X
X



أقوال نزار قباني

أقوال نزار قباني


أقوال نزار قباني عن الشعر

  • إن القصيدة العربية ليس لها مخطط، والشاعر العربي هو صياد مصادفات من الطراز الأول، فهو ينتقل من وصف سيفه إلى ثغر حبيبته ويقفز من سرج حصانه إلى حضن الخليفة بخفة بهلوان، وما دامت القافية مواتية والمنبر مريحًا فكل موضوع هو موضوعه، وكل ميدان هو فارسه من حطين إلى اليرموك إلىالقدس إلى الجزائر، إلى آخر هذا الفلم الاخباري الذي يعرضه علينا شعراء اليمين كما تعرض على الجمهور البسيط أفلام رعاة البقر فلا تتجاوز الإثارة سطح جلده، في هذه النقطة بالذات يتفوق اليمين على اليسار أوهكذا يخيل إلينا، فالفخامة والجزالة وتساقط الحروف العربية، وتكسّرها يحقق لها نجاحًا منبريًا أكيدًا لأن جمهورنا ورث مع ما ورث غريزة التطريب، وحسّه الموسيقي مرتبط تاريخيًا بالآلات ذات الوتر الواحد وبالأدوار الشرقية التي تعتمد على النغمة الواحدة بشكل دوري، أما الشاعر العربي الحديث فلا يحاول استعمال طريقة التخدير الموضعي هذه ولا يلجأ اليها، إن اللغة لديه ليست غاية بحد ذاتها ولكنها مفاتيح الى عوالم أرحب وأبعد، وقيمة الحروف تكون بقدر ما تثيره حولها من رؤى وظلال وتبعثه من إيحاءات.[١]
  • إن البناء الموسيقي في قصيدة الشاعر الحديث مركب من فلذات نغمية تعلو وتخفت، وتصطدم وتتفرق وترق وتقسو وتهدأ وتنفعل ويتولد من هذه الحركة الدائمة لذرّات القصيدة موسيقى داخلية هي إلى البناء السمفوني أقرب منها الى دقَّات الساعة الرتبية، إن ثورة اليسار على ناحية الشكل في القصيدة التقليدية لا تعني أبدًا رغبة اليساريين أو المعتدلين منهم على الأقل في إلغاء هذا الشكل أو حذفه.
  • إن وعيهم التاريخي والجمالي لطبيعة الشعر عامة ولطبيعة القصيدة العربية خاص ة وظروف نشأتها وتكوّنها يمنعهم من التطرف والمغالاة، إنهم يؤمنون أن الانسان هو الذي يصنع قوالبه وليست هي التي تصنع الانسان، وليس فيالفن أشكال نهائية أو أبدية، فالأثواب الجاهزة لا تطيقها أجساد الموهوبين وكل موهوب يختار الثوب الذي يستريح فيه.[٢]
  • إنسان اليسار يرفض أن يضع أفكاره في قوالب كلسية جاهزة وهو يرى أن البيان والبديع والطباق والجناس وما يتصل بها من فسيفساء لغوية ليست سوى حذاء صيني أعاق الفكر العربي قرونًا عن النمو والحركة.[١]

أقوال نزار قباني عن المرأة

  • أيتها الصديقة: الآن تعودين من معسكر التدريب وأنت كالراية المتعبة كالزورق العائد من رحلة مجد، جلست أدخِّن وأتأملك قطعة قطعة كما لو كنت لا أعرفك من قبل، عيناك النقيتان كأمطار ليلة إفريقية، قميصك المعقود الأكمام الذي تركت عليه البندقية بقعًا من الزيت أطهر من زيت المعابد أطهر من الطهر، غطاء الرأس الجامح على شعر فوضى، لباسك المعجون بذرات التراب ورؤوس الشوك ورائحة الأرض، جوربك الصوفي الخشن راحتاك الملوثتان بشحم الزناد، حذاؤك الآكل من جبين الصخر يترك على أرض الحجرة قطعًا من طين يابس هي أثمن ما تضمهُ حجرتي من تحف، أرأيت كيف تنتقل بلادي إليّ كيف تتحول إلى ذرة غبار على قميص شجاع .[٣]
  • قعدت أتأملك وأنت كزهرة اللوتس الوحشية، ليس على فمك شيء ومع هذا فهو أروع من كل شيء ذلك الثغر الراقد كنصف كرزة حمراء لا تعرف من الطعام غير الهواء والشمس وجيرة العصافير، قعدت أتأمل حسنك من زاوية جديدة، أنا أمام تجربة جمال لم أمر بها من قبل، لم يمر بها هذا الشرق من قبل.[٣]
  • كانت المرأة في بلادنا قطعة من قطع الآثار، ليرة ذهبية ملفوفة بالقطن، تعويذة كتبها شيخ لا يعرف الكتابة، ثم انفكَّ السحر يا صديقي وخرجتِ من قطنك، من الصدفة الباردة المغلقة وها أنت تجلسين أمامي أغنية بطولة تقرع نوافذ الشمس، مضى عهد يا صديقتي كانت المرأة فيه دمية مطاط في يد الرجل يضغطها فتغني ويزجرها فتسكت.[٣]
  • مر عهد كانت فيه أكبر مغامرة بطولية تنفذها امرأة هي أن تذهب إلى حمام السوق، أما سمعت قول أحد الفقهاء: تخرج المرأة من بيتها مرتين، مرة إلى بيت زوجها ومرة إلى القبر، تأملي هذا المخطط الذي رسمه ذلك السخيف، تأملي هذا البرنامج الجافل الذي وضعه لتنقلك وتنقل زميلاتك، مشواران فقط، واحد إلى دار الزوجية وواحد إلى دار الأبدية، المهم أن صاحب القول قبر في المكان الذي أعده للمرأة، وخرجت المرأة من قوقعتها الكلسية، قفزةً واحدة، إلى العراء إلى ملاعب الرياح والشموس.[٣]

أقوال نزار قباني عن الحب 

  • أحاول الآن أن أدرس أشواقي من جديد، أنا أبحث قضيةالحب حبي لك، قد تقولين : ما نفع هذا ونحن لم نتغير؟ هذا خطأ، إنني أشعر بتغيير جذري في لون حبي في نكهته في طاقته في اتجاهه، ترى هل تختلف قضية بين حالة السلم والحرب، هذا سؤال تحرك في جبيني أكثر من مرة، أنا أقرر أن شيئًا ما قد وقع فأعطى جمالك مفهومًا جديدًا وأعطى حبي لونًا آخر، إنني معجب مثلًا بهذه الكدمة الصغيرة التي تركها الزحف على التراب فوق مرفقك، معجب برائحة اللاشيء، نعم برائحة اللاشيء تصدر عن فتحة قميصك المتعب، بأظافرك التي كسرها قتال الخنادق واحدًا واحدًا معجب بما حملت معك من معسكر التدريب من تعب وغبار وقطرات عرق.[٢]
  • أعود إلى الكدمة الصغيرة المرسومة على مرفقك، هي حرف مجد يستحق أن يعبد إشارة بطولة يصلى لها، لم يعد يهمني صفاء البلور في الأصابع الشمعية، فقد كفرتُ بملاسة الشمع أصبحت أبحث عن معنى الأصابع قبل الأصابع، عن بطولة اليد قبل اليد، هكذا هدمت المعركة كل مفاهيمي الجمالية، فلا تستغربي أن أزهد بكل ما تعبق به خزائنك من أصفر وأسود وليلكي وأقف ساعات أمام بقعة زيت تركتها بندقية على قميص مجندة من بنات بلادي، ماذا ؟ هل غيرت معركة بور سعيد حواسِّي أيضًا، إن رائحة العطر التي كانت تنسف أعصابي من جذورها في الصيف الماضي لم تعد ذات موضوع، أشياء تزلزل وجودي في زمن السلام لم تعد تفعل بي شيئًا وفني كجمالك تغير يا صديقتي بحركة داخلية تلقائية مدَّ أظافره ونشر ريشه كما يفعل الطائر أمام خطر داهم بدافع من غريزته، لقد أخذت القصائد مكانها في الخنادق وتحت الأسلاك الشائكة وحاربت بجميع ما يحمل الحرف من طاقة وقوة تفجير، البنادق والقصائد والعيون السود كلها أصبحت فحمًا مشتعلًا في ليل المعركة، فيا صديقتي يا ذات القميص المعقود الأكمام والشعر والفوضى والفم المصبوغ باللاشيء والكدمة الصغيرة التي تُضَمُّ وتعبد، سلام عليك.[٢]
  • أيتها الغالية: أغامر وأطلق هذه الرسالة إليك كعصفور يغمد ريشه في فيروز السماء للمرة الأولى، هل ترى يقدَّر لهذا العصفور المهاجر من صدري أن يصل إلى أستار نافذتك؟ هل يقدَّر لرسالتي أن تحطَّ على أناملك الخمس، كنجمة أرهقها السفر، هل تنجو رسالتي إليك من أيدي اللصوص وسفن القراصنة وخنجر أبيك، لا أدري لا أدري فمدينتا تغتال رسائل الحب كما تغتال زهيرات الدرَّاق في أول تفتيحها، وفي مدينتنا تذبح حروف الحب كما تذبح خراف العيد وتتلمَّظ بدمها الساخن، مدينتنا ترفض الحب ترفض أن يزورها نوَّار.[٤]
  • أمس كتبتُ قصيدة لك، كتبتها رغم إرهاب المدينة التي ترفض أن يزورها الربيع، كتبتها لأنني أحبك ولأنني لا أستطيع أن أبتلع أحزاني، فأنا يا صديقتي رجل قدره أن يكتب شعرًا أن يكوِّرالصلصال الساخن، أن يدوّر حروفًا تشتعل على الورق كرؤوس البراكين الصغيرة أن يرسم ألف نجمة في ثانية ويمحوها بأقل من ثانية أن يفصِّل لقدميك الضغيرتين خُفَّاً مضفورًا من زعتر الغابات ولآليء البحر، ولأنني أكتب شعرًا يا صديقتي، لأنني أكتب عن ضفائرك بيادر القمح والذهب طاردني الناس واعتبروني مجنونًا، أنا عندهم مجنون لأنني فتحت الستائر من عينيك الخضراوين، لأنني وضعت في جبينك نصف قمربنفسجي.[٤]
  • مزّقي هذه الرسالة، إن فيها مادة محرمة، فيها شعر شعري أنا، ففي مدينتنا تحرق دواوين الشعر كما يحرقُ الحشيش المصادر، الشعر يا صديقتي هو عاري، عاري الجميل، هو صليبي الذي أرفض النزول عنه، وأنا لا أريدك أن تصلبي معي، ولا أريدك أن تحملي عاري، ليتني أستطيع أن لا أكتب إليك ليتني أستطيع
  • ولكن يبدو أن لا خيار لي، فالشعر هو الرئة التي أتنفَّس منها، إنني لا أقدر أن أهرب منه، إنه أمامي ورائي في ردائي في خلاياي في أصابعي، إنّه كَلونِ عيوني لا أستطيع الهروب منه إنه قَدَرَي، أما قدرك أنتِ فهو أن تكوني حبيبتي، ولن تهربي من هذا القدر أبدًا لأنّه كلون عينيك البنفسجيتين لا حيلة لك باختياره.[٤]

لقراءة أشعار نزار قبّاني في الحبّ، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: أبيات شعر نزار قباني عن الحب.

المراجع[+]

  1. ^ أ ب نزار قباني (1963)، الأعمال النثرية الكاملة (الطبعة 1)، لبنان:منشورات نزار قباني، صفحة 37-38، جزء 7.
  2. ^ أ ب ت نزار قباني (1963)، الأعمال النثرية الكاملة (الطبعة 1)، لبنان:منشورات نزار قباني، صفحة 39-40، جزء 7.
  3. ^ أ ب ت ث نزار قباني (1963)، الأعمال النثرية الكاملة (الطبعة 1)، لبنان:منشورات نزار قباني، صفحة 134-140، جزء 7.
  4. ^ أ ب ت نزار قباني (1963)، الأعمال النثرية الكاملة (الطبعة 1)، لبنان:منشورات نزار قباني، صفحة 144-147، جزء 7.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب