X
X



التشبيه وأركانه

التشبيه وأركانه


مفهوم التشبيه

كيف عرّف ابن رشيق التشبيه؟

التّشبيه في اللغة العربية هو المُماثلة، أمّا في اصطلاح البلاغيّين فقد وردت له تعريفات كثيرة، فقد عرّفه الرمّانيّ بأنّه العقد على أنّ أحد الشيئين يسدّ مسدّ الآخر في حِسّ أو عقل، أمّا ابن رشيق فقد عرّفه بأنّه صفة الشّيء بما قاربه وشاكله من جهة واحدة أو جهات كثيرة لا من جميع جهاته؛ لأنّه لو ناسبه مناسبة تامّة لَكان إياه، وعرّفه القزويني بأنّه الدلالة على مشاركة أمر لآخر في المعنى، وكلّ التعريفات تصبّ في عبارة واحدة، وهي أنّ التشبيه مشاركة شيء لشَيء بصفةٍ أو أكثر[١]، ومن أمثلة الشعر العربيّ على التشبيه قول امرئ القيس:[٢]

كَأَنَّ قُلوبَ الطَّيرِ رَطبًا وَيابِسًا

لَدى وَكرِها العُنّابُ وَالحَشَفُ البالي

لتتعرّف أكثر على مفهوم التشبيه، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: تعريف التشبيه في اللغة العربية.

أركان التشبيه

ما هو الرّكن الأساسيّ في جملة التشبيه؟

للتشبيه أربعة أركان وهي: المشبّه والمشبّه به وأداة التشبيه ووجه الشبه، ويسمّى المشبّه والمشبّه به طَرَفا التّشبيه الأساسيّين؛ لأنّه لا يجوز حذفهما أو حذف أحدهما من أسلوب التشبيه، أمّا الأداة والوجه فمن الممكن حذفهما أو حذف أحدهما، وذكرهما أو ذكر أحدهما، وهذا رهنٌ بمراد المتكلم، فيقال مثلًا زيد كالأسد في الشجاعة، من الملاحظ أن “زيد” و “الأسد” هما ركنا التشبيه الأساسيين، حيث لا يُفهم التشبيه إلا بذكرهما في العبارة، لكن ربما حذفت الأداة فيقال زيد أسد في الشجاعة، وربما حذف الوجه فيقال زيد كالأسد، وقد يحذفان معًا فيقال: زيد أسد.[٣]

لقراءة المزيد عن أدوات التشبيه، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: أدوات التشبيه.

أقسام التشبيه

يُقسم التشبيه بالنظر إلى أداته، وبالنظر إلى وجه الشبه، بالنظر إلى ذكر الأركان وحذفها كالآتي.

أقسام التشبيه بالنظر إلى أداته

يُمكن شرح أقسام التشبيه بالنظر إلى الأداة، هما: التشبيه المرسل والتشبيه المؤكّد، وغالبًا ما تكون أداة التشبيه هي الكاف والباء، وفيما يأتي شرح مفصّل مؤيّد بالشواهد والأمثلة الموضّحة:[٤]

  • التشبيه المُرسل: وهو التّشبيه الذي ذكرت فيه الأداة، كما في قوله تعالى: {الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ}[٥]، وكما في قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا”.[٦]
  • التشبيه المؤكّد: وهو التّشبيه الذي حذفت منه الأداة، حذفت من الذكر لكنّها مقدرة في نفس المتكلم، كما في قوله تعالى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ}[٧]، والتشبيه المؤكد أبلغ من المرسل لجعل المشبّه مشبّهًا به من غير واسطة، وأوجز لحذف أداة التشبيه منه، ويعدّ منه ما أضيف فيه المشبّه للمشبه به، كما في قول الشاعر الشريف الرضي:[٨]

أَرسى النَسيمُ بِواديكُم وَلابَرِحَت

حَوامِلُ المُزنِ في أَجداثِكُم تَضَعُ

أقسام التشبيه بالنظر إلى وجه الشبه

إنّ أقسام التشبيه بالنظر إلى وجه الشبه أربعة أقسام: مفرد، ومفصّل، ومُجمَل، وتمثيل، وفيما يأتي شرح لكلّ من الأقسام الثلاثة وموضحًا بالشواهد الّلازمة:[٤]

  • التشبيه المفصّل: هو التشبيه الذي ذكر فيه وجه الشبه، مثال ذلك قول المتنبي:[٩]

فَتىً كَالسَحابِ الجونِ يُخشى وَيُرتَجى

يُرَجّى الحَيا مِنها وَتُخشى الصَواعِقُ
  • التشبيه المفرد: وهو التشبيه الذي يأتي فيه طرفا التشبيه ووجه الشبه لفظًا مفردًا، مثل قول: وجهها كالبدر في الضياء.[١٠]
  • التشبيه المجمل: وهو التشبيه الذي لم يذكر فيه وجه الشبه، كما في قوله تعالى: {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ۚ يَا مُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ ۖ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ}[١١].
  • التمثيل: فرق البلاغيون بين التشبيه والتمثيل، فقالوا: “كل تمثيل تشبيه وليس كل تشبيه تمثيل”، والتشبيه على ذلك ضربان:
    • تشبيه غير تمثيلي: وهو ما كان وجه الشبه فيه أمرًا بيّنًا بنفسه لا يحتاج إلى تأويل لأنّ الطرفين فيه يشتركان بصفة ظاهرة مثل تشبيه القد اللطيف في لطافته ومرونته، والرجل القوي بالأسد.
    • التشبيه التمثيلي: وهو ما كان وجه الشبه فيه منتزعًا من متعدد، كما في قوله تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[١٢].

أقسام التشبيه بالنظر إلى ذكر الأركان وحذفها

ينقسم التشبيه بالنظر إلى ذكر أركانه وحذفه إلى: التشبيه البليغ والتشبيه الضمني والتشبيه المقلوب، وفيما يأتي تعريف بكلّ نوع من أنواع التشبيه، وإدراج لأمثلة موضحة لكلّ منها:[١٣]

  • التشبيه البليغ: هو التشبيه الذي حذفت منه الأداة والوجه، وهو أعلى مراتب التشبيه في البلاغة، وقوة المبالغة لما فيه من ادّعاء أنّ المشبّه هو عين المشبّه به فلا يفصل بينهما فاصل ولا يُذكر الوجه حتّى لا يكون ثمّة تقييد، ثم لما فيه من الإيجاز النّاشئ عن حذف الركنَيْن أيْ: الأداة والوجه معًا، ومن أمثلته أن يقال: زيدٌ أسد.[١٣]

لقراءة المزيد عن التشبيه البليغ، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: ما هو التشبيه البليغ.

  • التشبيه الضمني: هو التّشبيه الذي لا يُذكر فيه الطرفان الأساسيان صريحَيْن، إنّما يُلمحان من التركيب ويُفهمان من السياق لذلك سمّي ضمنيًّا، وهذا التشبيه يأتي في أعقاب الكلام من أجل إقناع المخاطب أو القارئ، بفكرة من المتكلم أو الكاتب[١٣]، ومثال ذلك في قول المتنبي:[١٤]

مَن يَهُن يَسهُلِ الهَوانُ

عَلَيهِ ما لِجُرحٍ بِمَيِّتٍ إيلامُ
  • التشبيه المقلوب: هو القَلْب بين المشبّه والمشبّه به، والغرض منه المبالغة وادّعاء أنّ وجه الشبه في المشبّه أقوى وأظهر لذلك قَلَبه، لأنّ من عادة العرب أن تكون الصفة في المشبّه به أظهر منها في المشبّه، وهنا صار المشبّه مشبّهًا به[١٣]، ومثاله قول المتنبي:[١٥]

أَنَنقُصُهُ مِن حَظِّهِ وَهوَ زائِدٌ

وَنَبخَسُهُ وَالبَخسُ شَيءٌ مُحَرَّمُ

يَجِلُّ عَنِ التَشبيهِ لا الكَفُّ لُجَّةٌ

وَلا هُوَ ضِرغامٌ وَلا الرَأيُ مِخذَمُ

المراجع[+]

  1. د عيسى بلاطة، إعجاز القرآن الكريم عبر التاريخ: مختارات، صفحة 61. بتصرّف.
  2. “ألا عم صباحاً أيها الطلل البالي”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 01-10-2019.
  3. د أحمد هنداوي هلال، أدوات التشبيه في لسان العرب لابن منظور، صفحة 14. بتصرّف.
  4. ^ أ ب العلّامة محمد فضل حق اللامفوريّ، شموس البراعة شرح دروس البلاغة، صفحة 153. بتصرّف.
  5. سورة النور، آية:35
  6. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبو موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:1928، خلاصة حكم المحدث – صحيح.
  7. سورة النمل، آية:88
  8. “قف موقف الشك لا يأس ولا طمع”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 01-10-2019.
  9. “هو البين حتى ما تأنى الحزائق”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 01-10-2019.
  10. “التشبيه: تعريفه، أركانه، أقسامه، الغرض منه”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 01-10-2019. بتصرّف.
  11. سورة القصص، آية:31
  12. سورة البقرة، آية:261
  13. ^ أ ب ت ث “تشبيه”، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 01-10-2019. بتصرّف.
  14. “لا افتخار إلا لمن لا يضام”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 01-10-2019.
  15. “نرى عظما بالبين والصد أعظم”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 01-10-2019.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب