X
X


موقع اقرا » إسلام » معارك وغزوات » أحداث غزوة أحد

أحداث غزوة أحد

أحداث غزوة أحد


سبب غزوة أحد

لقد كان لغزوة بدر التي سبقت غزوة أحد أثرٌ كبيرٌ في نفوسِ المشركين، وذلك بسبب الهزيمة التي لقوها من المسلمين، فعقد المشركون عزمهم على قتال المسلمين، وذلك للأسباب الآتية:

  • الثأر والانتقام.[١]
  • استرداد مكانتهم بين القبائل العربية.[٢]
  • تأمين طريق تجارتهم إلى الشام.[٣]

أطراف المعركة

وقعت غزوة أحد بين المشركين والمسلمين، وجمعت قريش ثلاثة آلاف مقاتل بقيادة سفيان بن حرب، حيث توَّجه بهم نحو المدينة المنورة،[٤] فلّما علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنيّة المشركين، جمع أصحابه واستشارهم في كيفية مواجهة المشركين.[١]

ثمَّ خرج الرسول -عليه الصلاة والسلام- بالمسلمين إلى جبل أحد خارج المدينة المنورة، وكان عددهم حوالي ألف مقاتل، إلَّا أنَّ عبد الله بن أبي بن سلول وهو زعيم المنافقين، رجع بثلاثمئة مقاتل، ليصبح عدد المسلمين سبعمئة مقاتل.[١]

أين ومتى وقعت الغزوة

وقعت غزوة أحد في السابع من شوال سنة ثلاثة للهجرة،[٥] وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- قد استشار أصحابه في الخروج لملاقاة المشركين، وقد كان رأيه -عليه الصلاة والسلام- أن يكون اللقاء في المدينة، حتى إذا قدم المشركون قاتلوهم أشدَّ القتال، وإن دخلوا عليهم قاتلوهم من المداخل الضيقة ومقداماتها، والنساء من أعلى البيوت.[٦]

إلاّ أنَّ الذين تخلّفوا عن معركة بدر، والمتحمِّسين للقتال؛ كحمزة بن عبد المطلب، كان لهم الرأي في الخروج من المدينة،[٦] وقد نزل النبي -عليه الصلاة والسلام- على رأيهم.

ولمّا رأوا أنَّهم قد خالفوا رغبة النبي عرضوا عليه موافقتهم على ملاقاة المشركين داخل المدينة، فقال النبي: (ليس لنَبيٍّ إذا لَبِسَ لَامَتَه أنْ يَضَعَها حتى يُقاتِلَ).[٧][٨] فنزلوا في أحد، وجعلوا ظهرهم وعسكرهم لأُحد، وجعلوا قبلتهم إلى المدينة.[٨]

بدء غزوة أحد

الاستعداد لغزوة أحد

هيّأ النبي -عليه الصلاة السلام- الجيش للقتال، وجعل خمسين من الرماة على جبل الرُّماة من الجهة الغربية؛ لتحمي ظهورهم من خيول المشركين.

وقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تبرحوا إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا)؛[٩] أي لا تغادروا أماكنكم سواء انتصرنا أم انهزمنا.[١٠]

ووضع النبي -عليه السلام- ثلاثة ألوية:[١١]

  • لواء مع أسيد بن حضير.
  • لواء للمهاجرين، وكان لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وقيل مصعب بن عمير.
  • لواء للخزرج، وكان للحباب بن المنذر -رضي الله عنه-، وقيل سعد بن عبادة.

أمَّا المشركون فبدأوا يستعدُّون لمعركة أُحد ومواجهة المسلمين، فكانت صفوفهم بقيادة أبي سفيان بن حرب، فجعل على الميمنة من الجيش خالد بن الوليد، ومن الميسرة عكرمة بن أبي جهل، وجعل على المُشاة صفوان بن أمية، وعلى الرُّماة عبد الله بن أبي ربيعة.

محاولة سفيان تثبيط همم المسلمين

صلّى رسول الله بالناس يوم الجمعة، ثمَّ أمرهم بالثبات، وبشّرهم بالنصر إذا اجتهدوا، ثمّ صلّى بهم العصر،[٤] وتجمَّعوا للمعركة.

إلَّا أنَّ قريشاً حاولت قبل أن تندلع المعركة بين المسلمين والمشركين إيقاع النزاع والفرقة في صفوف المسلمين، فأرسل سفيان بن حرب للأنصار فقال: “خلُّوا بيننا وبين ابن عمنا فننصرف عنكم، فلا حاجة لنا إلى قتالكم”،لكنهم لم يكترثوا لِما قال وردُّوا عليه بما يكره؛ لإيمانهم بالله -سبحانه وتعالى-.[١٢]

لكن قريش لم تملّ المحاولة في تفتيت قوى المسلمين، فأرسلت لهم الراهب الفاسق عبد عمرو بن صيفي، فجاهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالعداوة، وحرّض المشركين على قتال المسلمين، إلَّا أنَّ محاولاتهم باءت بالفشل؛ لأنَّ صدور المسلمين مملوءة بالإيمان والتقوى.[١٢]

تقابل الجيشان

عندما تقابل الجيشان للمعركة، واشتدَّت المعركة على المشركين، ولّوا الأدبار، وصاروا خلف نسائهم، حيث كان المسلمون يحومون حول الألوية، فكان كبش الكتيبة طلحة بن أبي طلحة العبدري حاملاً لواء المشركين، وكان من أشجع الفرسان،فهابه المسلمون لقوته وشجاعته.

إلَّا أنَّ الزبير بن العوام -رضي الله عنه- انطلق عليه وألقاه أرضاً فقتله، فقال فيه النبي -عليه الصلاة السلام-: (إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حِوَارِيًّا وَحِوَارِيِّ الزُّبَيْرُ).[١٣]

ولكن المشركين لم ييأسوا، فقام عثمان بن أبي طلحة فحمل راية المشركين، فلقيه حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه- فتصدّى له وقتله، فجيء بثالث من إخوتهم وهو أبو سعد فحمل الراية، إلَّا أن مصيره كان مصير من قبله، حتى انتهى المطاف بقتل عشرة من بيت أبي طلحة،[١٤] وبعد ذلك سقط لواء المشركين ولم يُرفع بعدها.[٣]

وتقدّم حينئذ أبو دجانة -رضي الله عنه- فقتل عدداً من المشركين، وتتابعت الانتصارات في تقدُّم المسلمين للقتال، حتى قَدِم حنظلة -رضي الله عنه-، فحصد العديد من رؤوس المشركين، حتى وصل إلى قائدهم سفيان بن حرب، فهجم عليه واحدٌمن المشركين فقتل حنظلة[٣]

نزول الرماة عن جبل الرماة دون إذن الرسول

بعدما اشتدَّ وطيس المعركة، وهزم المسلمون المشركين وقاتلوهم، ولَّى المشركون من ساحة المعركة وانسحبوا، فظنَّ الرُّماة أنَّ المعركة قد انتهت، وتحقَّق النصر للمسلمين، فقرَّروا النزول عن الجبل؛ ليغنموا ما تركه المشركون من غنائم.

إلاَّ أن قائدهم عبد الله بن جبير ذكر لهم وصية رسول الله بعدم ترك الجبل إلَّا بإذنٍ منه، فخالفه الرُّماة في ذلك، وهمّوا بالنزول لتحصيل الغنائم، فلم يبقَ على الجبل إلَّا عبد الله بن جبير وآخرون.[١٥]

محاصرة المشركين للمسلمين من جميع الجهات

وعندما خالف الرُّماة أمر النبي -عليه الصلاة السلام- ونزلوا عن الجبل، استغلَّ خالد بن الوليد ذلك، وكان حينئذ قائداً في جيوش المشركين، فالتفّ من وراء المسلمين وقتل عبد الله بن جبير ومن معه.

ثم جاء على المسلمين فرمى النِّبال على ظهورهم، فرجع المشركون للقتال، وخاص َّة بعدما جاءت عمرة بنت علقمة الحارثية[١٢] ورفعت لواء المشركين.[١٦]

وحوصر المسلمون في أرض المعركة من كُلِّ الجهات، فاضطربت صفوف المسلمين، وبدأ المشركون بقتال المسلمين، حتى استشهد سبعون صحابياً، من بينهم عمّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير رضي الله عنهم جميعاً.[١٦]

إشاعة موت النبي

لما اشتد وطيس المعركة، واضطربت صفوف المسلمين، قُتل مصعب بن العمير حامل لواء المسلمين، وكان حينها يشبه النبي عليه السلام، فظن قاتله أنه قتل النبي عليه السلام، فأخذ يصيح بقوله: قتلت محمدًا، فسمع المسلمون قوله فهز ثباتهم، وحار من أمرهم.[١٧]

وقد ثبت النبي عليه السلام في مواجهة المعركة بالرغم من أنه أصيب خلال القتال وكُسرت رباعيته اليمنى وخوذته، وسال من وجهه الكريم دماؤه الطاهرة.[١٧]

دفاع الصحابة عن النبي

أحاط الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حماية له بعدما اشتد القتال وشاع خبر موته، فكان من الصحابة من دافع عنه:[١٨]

  • أبو بكر الصديق.
  • علي بن أبي طالب.
  • أبو دجانة.
  • سعد بن أبي وقاص.
  • طلحة بن عبيد الله.
  • أم عمارة بنت كعب.

نتائج غزوة أحد

ومن أهم نتائج غزوة أحد ما يأتي:[١٩]

  • استشهاد سبعين صحابياً ودفنهم في أحد.
  • ساد النفاق وتفشى بين المنافقين في المدينة؛ لما حلّ بالنبي عليه السلام.
  • خروج المسلمين لحمراء الأسد ردا لهم واسترجاعًا لهيبة المسلمين.

موقف الرسول بعد انتهاء المعركة

عندما انتهت المعركة، صفّ رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين من خلفه داعياً الله سبحانه وتعالى لما منّ عليهم من حفظ، فقال رسول الله: (اللهم لك الحمد كلُّه، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لما أضللت، ولا مضل لما هديت، ولا معطى لما منعت، ولا مانع لما أعطيت ولا مُقرِّب لما بعدت، ولا مبعد لما قربت، اللهم ابسط علينا من فضلك ورحمتك وبركتك ورزقك).[٢٠]

شهداء غزوة أحد

ذكرنا سابقاً أنّ من نتائج غزوة أحد استشهاد سبعون من الصحابة، منهم:[٢١]

  • حمزة بن عبد المطلب عم النبي عليه السلام.
  • مصعب بن العمير حامل لواء المسلمين، وشبيه النبي عليه السلام.
  • عبد الله بن جحش.
  • أنس بن النضر.
  • سعد بن الربيع.
  • عبد الله بن عمرو بن حرام.
  • حنظلة بن أبي عامر.
  • عبد الله بن جبير.

المراجع

  1. ^ أ ب ت أبو الحسن علي بن أبي الكرم ابن الأثير (1997)، الكامل في التاريخ (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتاب العربي، صفحة 39-43، جزء 2. بتصرّف.
  2. د. أكرم ضياء العمري (1994)، السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية (الطبعة 6)، المدينة المنورة:مكتبة العلوم والحكم، صفحة 378، جزء 2. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت صالح بن طه عبد الواحد (1428)، سُبُل السَّلام مِن صَحيح سيرة خَير الأنَامِ عَليه الصَّلاة وَالسَّلام (الطبعة 2)، صفحة 348-355. بتصرّف.
  4. ^ أ ب القسطلاني، المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، القاهرة: المكتبة التوفيقية، صفحة 456. بتصرّف.
  5. أبو القاسم عبد الرحمن السهيلي (1412)، الروض الأنف في شرح السيرة النبوية (الطبعة 1)، بيروت:دار إحياء التراث العربي، صفحة 419، جزء 4. بتصرّف.
  6. ^ أ ب صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم (الطبعة 1)، بيروت:دار الهلال، صفحة 184. بتصرّف.
  7. رواه شعيب الأرناؤوط ، في تخريج المسند، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:14767، صحيح لغيره.
  8. ^ أ ب ابن كثير القرشي (1403)، الفصول في السيرة (الطبعة 3)، صفحة 145. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:4043.
  10. أحمد بن محمد القسطلاني (1323)، إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (الطبعة 7)، مصر:المطبعة الكبرى الأميرية، صفحة 291، جزء 6. بتصرّف.
  11. أحمد بن محمد القسطلاني، المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، القاهرة:المكتبة التوفيقية، صفحة 242، جزء 1.
  12. ^ أ ب ت صفي الرحمن المباركفوري (1427)، كتاب الرحيق المختوم مع زيادات (الطبعة الأولى)، سوريا: دار العصماء1427، صفحة 190-199. بتصرّف.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:2846.
  14. ابن كثير القرشي (1976)، السيرة النبوية (من البداية والنهاية لابن كثير)، بيروت:دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 40، جزء 3. بتصرّف.
  15. مصطفى بن حسني السباعي (1985)، السيرة النبوية دروس وعبر (الطبعة 3)، صفحة 84. بتصرّف.
  16. ^ أ ب د. محمد بن صامل السُّلَميُّ، د. عبد الرحمن بن جميل قصَّاص، د. سعد بن موسى الموسى، وأخر (2012)، صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر (صلى الله عليه وسلم) (الطبعة 1)، جدة:مكتبة روائع المملكة، صفحة 209. بتصرّف.
  17. ^ أ ب موسى العازمي (2011)، كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (الطبعة 1)، صفحة 624-633، جزء 2. بتصرّف.
  18. حسن بن محمد المشاط ، إنارة الدجى في مغازي خير الورى صلى الله عليه وآله وسلم (الطبعة 2)، جدة:دار المنهاج، صفحة 274 – 277. بتصرّف.
  19. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة (الطبعة 8)، دمشق:دار القلم، صفحة 227. بتصرّف.
  20. صالح بن طه عبد الواحد (1428)، سُبُل السَّلام مِن صَحيح سيرة خَير الأنَامِ عَليه الصَّلاة وَالسَّلام (الطبعة 2)، صفحة 361.
  21. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة (الطبعة 8)، دمشق:دار القلم، صفحة 211 – 214. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب