X
X


موقع اقرا » إسلام » معارك وغزوات » اسم أطلق على جيش غزوة تبوك

اسم أطلق على جيش غزوة تبوك

اسم أطلق على جيش غزوة تبوك


اسم أطلق على جيش غزوة تبوك

أُطلق على غزوة تبوك وجيشُها اسم جيشُ العُسرة؛ وذلك لِعُسر الخُروج إليها بسبب توقيتها، حيثُ إنّها جاءت في وقتٍ قد اشتدّ فيه الحرّ والجدب،[١] وجاءت هذه التّسمية في قولهِ -تعالى-: (لَقَد تابَ اللَّـهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهاجِرينَ وَالأَنصارِ الَّذينَ اتَّبَعوهُ في ساعَةِ العُسرَةِ)؛[٢] والعُسر هو صعوبة الأمر، وذكر القُرطُبيّ في تفسيره أنّ المقصود بساعة العُسرة؛ أي جميعُ أوقات الغزوة، وليس ساعةً بعينها، وقيل: إنّها كانت من أشدّ وأصعب الغزوات التي مرّت بالصحابة الكِرام.[٣]

وقد اجتمع فيها على المقاتلين عدّة صعوباتٍ منها: وقت الظّهر شديد الحرّ، وقلّة الزاد والماء، وقوّة العدوّ وخطره، حيثُ كان المسلمون في مواجهة الرّوم وجُيوشهم، كما كان العشرة من الصحابة يخرجون على بعيرٍ واحِدٍ يركبون عليه بالتّناوب، وكانوا يأكلون من التّمر المتسوّس والشعير المتغيّر، وذلك لقلّة الطّعام، ورُوي عن عُمر بن الخطّاب -رضيَ الله عنه- أنّهم أصابهم العطش الشديد وبلغ منهم حدّ الموت، كما أصابتهم المجاعة، وغزوة تبوك كانت آخر غزوات النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-.[٣][٤]

وخرج النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- بهذا الجيش إلى منطقة تبوك، وقد سمّاها القُرآن بغزوة العُسرة، وسمّاها النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- بغزوة تبوك، ولمّا تكلّم الإمامُ البُخاريُّ عنها قال: “باب غزوة تبوك وهي غزوة العُسرة”؛ فجمع بين التّسميتين، وهي تسمية القُرآن الكريم، وتسمية السُنّة النبويّة،[٥]

سبب غزوة تبوك

تعدّدت أسباب قيام غزوة تبوك، وهذه الأسباب هي:[٦][٧]

  • وصول خبرٍ للنبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- بأنّ الرّوم وحلفاءها يستعدّوا لغزو المدينة بجُموعٍ كثيرة، فأراد النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- الخُروج للقائهم قبل أن يأتوا إليهم، وهذا القول ذكره ابن سعد في كتابه الطّبقات الكُبرى.
  • قُرب الرّوم من النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-؛ حيثُ إنّهم كانوا أقرب النّاس إليه، فهم أحقُّ النّاس بالدّعوة؛ لِقُربهم من الإسلام وأهله، قال -تعالى-: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)،[٨] فكانت تلك الغزوة استجابةً لأمر الله -تعالى- بالجهاد، وذهب إلى هذا القول الإمام ابن كثير.

مجريات غزوة تبوك

بدأت أحداث غزوة تبوك بوصول النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- بالجيش إلى أرض تبوك، وأخبرهم بِهُبوب ريحٍ شديدةٍ عليهم، وأمرهم بأخذ احتياطاتهم على أنفسهم ودوابّهم، وأمرهم بعدم الخُروج أثناء الرّيح وبربط دوابهم،[٩] وقد ذُكر ذلك في قول النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-: (سَتَهُبُّ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فلا يَقُمْ فِيهَا أَحَدٌ مِنكُم، فمَن كانَ له بَعِيرٌ فَلْيَشُدَّ عِقالَهُ، فَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ رَجُلٌ فَحَمَلَتْهُ الرِّيحُ حتَّى أَلْقَتْهُ بجَبَلَيْ طَيِّئٍ)،[١٠] ولم يلقَ النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- ومن معه أيّ أحدٍ من الرّوم، وذلك بعد أن ألقى الله -تعالى- الرُّعب في قُلوبهم، وبقوا في أرضهم بالشّام، ولم يتحرّكوا للقاء المُسلمين، وبقي المُسلمون بضع عشرة ليلة في تبوك، وجاءت القبائل العربيّة وصالحت النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- على الجزية، وقد كانت هذه الغزوة شبيهةً بغزوة الأحزاب؛ من حيث عدم القتال، وكان بدايتُها شدّةٌ وبلاء وعُسر.[١١]

وكانت تبوك تتميّز بقلّة مائها، فنبّه النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- المُسلمين بعدم مساس مائها حتى يأتي، فاستقى منها بعض الصّحابة، فغضب منهم النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-، فغسل منها وجههُ ويديه، فانفجرت العين بماءٍ كثيرٍ،[٩] ولما تجمّع جيشُ المُسلمين أعطى النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- لواءه لأبي بكر الصّديق -رضيَ الله عنه-، ثُمّ أمره بالتّحرك عبر الصّحراء باتّجاه الشّام، فلم يجد في تبوك أحداً، فعسكر فيها عشرين يوماً، وأقام عند الحُدود مُتحدّياً أيّ قوةً تأتيه،[١٢] وعند وُصول جيش المُسلمين إلى المدينة؛ خرج الصّبيان والنّساء لاستقبالهم، وصلّى النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- بالمسجد ركعتين، ثُمّ جلس للنّاس، وجاء المُنافقون بالأعذار لتخلّفهم عن المعركة.[١١]

وقام بعضُ المُنافقين بِمُحاولة قتل النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- عند وصوله للمدينة، وآذوه بألسنتهم، فنزل فيهم قولهُ -تعالى-: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ)،[١٣] كما أُخبر النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- في طريق العودة عن خبر مسجد الضّرار الذي قام المُنافقون ببنائه، وطلبوا من النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- الصّلاة فيه، فأخبره الله -تعالى- بنواياهم في قوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ* لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)،[١٤] فأمر النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- بهدمه.[١١]

المراجع

  1. مظهر الدين الزَّيْدَانيُّ (2012م)، المفاتيح في شرح المصابيح (الطبعة الأولى)، سوريا: دار النوادر، صفحة 306، جزء 6. بتصرّف.
  2. سورة التوبة، آية: 117.
  3. ^ أ ب إبراهيم بن محمد بن حسين العلي الشبلي (1995)، صحيح السيرة النبوية (الطبعة الأولى)، الأردن: دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 463-464. بتصرّف.
  4. عبد الرحمن بن صالح المحمود، دروس للشيخ عبد الرحمن صالح المحمود، صفحة 5، جزء 18. بتصرّف.
  5. صالح بن عوّاد بن صالح المغامسي، تأملات قرآنية، صفحة 4، جزء 21. بتصرّف.
  6. موسى بن راشد العازمي (2011)، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون «دراسة محققة للسيرة النبوية» (الطبعة الأولى)، الكويت: المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 274-275، جزء 4. بتصرّف.
  7. صالح بن طه عبد الواحد (1428 هـ)، سُبُل السَّلام مِن صَحيح سيرة خَير الأنَامِ عَليه الصَّلاة وَالسَّلام (الطبعة الثانية)، تركيا: مكتبة الغرباء، صفحة 525. بتصرّف.
  8. سورة التوبة، آية: 123.
  9. ^ أ ب موسى بن راشد العازمي (2011)، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون «دراسة محققة للسيرة النبوية» (الطبعة الأولى)، الكويت: المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 320، 323-324، جزء 4. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي حميد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 1392، صحيح.
  11. ^ أ ب ت صالح بن طه عبد الواحد (1428 هـ)، سُبُل السَّلام مِن صَحيح سيرة خَير الأنَامِ عَليه الصَّلاة وَالسَّلام (الطبعة الثانية)، تركيا: مكتبة الغرباء، صفحة 533-536. بتصرّف.
  12. محمد الطيب النجار، القول المبين في سيرة سيد المرسلين، بيروت: دار الندوة الجديدة، صفحة 364. بتصرّف.
  13. سورة التوبة، آية: 74.
  14. سورة التوبة، آية: 107-108.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب