موقع اقرا » الآداب » حكم وعبارات وشخصيات أدبية » أبرز شعراء الجاهلية الصعاليك

أبرز شعراء الجاهلية الصعاليك

أبرز شعراء الجاهلية الصعاليك


أبرز شعراء الجاهلية الصعاليك

مَن هم الصعاليك الخلعاء؟

توزّع شعراء الجاهلية الصعاليك في ثلاث مجموعات، هي: مجموعة الخلعاء:وهم الذين خلعتهم قبائلهم لكثرة جرائرهم، ومنهم: حاجز الأزدي، وقيس بن الحدادية، وأبي الطحان القيني. ومجموعة أبناء الحبشيات السود:وهم ممن نبذهم آباؤهم ولم ينسبوهم إليهم، لعار ولادتهم، ومنهم: السليك بن السليكة، و تأبط شرًا، والشنفرى. ومجموعة المتصعلكين: وهم الذين احترفوا الصعلكة احترافًا، ومنهم قبائل بأسرها مثل قبيلَتا هذيل وفَهم، ومنهم أفراد مثل عروة بن الورد العبسي، ومن أبرز شعراء الجامهلية الصعاليك:[١]

الشنفرى الأزدي

الشّنفرى (توفّي نحو 70 ق.هـ) من أبرز شعراء الجاهلية الصعاليك الذين لاقوا شظفَ العيش وقسوته في الصحارى والبراري، وقد اختلف الدارسون حول اسم الشنفرى فقيل إنّه عمرو بن براق، وقيل إنّه ثابت بن أواس الأزدي، لقب بالشنفرى لِغلظةٍ في شفتَيْه، وهو أحد الخلعاء العرب الذين تبرأت منهم القبيلة، وقد كان عدّاءً لا يجاريه مجارٍ حتى صار مضرب المثل في ذلك، اعتمد لتلبية متطلبات معيشته على الإغارة والسّلب والنّهب، وقد تمرّد على قبيلة سلامان وخرج عنها، واستبدل بهم قومًا آخرين من السباع والبقر الوحشي كما في قوله في قصيدة لامية العرب:[٢]

أقيموا بني أمي صدورَ مَطِيّكم

فإني، إلى قومٍ سِواكم لأميلُ!

فقد حمت الحاجاتُ، والليلُ مقمرٌ

وشُدت لِطيّاتٍ مطايا وأرحُلُ

ولي دونكم أهلونَ: سِيْدٌ عَمَلَّسٌ

وأرقطُ زُهلول وَعَرفاءُ جيألُ

هم الأهلُ لا مستودعُ السرِّ ذائعٌ

لديهم، ولا الجاني بما جَرَّ يُخْذَلُ[٣]

ووقعت بينهم العداوة والبغضاء، حتى أنه توعّدهم ليقتلنّ منهم مئة رجل، فترقبهم حتى أوقع بتسعة وتسعين رجل منهم، ولم يلحق بهم المئة إذ تربص القوم له حتى فتكوا به، فمّا مات وصلب، جاءه رجل من سلامان فركل جمجمته حتى أصيب منها بشظيّة وقتلته، فتحقق بذلك وعيده لهم، وأنفذ فيهم حقه وهو ميت.[٢]

ما قصّة المثل الذي لاحَق اسم الشنفرى، هذا المقال يجيب عن سؤالك: دلالة مقولة: أعدى من الشنفرى.

عروة بن الورد

عروة بن الورد (توفّي 15 ق.هـ/607م) شاعر من قبيلة عبس، وقد كان لأبيه مقام محمود في حرب داحس والغبراء، وكانت أمه من بني نهد وهم ليسوا من أشراف القبائل، فغض ذلك من منزلته[٤]، وقد كان فارسًا من فرسان الجاهلية المعدودين، كما عُرف بجوده وحسن خلقه، ولقب بعروة الصعاليك أو أمير الصعاليك؛ لأنه كان يجمع صعاليك العرب ويقوم بأمرهم فيرعى أحوالهم إذا أخفقوا في غزواتهم ولم يكن لهم معاش يعتاشون به.

ولعل طيبة قلبه وحنوه على أمثال هؤلاء من الصعاليك قد أوهن رباطه العائلي، إذ لامته زوجاته في كثير من الأحيان على مغامراته وبذل نفسه وماله من أجل الصعاليك، وهو على قلق حياته الاجتماعية واضطرابها، إلا أنه على المستوى الثقافي الشعري كان قد بلغ الآفاق، حتى أن قبيلته عبس تراه أشعر الشعراء، في حين أنّها تنظر إلى عنترة بن شداد كفارس بطل[٥]، فهو القائل:

وَقَد عَلِمَت سُلَيمى أَنَّ رَأيِي

وَرَأيَ البُخلِ مُختَلِفٌ شَتيتُ

وَأَنّي لا يُريني البُخلَ رَأيٌ

سَواءٌ إِن عَطِشتُ وَإِن رُويتُ

وَأَنّي حينَ تَشتَجِرُ العَوالي

حَوالي اللُبَّ ذو رَأيٍ زَميتُ

وَأُكفى ما عَلِمتُ بِفَضلِ عِلمٍ

وَأَسأَلُ ذا البَيانِ إِذا عَميتُ[٦]

تأبط شرًا

تأبّطَ شرًا (توفّي 15 ق.هـ/607م) من أبرز شعراء الجاهلية الصعاليك واسمه ثابت بن جابر من فهم من قبيلة قيس، وأمه أميمة من بني القين من فهم، وتأبط شرًا لقب لقّب به فقد قيل إنّه رأى كبشًا في الصحراء فاحتمله تحت إبطه، فجعل يبول عليه طول طريقه فلما قرب من الحيّ ثقل عليه الكبش فرمى به فإذا به الغول فقال له قومه: ما كنت متأبطًا يا ثابت؟ قال: الغول، فقالوا: لقد تأبطت شرًا، فسمي بذلك، وقد احتج الرواة على صحة الرواية بشعر له ذكر فيه وصف الغول[٧][٨]، كما في قوله:

فَأصْبَحْتُ والغُولُ لي جَارَةٌ

فَيَا جَارَتَا أَنْتِ مَا أَهْوَلا

وَطَالَبْتُهَا بُضْعَهَا فَالْتَوَتْ

بِوَجْهٍ تَهَوَّلَ فَاسْتَغْوَلا

فقلتُ لها يا انظري كي تريْ

فولّت فكنتُ لها أغوَلا[٩]

وقد كان تأبط شرًا أسمَعَ العرب وأبصرَهم وأكيَدَهم، وكان أعدى رجل بينهم، ينظر إلى الظباء فينتقي أسمنها، ثم يعدو خلفه فلا يفوته، وكثيرًا ما كان يرتكز على الغزو والسلب والنهب والصيد للترزّق والكسب كسائر الصعاليك، أما ثقافته وشعريته، فقد كان شاعرًا محنكًا، شكل شعره سجلًا لسيرته الذاتية، التي خلّدت مغامراته وآلامه وأحوال حياته وتنقلاته.

لقراءة قصّة تأبط شرًا كاملةً، ننصحك بالاطّلاع على المقال الآتي: قصة تأبط شرًا.

السليك بن السليكة

السليك بن عمرو من بني مقاعس من بني سعد من بني تميم (توفي عام 17 ق.هـ/605م)، من أبرز شعراء الجاهلية الصعاليك، ورث اللون الأسود عن أمه السليكة، وقد عد من أغربة العرب وهجنائهم لذلك، وقد كان من أشد رجال العرب وأشعرهم، وقد لقبته العرب بسليك المناقب حيث كان أعلمهم بمسالك الصحراء ودروبها وأسرعهم عدوًا على رجليه حتى أن الخيل لا تدركه، سعى جاهدًا لنيل حريته فقد كان طموحًا طامعًا لا يرتضي بالقليل، حتى نجح في هذا ونال حريته[١٠]، ويقول في وصف نفسه وشجاعته:

ولكنَّ صعلوكًا صفيحةُ وجههِ

كضَوءِ شِهابِ القابس المتنوِّر

مطلًا على أعدائهِ يزجرونه

بساحتهم، زجرَ المنيحِ المُشَهَّرِ

فذلك إن يلقَ المنيّة يَلْقَها

حميدًا، وإن يَستَغنِ يومًا، فأجدِرِ[١١]

وقد بدا شعره مرآة تعكس طبيعة حياته المتمردة، وبنيته القوية الشديدة، فقد تميزت عباراته بالقوة والجزالة، وبدت موضوعاته وقد تمحورت حول الحرية والسعي في سبيل الوصول إليها فكان بحق أبرز شعراء الجاهلية الصعاليك.

حاجز بن عوف الأزدي

وهو حاجز بن عوف بن الحارث بن الأخشم بن عبد الله بن ذهل بن مالك بن سلامان، وهو من أبرز شعراء الجاهلية الصعاليك ولصوصها، وهو شاعر مقل إذ لم يصلنا منه سوى قصيدتَيْن، فقد قيل إن أكثر شعره قد ضاع وفقد[١٢]، ومن شعره:[١٣]

صَباحَكِ واسْلَمِي عنّا أمَاما

تَحيّة وامِقٍ وعمِي ظّلاما

برهرهَةٍ يَحارُ الطّرُْف فيها

كحقّةِ تاجِرٍ شَدّت خِتاما

فإنْ تمسّ ابنة السّهْميّ منّا

بعيدًا لا تُكلِّمْنا كَلاما

فإنَّكَ لا مَحالةَ أنْ ترِيني

ولو أمْسَت حبالُكُمُ رِمامَا

بناجيةِ القَوائِمِ عيسجور

تدارك نيها عامًا فَعاما

سَلِي عنّي إذا اغبرََتْ جُمَادى

وكانَ طعامُ ضيفِهِمُ الثّمَامَا

السّنا عِصمَةُ الأضياف حتّى

يضحى مالُهُمُ نفلًا تواما

أبي ربعُ الفَوارِسِ يومَ داج

وعمّي مالكٌ وضَعَ السّهَاما

فَلَو صَاحبْتَنَا لَرَضِيتَ منّا

إذا لم تَغبقِ المَائة الغُلَاما[١٣]

وعلى الرّغم من شظف العيش الذي لحق بحاجز الأزدي، وتمرده على قبيلته إلا أنه لم يتحرر فعليًا مما غرس عليه أبناء الجاهلية من حب المفاخر والاعتزاز بالنسب وبالأخلاق الحميدة المعروفة كإكرام الضيف والشّجاعة وغيرها، حتى كأنّه أبرز شعراء الجاهلية الصعاليك والأجاويد في آن معًا، فها هو يفاخر الشعراء بأبيه وعمه، وكأنه يصارع لاوعيه الذي يظل يشده على الدوام للقبيلة والأهل رغم البعد والتمرد عليها.[١٣]

قيس الخزاعي

هو من أبرز شعراء الجاهلية الصعاليك، واسمه قيس بن منذر بن عمرو، يرد أصل نسبه إلى قبيلة خزاعة إلا أنه يعرف بابن الحدادية الخزاعي نسبة إلى أمه وهي من بني حداد من كنانة، إذ تبرأ قومه منه ومن جرائره حين قتل رجلًا منهم وعجزوا عن دفع ديته.[١٤]

ولكن ذلك لم يخمد قواه ولم يحبط عزائمه فقد ازداد شراسة وضراوة، وجعل قومه هدفًا من أهداف غاراته، وهو رغم كل ذلك سيد كريم، جعل نفسه ملجأ للصعاليك والفقراء، وقد نظم الكثير من الشعر قبل تصعلكه في موضوعات متنوعة كالغزل والفخر، إضافة إلى ما كتبه بعد تصعلكه[١٥]، وقيل أنه كان يهوى أم مالك بنت ذؤيب الخزاعية وله فيها شعر بديع، إذ يقول فيها:[١٦]

قَالتْ وعيناها تَفِيضانِ عَبْرَةً

بِنَفْسي بينَ لي متى أنتَ راجِـُع

فقلتُ لها والله يَدري مُـسـافِـٌر

إذا أضمرتْهُ الأرضُ ما اللهُ صانِعُ[١٦]

قصائد الشعراء الصعاليك

شكّلت قصائد الصعاليك شواهد تاريخية تبرز ملامح البيئة الجغرافية والثقافية والسياسية في العصر الجاهلي، ومن هذه الشواهد ما يأتي.

ولَستُ بِمحيارِ الظَّلامِ، إذا انتحت

هدى الهوجلِ العسيفِ يهماءُ هوجَلُ

إذا الأمعزُ الصَّوَّان لاقى مَناسِمِي

تطايرَ منهُ قادحٌ ومُفَلَّلُ

أُدِيمُ مِطالَ الجوعِ حتى أُمِيتهُ

وأضربُ عنه الذِّكرَ صفحًا، فأذهَلُ

وأستفُّ تُرب الأرضِ كي لا يرى لهُ

عَليَّ من الطَّوْلِ امرُؤ مُتطوِّلُ

ولولا اجتناب الذأم لم يُلْفَ مَشربٌ

يُعاش به إلا لديِّ ومأكلُ
  • قال عروة بن الورد:[١٨]

جَزَى اللهُ خيرًا، كلما ذُكِرَ اسمُهُ

أبا مالكٍ، إنْ ذلك الحيُّ أصْعَدُوا

وَزَوّدَ خيرًا مالكًا، إنّ مالِكًا

لهُ رِدّةٌ فينا، إذا القوم زُهَّدُ

فَهَل يطربْنَ في إثْرِكُمْ من تركتكم

إذا قام يعلوهُ حِلالٌ، فيقعُدُ

تَولّى بنو زبان عنّا بفضلِهِم

وَوَدّ شريكٌ لو نسيرُ فَنَبْعدُ

لِيَهْنَأ شريكُا وطبُّه ولِقاحُه

وذوو العس بعد نومَةِ المُتَبَرّدِ
  • قال تأبط شرًا:[١٩]

وَحَرَّمتُ السِباءَ وَإِن أُحِلَّت

بِشَورٍ أَو بِمِزجٍ أَو لِصابِ

حَياتي أَو أَزورَ بَني عُتَيرٍ

وَكاهِلُها بِجَمعٍ ذي ضَبابِ

إِذا وَقَعَت بِكَعبٍ أَو قُرَيمٍ

وَسَيّارٍ فَقَد ساغَ الشَرابُ

أَظُنّي مَيِّتٌ كَمَدًا وَلَمّا

أُطالِع طَلعَةً أَهلَ الكِرابِ

وَزِلتُ مُسَيِّرصا رَهدي رَعيلًا

أَأُمُّ سَوادَ طَودٍ ذي نِقابِ
  • قال السليك بن السليكة:[٢٠]

فَإِنّي يا اِبنَةَ الأَقوامِ أُربي

عَلى فِعلِ الوَضيِّ مِنَ الرِجالِ

فَلا تَصِلي بِصُعلوكٍ نَؤومٍ

إِذا أَمسى يُعَدُّ مِنَ العيَالِ

وَلَكِن كُلُّ صُعلوكٍ ضَروبٍ

بِنَصلِ السَيفِ هاماتِ الرِجالِ

أَشابَ الرَأسَ أَنّي كُلَّ يَومٍ

أَرى لي خَالَةً وَسطَ الرِجالِ

يَشُقُّ عَلَيَّ أَن يَلقَينَ ضَيمًا

وَيَعجِزُ عَن تَخَلُّصِهِنَّ مالي

المراجع[+]

  1. محمّد رضا مروّة، الصعاليك في العصر الجاهلي أخبارهم وأشعارهم، صفحة 37 – 38. بتصرّف.
  2. ^ أ ب الشنفرى (1996)، ديوان الشنفرى (الطبعة 2)، بيروت:دار الكتاب العربي، صفحة 12. بتصرّف.
  3. “أقيموا بني أمي صدور مطيكم”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-14.
  4. محمد أبو ربيع (1990)، في تاريخ الأدب العربي القديم (الطبعة 1)، الأردن:دار الفكر والنشر للتوزيع، صفحة 61. بتصرّف.
  5. عروة بن الورد (1998)، ديوان عروة بن الورد (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 12. بتصرّف.
  6. “أفي ناب منحناها فقيرا”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 04-11-2019.
  7. تأبط شرًا (1984)، ديوان تأبط شرًا وأخباره (الطبعة 1)، بيروت:دار الغرب الإسلامي، صفحة 246. بتصرّف.
  8. تأبط شرًا (1984)، ديوان تأبط شرًا وأخباره (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الغرب الإسلامي، صفحة 246.
  9. “تقولُ سُليمى لجاراتِها”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 04-11-2019.
  10. مريم أبو عقال، النزعة الإنسانية في شعر السليك بن السليكة (الطبعة 1)، الجزائر:جامعة العربي بن مهيدي، صفحة 102. بتصرّف.
  11. تحقيق: عبد المعين الملّوحي، ديوان عروة بن الورد، صفحة 69.
  12. عصام بشير العوف (2019)، فقهاء الإسلام (الطبعة 2)، صفحة 69. بتصرّف.
  13. ^ أ ب ت “عوف بن الحارث الأزدي”، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 08-11-2019.
  14. “قيس بن الحدادية”، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 08-11-2019.
  15. عبد الحليم حفني (1987)، شعر الصعاليك منهجه وخصائصه (الطبعة 1)، مصر:الهيئة المصرية العامة للكتاب، صفحة 116. بتصرّف.
  16. ^ أ ب “قيس بن الحدادية”، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 08-11-2019.
  17. “أقيموا بني أمي صدورَ مطيَّكمْ”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 08-11-2019.
  18. “جزى اللَّهُ خيراً، كلما ذُكِرَ اسمهُ”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 08-11-2019.
  19. “وحرمت السباء وإن أحلت”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 08-11-2019.
  20. “ألا عتبت علي فصارمتني”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 08-11-2019.






اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب