X
X


موقع اقرا » إسلام » أخلاق إسلامية » التواضع بين المدح والذم

التواضع بين المدح والذم

التواضع بين المدح والذم


المواضع التي يستحب فيها التواضع

التواضع خلق دعا إليه الإسلام وحثّ عليه، والتواضع يكون محموداً حيناً، ومذموماً في حين آخر،[١] إذ يستحب التواضع في المواضع الآتية:

التواضع لله

إنّ أفضل موضع للتواضع أن يتواضع فيه العبد لخالقه، وأن يتذلّل له، وذلك بامتثاله أوامره، واجتنابه نواهيه، ويكون تواضعه لله بانكساره بين يديه، وطلبه ودعائه، واحتياجه الدائم له، فتبقى نفس المسلم متذلّلة بين يدي ربّها، مهما تغيّرت أحواله، وكلّما دعته نفسه للتكبّر، ذكر جبروت وعظمه الله -تعالى- فيعود منكسراً مقرّاً بعبوديته لله -تعالى- وحده.[١]

التواضع للوالدين

من صور التواضع المحمود أيضاً هو التواضع للوالدين، وعدم التعالي عليهما، قال الله -تعالى-: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ)،[٢] والمراد من قول الله -تعالى- خفض الجناح؛ أي بذل أقصى درجات التواضع والتذلل بين يدي الوالدين، وعدم التعالي والتكبّر عليهما، سواءً بالقول أو الفعل، وسواءً في أمور صغيرة، أو أمور عظيمة.[٣]

التواضع مع المؤمنين

إنّ من أبهى صور التواضع أن يتواضع المؤمن مع إخوته المؤمنين، وأن لا يتعالى عليهم بأقواله وأفعاله، مهما بلغت منزلته ومكانته، ولا يدفعه ما وصل إليه من علم، أو جاه، أو سلطان، أو كثرة مال أن يتكبّر ويُصيبه الغرور بنفسه.[٤]

وقد حثّ الله -تعالى- على ذلك في قوله: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)،[٥] والتواضع بين المؤمنين وعدم تطاول بعضهم على بعض له أثر جميل على المجتمع؛ فهو يُذيب الفروقات بين النّاس، ويُؤدّي إلى شيوع المحبة والمودة فيما بينهم.[٤]

المواضع التي يكره فيها التواضع

أمّا المواضع المذمومة للتواضع، فيُكره أن يكون في المواضيع الآتية:

التواضع مع الظلمة وأهل الدنيا

يُكره تواضع المسلم لأصحاب الدنيا؛ طمعاً فيما يملكون من دنياهم،[٦] كتواضعهم وتذلّلهم لأصحاب الأموال، أو أصحاب سلطة معينة، والتواضع لا يستحب ولا يُحمد كذلك إذا كان انكسار العبد وتواضعه أمام الظَّلمة المتغطرسين.[٧]

التواضع مع المتكبرين

ذمّ الإسلام التكبّر والمتكبّرين؛ وذلك لأنّ المتكبّر يريد أن يتّصف بصفة انفرد بها الله -جلّ جلاله-، وهذا الشخص المتكبّر لا يجوز للمسلم أن يتواضع أمامه، وأن يتذلّل إليه، فيكون التواضع مذموماً في هذا الباب، بل يجب أن يقابله العبد بعزّة وأنفة، وقد قال الإمام الشافعي مقولة في ذلك: “تكَبَّرْ عَلَى الْمُتَكَبِّرِ مَرَّتَيْن”.[٨]

التواضع في أرض القتال

أجاز الإسلام للمحاربين التكبّر على أعدائهم الكفار في ساحة الحرب، وأن يختال المسلم على أعدائه، وذمّ التواضع في هذا الباب؛ وذلك من أجل أن يُرهبهم، ويوقع بين صفوفهم ويكسر شوكتهم.[٩]

الفرق بين التواضع والذل

إنّ التواضع لا يعني الذلّ أبداً، فالتواضع ينبع من إيمان المرء بالله -تعالى- وإخلاصه له، فيتولّد عنده ذلك الشعور الذي يجعله ينكسر بين يدي الله -تعالى-، ويخفض جناحه للمؤمنين، بينما الذّل ما هو إلّا شعور بالمهانة ينبع نتيجة انجرار العبد وراء شهواته، وركضه خلف الدّنيا وأهلها،[١٠] وعليه فإنّ المؤمن يكون متواضعاً، ولا يكون ذليلاً، فهو لا يتعالى على الناس ولا يأكل حقوقهم، ولكنّه لا يذلّ نفسه لأحد سوى لخالقه.[١١]

المراجع

  1. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية الدرر السنية، صفحة 152. بتصرّف.
  2. سورة الإسراء، آية:24
  3. مأمون حموش، التفسير المأمون على منهج التنزيل والصحيح المسنون، صفحة 479. بتصرّف.
  4. ^ أ ب محمد الخضر حسين، موسوعة الأعمال الكاملة، صفحة 168. بتصرّف.
  5. سورة الشعراء، آية:215
  6. عبد الملك بن قاسم، من تواضع لله رفعه، صفحة 22. بتصرّف.
  7. أمين الشقاوي، الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة، صفحة 219. بتصرّف.
  8. محمد الخامدي، بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية، صفحة 186. بتصرّف.
  9. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 167. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 1256. بتصرّف.
  11. محمد بن عثيمين، تفسير العثيمين، صفحة 82. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب