X
X


موقع اقرا » إسلام » أخلاق إسلامية » أنواع الأمانة

أنواع الأمانة

أنواع الأمانة


أنواع الأمانة

تعرّف الأمانة عند أهل العلم بأنَّها إرجاع الحقِّ إلى أهله، وهي بهذا المعنى ضدُّ الخيانة، وهي خُلُقٌ ثابتٌ في نفس المرء، يمتنع به عن ما ليس من حقِّه، مع قدرته على أخذه أو العدوان عليه.[١]

وتدخل الأمانة في كلِّ شيء؛ من عقيدة أو سلوك أو خلق، وتدخل في التعاملات المالية، وفي حفظ السرِّ، وحفظ أخبار الخلق، وتدخل الأمانة في التعامل ما بين الخلق والخالق، وفيما بين الخلق بعضهم ببعض، وفيما يأتي بيان ذلك:[٢]

الأمانة مع الله

أوّل الأمانة تكون مع الله -تعالى- بالإيمان به -جلَّ وعلا-، وتوحيده، وطاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه، وعبادته، والسير على الهداية التي ارتضاها الله -تعالى- لنا، والدعوة إلى دين الله -تعالى- بالحسنى.[٣]

بالإضافة إلى التَّمسُّك بكتاب الله -تعالى- قراءةً وتدبُّرا وتلاوةً، والحكم به والجهاد في الدعوة إليه،[٤]وقد عرض الله -تعالى- هذه الأمانة على السماوات والأرض والجبال، فاعتذرن عنها؛ لعجزهم عنها، ثم حملها الإنسان، فمن قام بها فقد أدَّى الأمانة، ومن قصّر بها استحقَّ العذاب.

قال الله -تعالى-: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً* لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً﴾.[٥]

الأمانة في الأموال والأعراض

يقول الله -تعالى-: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾،[٦] وتكون الأمانة في الأموال بأن يُؤدّى إلى صاحبه، سواء أكان مال وديعة، أو أجرة عامل، أو حقّاً لوارث، أو مهراً لزوجة، أو مال دَين في رقبته، أو مالاً مرهوناً عنده.[٧]

وقد عدَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- خيانة الأمانة من علامات النفاق، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا وعَدَ أخْلَفَ، وإذا اؤْتُمِنَ خانَ).[٨]

والأمانة في الأعراض تكون في السّتر على المذنب، وكفِّ النَّظر إلى محارم البيوت، وعدم تتبّع عورات الخلق وزلَّاتهم، وحفظ المجالس، وتكون في عِفَّة اللسان عن الذمِّ، والشتم، والغيبة، والنميمة، وعن قذف المحصنات، وسائر آفات اللسان.[٩]

الأمانة في الجهاد

يحمل المجاهد أمانة يُؤديها أثناء الجهاد والقتال، فحتى في ساعة الشِّدَّة والحرب هناك أمانة على المجاهد أن يلتزم بها، ومنها ما يأتي:[١٠]

  • عدم الغدر أو الخيانة أو الغلول

لقوله -صلى الله عيله وسلم- في وصيته للمجاهدين: (اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا).[١١]

  • عدم قتل النساء والصبيان

حيث وُجِدَتِ امْرَأَةٌ مَقْتُولَةً في بَعْضِ تِلكَ المَغَازِي، (فَنَهَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ).[١٢]

  • ما يقوم به من يخلف الغازي في أهله

لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (…وما مِن رَجُلٍ مِنَ القاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنَ المُجاهِدِينَ في أهْلِهِ فَيَخُونُهُ فيهم، إلَّا وُقِفَ له يَومَ القِيامَةِ، فَيَأْخُذُ مِن عَمَلِهِ ما شاءَ، فَما ظَنُّكُمْ؟).[١٣]

الأمانة في النصيحة وكتم الأسرار

يقول -صلى الله عليه وسلم-: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلْنا: لِمَنْ؟ قالَ: لِلَّهِ ولِكِتابِهِ ولِرَسولِهِ ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وعامَّتِهِمْ)،[١٤] ويُعدَّ تقديم النصح للآخرين من الأمانة، فلا يطلب النصيحة إلّا من يحتاجها ليصلح حاله بها، وقد يطلب النصيحة لأمرٍ خاص ٍّ لا يرغب في أن يعرفه أحد، فعلى الناصح أن يحفظ أمانته ولا ينشر سِرَّه أبداً.[١٥]

قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا حدَّث رجلٌ رجلًا بِحَديثٍ ثمَّ التفَتَ؛ فهوَ أمانةٌ)،[١٦] وقال -صلى الله عليه وسلم-: (المستشارُ مؤتمنٌ)،[١٧] فعلى من يُعطي النصيحة أن يكون أميناً بها، فيعطي النصيحة بما يناسب حالُ طالبها، ولا ينصحه بما يضرُّه.

الأمانة في الولاية

  • تكون الأمانة في الولاية بين الحاكم والمحكوم، وهي تشمل كلُّ الجوانب التي يكون فيها الحاكم مسؤولاً فيها عن الرعية، وقد حذَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- الحاكم الذي يُقصِّر في الأمانة والتي جعله الله -تعالى- مُستخلفاً فيها، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَومَ يَمُوتُ وهو غاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عليه الجَنَّةَ).[١٨]
  • تشمل الأمانة في الولاية كل من كان مسؤولاً على أمرٍ من أمور المسلمين، فعليه أن يراعي الأمانة التي وكَّله الله -تعالى- بها، يقول -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ، مَن وَلِيَ مِن أَمْرِ أُمَّتي شيئًا فَشَقَّ عليهم، فَاشْقُقْ عليه، وَمَن وَلِيَ مِن أَمْرِ أُمَّتي شيئًا فَرَفَقَ بهِمْ، فَارْفُقْ بهِ).[١٩]
  • تشمل الأمانة حقَّ الأجير، فمن استأجر أجيراً فمنعه حقّه؛ فقد خان الأمانة، لما يرويه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (قالَ اللَّهُ: ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَومَ القِيامَةِ: رَجُلٌ أعْطَى بي ثُمَّ غَدَرَ، ورَجُلٌ باعَ حُرًّا فأكَلَ ثَمَنَهُ، ورَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيرًا فاسْتَوْفَى منه ولم يُعطِه أجرَه).[٢٠]

الأمانة في الأسرة

يقول -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والأمِيرُ راعٍ، والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِ بَيْتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ علَى بَيْتِ زَوْجِها ووَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ).[٢١]فالبيت أمانة وجب على الزوج أن يُراعيها؛ بحسن اختيار الزوجة، وحسن تربية الأبناء، والإنفاق على الأُسرة من غير بُخل أو إسراف، والمرأة مستأمنةٌ على بيتها، وعلى تربية أبنائها، وحسن الإنفاق من مال زوجها.

وتشمل الأمانة خصوصية العلاقة بين الزوج والزوجة، فيحرُم كشف أسرار الزوجية؛ بل يُعدُّ ذلك من خيانة الأمانة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ مِن أَعْظَمِ الأمَانَةِ عِنْدَ اللهِ يَومَ القِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إلى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا).[٢٢]

المراجع

  1. جامعة المدينة العالمية، الحديث الموضوعي، صفحة 271. بتصرّف.
  2. جامعة المدينة العالمية، الحديث الموضوعي، صفحة 282. بتصرّف.
  3. سعيد حوى، الأساس في التفسير، صفحة 1091. بتصرّف.
  4. محمد التويجري، موسوعة فقه القلوب، صفحة 1229. بتصرّف.
  5. سورة الحزاب، آية:73-72
  6. سورة النساء، آية:58
  7. جامعة المدينة العالمية، الحديث الموضوعي، صفحة 282. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6095، صحيح.
  9. مجموعة مؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية الدرر السنية، صفحة 88. بتصرّف.
  10. محمود الخزندار، هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا، صفحة 517. بتصرّف.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم:1731، صحيح.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1744، صحيح.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم:1897، صحيح.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن تميم الداري، الصفحة أو الرقم:55، صحيح.
  15. محمود الخزندار، هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا، صفحة 517. بتصرّف.
  16. رواه الألباني، في صحيح الترغيب والترهيب، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2025، حسن.
  17. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2822، حسن.
  18. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معقل بن يسار، الصفحة أو الرقم:142، صحيح.
  19. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة، الصفحة أو الرقم:1828، صحيح.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2227، صحيح.
  21. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:5200، صحيح.
  22. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:1437، صحيح.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب