سريعاً مع تغير الأحداث المحيطة بهم، كما اتسموا بأن حياتهم طبعت بشيء غير قليل من تأثيرات الإسلام فيها، فعبروا عن ذلك بالزهد بالحياة وملذَّاتها، فوجدوا في الشعر تعبيراً عن حياتهم وشعورهم وقيمهم.[١]
  • سمات شعراء الغزل الصريح
يتسم شعر الغزل الصريح بعدد من السمات من أهمها:
  • عدم الثبات على محبوبة واحدة، فتجد في قصائد الشاعر الواحد غزلاً بالكثير من النساء.
  • تقديم وصف المغامرات الغرامية بقالب قصصي.
  • الإشارة إلى التراسل وكثرة الرسل الناقلين لهذه الرسائل الغرامية بين الشاعر والنساء.

من حيث أبرز شعراء كلّ منهما

  • من أبرز شعراء الغزل العذري
اتخذ كثير من الشعراء هذا الغزل طريقاً لهم، ورغم أنه نشأ في الجزيرة العربية إلا أنه تمدد وانتقل إلى الكثير من المناطق بعدها، كما وقد شاع هذا الغزل في أكثره في العصر الأموي، وامتدَّ ولكن بشكل أقل إلى عصور تالية، ومن أبرز شعراء الغزل العذري قيس بن الملوح والذي لقب بمجنون ليلى، نظراً لولعه الشديد بمحبوبته ليلى والتي دارت معظم قصائده حولها وحول مشاعره تجاهها ومن هذه الأشعار قوله:[٢]

ما بال قلبك يا مجنون قد خلِعا

في حب من لا ترى في نيلِه طمعاً

الحبُّ والودُّ نيطا بالفؤاد لها

فأصبحا في فؤادي ثابتين معاً

طوبى لمن أنتِ في الدنيا قرينته

لقد نفى الله عنه الهمَّ والجزعا

بل ما قرأت كتاباً منك يبلغني

إلا ترقرَق ماء العين أو لمعا

أدعو إلى هجرها قلبي فيتبعني

حتى إذا قلت هذا صادق نزعا

لا أستطيع نزوعاً من مودَّتها

ويصنع الحبُّ بي فوق الذي صنعا

كم من دنيء لها قد كنت أتبعه

ولو صحا القلب عنها كان لي تبعا

ومن أبرز الشعراء العذريين كذلك: جميلة بثينة، وكثير عزة، وغيرهم.

  • من أبرز شعراء الغزل الصريح
شاع هذا الغزل وانتشر في الحجاز وتحديداً في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وقد كان أهم شعرائه في فترة أوج انتشاره: عمر بن أبي ربيعة في مكة والأحوص في المدينة المنورة، ومن القصائد التي قالها عمر بن أبي ربيعة والتي نلحظ فيها الأسلوب القصصي في الوصف:[٣][٤]

لَيتَ هِنداً أَنجَزَتنا ما تَعِد

وَشَفَت أَنفُسَنا مِمّا تَجِد

وَاِستَبَدَّت مَرَّةً واحِدَةً

إِنَّما العاجِزُ مَن لا يَستَبِد

زَعَموها سَأَلَت جاراتِها

وَتَعَرَّت ذاتَ يَومٍ تَبتَرِد

أَكَما يَنعَتُني تُبصِرنَني

عَمرَكُنَّ اللَهَ أَم لا يَقتَصِد

فَتَضاحَكنَ وَقَد قُلنَ لَها

حَسَنٌ في كُلِّ عَينٍ مَن تَوَد

حَسَدٌ حُمِّلنَهُ مِن أَجلِها

وَقَديماً كانَ في الناسِ الحَسَد

غادَةٌ تَفتَرُّ عَن أَشنَبِها

حينَ تَجلوهُ أَقاحٍ أَو بَرَد

وَلَها عَينانِ في طَرفَيهِما

حَوَرٌ مِنها وَفي الجيدِ غَيَد

طَفلَةٌ بارِدَةُ القَيظِ إِذا

مَعمَعانُ الصَيفِ أَضحى يَتَّقِد

سُخنَةُ المَشتى لِحافٌ لِلفَتى

تَحتَ لَيلٍ حينَ يَغشاهُ الصَرَد

وَلَقَد أَذكُرُ إِذ قُلتَ لَها

وَدُموعي فَوقَ خَدّي تَطَّرِد

قُلتُ مَن أَنتِ فَقالَت أَنا مَن

شَفَّهُ الوَجدُ وَأَبلاهُ الكَمَد

نَحنُ أَهلُ الخَيفِ مِن أَهلِ مِنىً

ما لِمَقتولٍ قَتَلناهُ قَوَد

قُلتُ أَهلاً أَنتُمُ بُغيَتُنا

فَتَسَمَّينَ فَقالَت أَنا هِند

إِنَّما خُبِّلَ قَلبي فَاِجتَوى

صَعدَةً في سابِرِيٍّ تَطَّرِد

إِنَّما أَهلُكِ جيرانٌ لَنا

إِنَّما نَحنُ وَهُم شَيءٌ أَحَد

حَدَّثوني أَنَّها لي نَفَثَت

عُقَداً يا حَبَّذا تِلكَ العُقَد

كُلَّما قُلتُ مَتى ميعادُنا

ضَحِكَت هِندٌ وَقالَت بَعدَ غَد

المراجع

  1. ^ أ ب ت كريم الربيعي، الغزل العذري حتى نهاية العصر الأموي أصوله وبواعثه وبنيته الفنية، صفحة 1-6. بتصرّف.
  2. “ما بال قلبك يا مجنون قد خلعا”، الديوان. بتصرّف.
  3. عمر بن أبي ربيعة، ” ليت هندا أنجزتنا ما تعد”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2-2-2022.
  4. عباس محمود العقاد، شاعر الغزل عمر بن أبي ربيعة، صفحة 17. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب