X
X


موقع اقرا » إسلام » معاملات إسلامية » الشهادة في النكاح عند المالكية

الشهادة في النكاح عند المالكية

الشهادة في النكاح عند المالكية


حكم الشهادة في النكاح عند المالكية

يعتقد البعض أن المالكية لم يشترطوا الشهادة في النكاح، ولم يعتبروها ركناً أو أمراً مهما لحصول النكاح وإنجازه، لكن هؤلاء أخطأوا في فهم المراد من قول المالكية في هذه المسألة، وفي الحقيقة إن المالكية كغيرهم من الفقهاء اعتبروا الشهادة في النكاح شرطاً لصحة الزواج.[١]

ولتوضيح هذه المسألة لا بد أن نعرف الفرق بين قول المالكية وباقي الفقهاء في اشتراط الشهادة، فقد اعتبر جمهور الفقهاء أن الشهادة في النكاح شرط عند إجراء العقد، لأنه بذلك تتحقق الحكمة من الشهادة، وإن لم يكن هناك شهود عند إجراء العقد يعتبر العقد فاسداً، واعتبر الحنفية أن الشهادة شرطٌ لركن العقد فيلزم وجودها عند العقد.[٢]

أما المالكية فقد اعتبروا الشهادة في النكاح شرط لصحة الزواج، لكنهم لم يشترطوها عند إجراء العقد، لكنها شرطٌ قبل الدخول، وعند العقد مستحبة، والدليل على ذلك أنهم اعتبروا نكاح السر فاسد يجب فسخه، ويجب إعلانه، فيعتبر إعلان الزواج بمثابة إشهاد الناس عليه ولو لم يُوثق في العقد، فإن تم الزواج سراً من غير إشهاد ولا إعلان كان الزواج محرماً واعتبروه معصية.[٢]

ومما قاله المالكية في كتبهم لإثبات قولهم باشتراط الشهادة في النكاح ما يأتي:

  • قول الدسوقي في كتاب حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

“وَأَمَّا الْإِشْهَادُ عِنْدَ الْبِنَاء (أي عند الدخول) فَوَاجِب شُرِطَ وَفُسِخَ النكاح إنْ دخلَا بدونه أَي بِلَا إشهادٍ بِطَلْقَة”.[٣]

  • قول صاحب كتاب فتح العلي المالك

في الفتوى على مذهب الإمام مالك في سؤال ورد له “عن النكَاحِ بِلَا حضورِ شهود ثُم يشْهَدُ الْوَلِي وَالزوج عَليهِ قبلَ الدخولِ فَهَلْ هوَ صَحِيح؟ فَأجَاب: نَعَمْ هُوَ صَحِيح اتفَاقا إنْ وَقَعَ الْعَقد دُونَ إشهَاد وَأَشهَدَ عَلَيهِ قبل الدخول صح باتفاق”،[٤] وهنا قوله: وأشهد عليه قبل الدخول دليل على أن المالكية يشترطون الشهادة على النكاح لجواز الدخول.

  • قول ابن عبد البر في كتابه الكافي في الفقه المالكي

“ومن فرض النكاح عند مالك إعلانه لحفظ النسب”، وقال: “ونكاح السر لا يجوز ويفسخ قبل الدخول وبعده”، وقال: “وقال مالك لو شهد على النكاح رجلان واستكتما ذلك فكتماه كان نكاح سر”.[٥]

  • قول أحمد الصاوي في كتابه حاشية الصاوي على الشرح الصغير في الفقه المالكي

أصل الإشهاد على النكاح واجب، وإحضار الشاهدان عند العقد مندوب، فإن حصل وجود الشاهدين عند العقد فقد وجد الأمران الوجوب والندب، وإن لم يحضر الشاهدان وقت العقد وحضرا عند الدخول فقد حصل الواجب وفات المندوب.[٦]

أدلة المالكية في الشهادة على عقد النكاح

روي عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أعلِنوا هذا النِّكاحَ واضرِبوا عليْهِ بالغربالِ)،[٧] والأمر بإعلان النكاح في هذا الحديث صحيح وبعضهم حسنه، فالمالكية اعتبروا هذا الدليل لاعتبار الشهادة على النكاح شرط للدخول ولو بالإعلان وليس في نص العقد ولفظه.[٨]

شهادة المرأة على النكاح عند المالكية

ذكر الله -تعالى- في كتابه العزيز أن المرأة تشهد على الدَيْن والمعاملات المالية فقال -تعالى- في آية الدَّيْن: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى).[٩]

إلا أن المالكية وجمهور الفقهاء لا يجيزون شهادة المرأة في النكاح أو الطلاق أو القتل أو القصاص أو الحدود وقالوا لا يجوز في ذلك إلا رجلان عدلان، وذلك أن المرأة في الغالب لا تشهد هذه العقود والحوادث والرجل أكثر تحملاً لمسؤولية هذه الشهادات التي يثبت بها حقوق كثيرة ومسؤوليات كبيرة، وأما ما لا يشهده ولا يحضره إلا النساء فأجاز الفقهاء شهادتها عند ذلك.[١٠]

وقد ذكر الإمام مالك -رحمه الله تعالى- في المدونة عن ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: “مَضَتْ السُّنَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ، أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْحُدُودِ”.[١١]

مفهوم الشهادة وأهميتها في النكاح

الشهادة في النكاح تعني أن يشهد على عقد الزواج بين الرجل والمرأة رجلان عَدلان، ومعنى عدلان: معروفان بالاستقامة، مَرضيان عند الناس، ولم يُعرفا بارتكاب الكبائر من المعاصي.[١٢]

والشهادة في الزواج ضرورية؛ لأن الزواج يترتب عليه حقوقٌ لكلا الزوجين، من مهر ونسب وميراث ونفقة وغيرها، فكان لا بد من اشتراط الشهود لإثبات هذه الحقوق عند أغلب الفقهاء، وفي الشهادة على الزواج درء التهمة عن الزوجين، وبيان خطورة الزواج وأهميته.[١٣]

المراجع

  1. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 6559. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ابن رشد الحفيد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، صفحة 6561. بتصرّف.
  3. محمد الدسوقي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، صفحة 216. بتصرّف.
  4. محمد عليش، فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك، صفحة 423.
  5. يوسف القرطبي، الكافي في فقه أهل المدينة، صفحة 520.
  6. أحمد الصاوي، بلغة السالك لأقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك، صفحة 376. بتصرّف.
  7. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عائشة أم المؤمني، الصفحة أو الرقم:1549، حسن.
  8. محمد عبد الوهاب المالكي، المعونة على مذهب عالم المدينة، صفحة 745.
  9. سورة البقرة، آية:282
  10. أبي زيد عبد الرحمن القيرواني المالكي، النَّوادر والزِّيادات على مَا في المدَوَّنة من غيرها من الأُمهاتِ، صفحة 391. بتصرّف.
  11. مالك بن أنس، المدونة، صفحة 25.
  12. جنيد أحمد (2006)، العدالة والضبط وأثرهما في قبول الحديث (الطبعة 1)، الرياض:مكتبة الرشد، صفحة 34، جزء 1. بتصرّف.
  13. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وادلته، صفحة 6559. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب