موقع اقرا » آدم وحواء » الحياة الزوجية » الشك بين الزوجين في علم النفس

الشك بين الزوجين في علم النفس

الشك بين الزوجين في علم النفس


الشك تجربة انفعالية

الشك بين الزوجين في علم النفس هو ردّ فعل انفعاليّ معقّد يحدث عندما يهدّد منافس حقيقيّ أو متخيّل علاقة رومانسية قيمة، وإنّ التجربة العاطفية الخاصة بالشّك بين الزوجين في علم النفس تكون في معظمها ذكريات نتيجة تجربة سابقة، وتعتمد على خوف عميق من فقدان الشخص المحبوب نتيجة وجود هذا المنافس.[١]

وعادة ما يتم الحفاظ على الشك من خلال عدم اليقين، أي أن الشخص الغيور يشعر بالارتباك حول مكانته في وجدان الشريك مقارنةً بشخص ثالث، وما يحدث بالفعل في حياة الشريك أو عقله، وما إذا كانت ردود أفعاله أو أفعالها ذاتية بحتة أم تستند إلى الوضع الفعلي للخيانة.[١]

الشك بين الزوجين في علم النفس

كيف تناول التحليل النفسي مسألة الشكّ؟

يمكن وصف الشك بين الزوجين في علم النفس اعتمادًا على مجموعة كبيرة من النظريات، ففي إطار النماذج الخاصة بالذات، يتمّ وصف الشك كصفة من صفات الشخصية، بمعنى أن طبيعة شخصية الفرد تؤدي به إلى أن يشعر ويفكر بالشك، وقد تم تناوله ايضا في منظورات التحليل النفسي باعتباره عاطفة تنتج عن صراعات الطفولة.[٢]

لكن وعلى الرغم من طبيعة الشك الواضحة وأهميته في علاقات الأزواج، فقد كانت هناك محاولات قليلة إلى حد ما لدراسة الشك، لاسيما في علم النفس العلاجي الأسري، اذ أن كلمة شك تكاد تكون غائبة عن الكتب الرئيسة للعلاج الأسري والزوجي.[٢]

وقد وضع ميشيل شينكمان ودينيس فيرنيك (2010) منظورًا متعدّدَ الأبعاد يعالج الشك بين الزوجين في علم النفس، وهذا المنظور يتعامل مع ردود الفعل المتطرّفة، كمتلازمة عطيل التي يكون فيها الشخص الغيور مدفوعًا في الغالب بالتصورات والخيالات، كما أنه ينظر في حالات الشك التي حدثت فيها خيانة حقيقية ومعترف بها، لكن ردود فعل الفرد المبنية على الألم تتشوه بشكل كبير، بسبب المعاني والعواطف الشخصية التي تنتمي إلى زمن آخر و/ أو سياق آخر، ويشير هذا المنظور إلى أن هذه المعاني المضافة تجعل تجربة الشك مؤلمة ومبهمة بشكل مضاعف. [٣]

الشك بين الجنس والثقافة

كيف تؤثّر البيئة المحيطة في تأجيج شعور الشكّ؟

الشك هو تجربة عالمية، لكن مع ذلك، فإن ما يتم اعتباره تهديدًا في ثقافة معينة أو في علاقة معينة قد لا يعدّ كذلك في علاقات أو ثقافات أخرى، فالطرق التي يظهر بها الشكّ تختلف باختلاف الجنس والثقافة الاجتماعيّة في مكان ما والثقافات الفرعية المتواجدة فيه.

الفروق بين الجنسين في الشك

يصف علماء الأنثروبولوجيا الاجتماعية وعلماء النفس التطوري الفروق بين الجنسين في معنى الشك والتعبير عنه في جميع أنحاء العالم، تاريخيًا كانت تعدّ النساء مُلكًا للرجال، حتّى اليوم، عندما يخشى الرجل أن يتم وصفه بأنّه ديوث، قد تشمل مخاوفه أفكارًا على شاكلة أن شخصًا ما سيأخذ شيئًا منه، فعندما يخشى الرجال من فقدان الممتلكات أو الفخر والشرف فإنهم سيعبّرون عن تلك المخاوف بقوة، فهم يضربون ويطاردون ويقتلون.

وقد كانت النساء يعتمدن تقليديًّا على الرجال، لا سيّما بتوفير الأمن أو الموارد الحياتية، وعادة ما تكون الشكوك النسائية مليئة بمخاوف فقدان الأمان والموارد لأنفسِهن ولذريتهن، ومن الشائع أن تستسلم النساء لشريكها وأن يلمَن أنفسهن بسبب أوجه القصور فيهن خوفًا من سلطة الرجل.[٤]

الفرق بين الثقافات في الشك

اعتمادًا على الثقافة، قد يتمّ قمع الشك أو التعبير عنه، في حين أنّ الأنجلو سكسونيون؛ وهم قبائل بريطانية؛ غالبًا ما يوصون أفراد قبائلهم بأن الشك هو مشاعر خطيرة ومهينة يجب احتواؤها، إلا أن الثقافات اللاتينية عادة ما تضفي عليه الشرعية كتعبير عن الحب، ويختلف معنى الشك أيضًا باختلاف الفئات الاجتماعية، إذ درس Pines 1998 الزيجات المتعددة والتجمعات متعددة الزوجات، وخلص إلى أن هذه المجموعات تشترك في المعتقدات التي تساعدها على الحد من الشك، إنهم يعتقدون أن الشك هي استجابة متعلمة يمكن تجنبها، وأن الرغبة في التعدّد الجنسي لا يعني وجود خطأ في الزواج، وتعدد الزوجات هو موقف آخر يتم فيه التقليل من الشك بالطرق التي يفسر بها تعدد الزوجات. [١]

التداخل بين الحاضر والماضي

كيف يؤثّر الماضي العاطفيّ على حاضر العلاقة الزوجيّة؟

يمكنُ تفسير الشك بين الزوجين في علم النفس على أنّه عادة ما يكون متعدد الطبقات، لكلا الشريكين، فهناك جوانب منه ترجع إلى أسباب حالية تحرض على هذا النمط من المخاوف، ولكن هناك مخاوف متعلقة بالذكريات من الماضي، أو السياقات والروابط الشخصية السابقة التي تؤدي الى استنتاج معنى لما يحدث في العلاقة الزوجية الحالية، هذه الذكريات البعيدة تحتوي على صور ومعتقدات وأحاسيس ومخاوف تميل إلى تغيير الموقف الحالي وتشويهه.[٣]

فعلى سبيل المثال قد يشعر الرجل بعدم الأمان بعد أن فقد وظيفته، وأن المشاعر المتعلقة بطلاق والديه ستحفز قلقه من خيانة محتملة، ربما لم تهتم زوجته لمسألة تعرضها لاتهامات من قبله مهما كانت هذه الاتهامات، ومع ذلك، فإن ذكرياتها البعيدة حول الأحاديث مع والدتها قد عززت حاجتها إلى تأكيد حريتها وبشكل عنيف.[٣]

وهنالك أيضًا مجموعة من الحقائق التي يجب مراعاتها في دراسة الشك بين الزوجين في علم النفس، ففي بعض الأحيان يكون هناك خيانة فعلية ويشعر الشخص الشكوك بالتهديد لسبب واضح، وفي كثير من الحالات يكون الشخص الشكوك ضعيفًا بسبب الخيانات التي تعرض لها في علاقاته السابقة، أو قد يكون هناك ماض من الخيانات المتصورة في عائلة الشخص الشكوك، وأحيان اخرى كثيرة لا يوجد أي دليل على وجود خيانة فعلية، ولكن الشريك يصرف الانتباه أو يغفل ويُشعر الشخص الشكوك بأن هناك خطب ما، وقد يكون الشخص الشكوك هو الشخص الذي يخون، إذ إنه منشغل بأوهامه الخاصة بالشعور بالذنب، فهو يعرض مشاعره وأفعاله ورغباته على الشريك ويتفاعل مع توقعاته كما لو كانت حقيقية. [٣]

الشك كظاهرة متأرجحة

ما هي تحوّلات العلاقة بين الثقة والشكّ؟

أحد الجوانب المثيرة للفضول في دراسة الشك بين الزوجين في علم النفس هي الطريقة التي يتأرجح بها الشركاء في مواقع الشك، فالشخص الذي كان شَكوكًا في البداية، قد يكون في مرحلة زمنية مختلفة هو الشخص الذي يُتهم بالخيانة، والشخص الذي كان مرارًا وتكرارًا يتعرض لشكوك من شريكته قد يجد نفسه فجأة تحت نوبة قوية من عدم الثقة لم يسبق أنْ مرّ بها من قبل، وبالنسبة لبعض الأزواج، يحدث هذا التحول ضمن العلاقة نفسها؛ أو قد يحدث في علاقة مختلفة مع شريك جديد، وقد تظلّ حالات عدم الاستقرار والمخاوف المرتبطة بالشك نائمة حتى يوقظ وضع معين أو علاقة معينة نقاط ضعف الفرد.[٣]

مثال على ما سبق: رجل في الأربعين من عمره، كان موضع شك وغيرة في زواجه الأول، بعد أن توفّيت والدته وبشكل غير متوقع، بدأ يشعر بالحيرة الشديدة من حالة الشك التي تعتريه مع خطيبته الجديدة، عندما أخبرته خطيبته بأنها تريد أن تأخذ الأمور ببطء، فقد غمرته فجأة حالة من عدم الثقة الشديدة، إذ بدأ يتجسّس عليها، ويراقب يائسًا رسائل بريدها الإلكترونيّ وهاتفها الخلوي بحثًا عن أدلة على أنّها تمتلك عشّاقًا آخرين، حتى أنه اختبأ خارج شقتها ليرى ما إذا كانت ستعود إلى المنزل مع رجال آخرين، العلاج النفسي كشف أبعاد هذا الشك في ذاكرته البعيدة، عندما كان يتحدّث عن الشك في العلاج، وهو يبكي ويتذكّر والده الذي ترك أمّه وخرج من المنزل ولم يعد، عندما كان عمره 10 سنوات.

المراجع[+]

  1. ^ أ ب ت Ayala Pines (1998), Romantic jealousy: Causes, symptoms and cure, New York: Routledge, Page 120-122. Edited.
  2. ^ أ ب Annmarie Cano , Deniel O’leary (1997), “Romantic jealousy and affairs: Research and implications for couple therapy”, Journal of Sex and Marital Therapy, Issue 23, Folder 4, Page 249–262. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج Michele Scheinkman, Denise Werneck (2010), “Disarming jealousy in couples relationships: A multidimensional approach”, Family Process, Issue 49, Folder 4, Page 486-502. Edited.
  4. Helen Fisher (2005), Why we love: The nature and chemistry of romantic love, New York: Henry Holt & Co, Page 5.






اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب