مواقف الصحابة مع النساء
مواقف الصحابة مع النساء
كان للنساء المسلمات الأوائل العديد من المواقف المشرفة، والمشرقة في التاريخ؛ فقد حملنّ الخلق الرفيع أينما ذهبنّ، وتخلقنّ بآداب الإسلام أينما ارتحنّ، فكنّ القدوة الصالحة، والمثال الحسن، وفيما يأتي ذكر لبعض مواقف الصحابة مع النساء في ذاك الزمان.
مواقف أبي بكر الصديق مع النساء
ثبت في صحيح مسلم عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، أن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- ذهبا إلى زيارة أم أيمن -رضي الله عنها-؛ وهي حاضنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهي كذلك أم أسامة بن زيد الصحابي الجليل -رضي الله عنه-، وقد كانت زيارتهما لها عملاً بما كان يفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته، وعندما رأتهما بكت أم أيمن.[١]
وسألانها عن سبب بكائها؛ فقالا لها: (ما يُبْكِيكِ؟ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-؟، فَقالَتْ: ما أَبْكِي أَنْ لا أَكُونَ أَعْلَمُ أنَّ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-، وَلَكِنْ أَبْكِي أنَّ الوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ، فَهَيَّجَتْهُما علَى البُكَاءِ؛ فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ معهَا).[٢][١]
مواقف عمر بن الخطاب مع النساء
ثبت في صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، أن امرأة لعمر بن الخطاب كانت تخرج لحضور صلاتي العشاء والفجر في المسجد جماعة، وقد كان الفاروق -رضي الله عنه- يكره ذلك؛ غيرة عليها، وخشية أن يتعرض لها أحد في طريقها، فقيل لها: (لِمَ تَخْرُجِينَ وقدْ تَعْلَمِينَ أنَّ عُمَرَ يَكْرَهُ ذلكَ ويَغارُ؟).[٣][٤]
(قالت: وما يَمْنَعُهُ أنْ يَنْهانِي؟، يَمْنَعُهُ قَوْلُ رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: “لا تَمْنَعُوا إماءَ اللَّهِ مَساجِدَ اللَّهِ”)،[٣] فكانت تخرج -رضي الله عنه- في الظلمة فتسترها، ولا تتزين لخروجها ولا تتطيب، حتى ورد أنها كانت في المسجد يوم طُعن زوجها الفاروق -رضي الله عنه وأرضاه-.[٤]
مواقف عثمان بن عفان مع النساء
روى الفاكهي في كتابه أخبار مكة المكرمة، أن امرأة مجذومة -مصابة بمرض الجذام- كانت تطوف في الكعبة المشرفة، فانكشف جزءٌ من ثوبها فظهر جذامها، فقال لها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: “يا أمة الله لا تؤذي الناس لو جلست في بيتك”، ولما توفي عمر أخبرها الناس بأن تخرج؛ فامتنعت عن ذلك وقالت: “ما كنت لأطيعه حياً، وأعصيه ميتاً”.[٥]
ولما كان عهد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في الخلافة أجاز لها الخروج؛ وقال لها: “إن شئت أن تخرجي فاخرجي”. وقد استدل بعض العلماء بهذه الحادثة على أن المريضة من النساء؛ ممن يُخشى نقلها للعدوى، لا يجوز لها الطواف في الكعبة المشرفة.[٦]
كما ورد في الأثر أن جارية جاءت إلى عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، تشتكي على رجل من الأنصار؛ فسألها عن قصتها، فاعترفت له بحب ابن أخي ذلك الرجل، وأنها ترغب بالزواج منه، فقال عثمان بن عفان -رضي الله عنه- لمالكها: “إما أن تهبها لابن أخيك، أو أعطيك ثمنها من مالي”، فقال الرجل: “أُشهِدك يا أمير المؤمنين أنّها له”.[٧]
مواقف علي بن أبي طالب مع النساء
وفي زمن خلافة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- جاءت امرأة تشتكي القاضي شريح -القاضي المعروف-؛ وقد كان أمير المؤمنين علي يركب على فرسه، فشدت ركابه، وأخبرته بأن أخاها قد توفي وترك ستمائة دينار، فلم يقضِ لها شريح إلا بدينار واحد، فقال لها علي -رضي الله عنه-: ” لعل أخاك ترك زوجة، وأما، وابنتين، واثني عشر أخاً وأنت؟، فقالت: نعم، فقال: “ذلك حقك، ولم يظلمك شريح شيئاً”.[٨]
كما ورد عنه -رضي الله عنه- شدة حرصه بالثبت من الوقائع الموجبة للحدود، قبل إقامتها على مرتكبيها؛ فقد جيء في خلافته بامرأة من همدان حبلى من الزنا؛ فاستبان منها قبل أن يوقع بها الحد، فقال لها: “لَعَلَّ الرَّجُلَ اسْتَكْرَهَكِ؟، قَالَتْ: لَا”.[٩]
“قَالَ: فَلَعَلَّ الرَّجُلَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكِ، وَأَنْتِ رَاقِدَةٌ؟، قَالَتْ: لَا، قَالَ: فَلَعَلَّ لَكِ زَوْجًا مِنْ عَدُوِّنَا هَؤُلَاءِ، وَأَنْتِ تَكْتُمِينَهُ؟، قَالَتْ: لَا”، فحبسها حتى وضعت حملها ثم أقام عليها حد الزنا.[٩]
المراجع
- ^ أ ب “حديث أم أيمن”، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 24/4/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2454 ، صحيح.
- ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:900، صحيح.
- ^ أ ب صهيب عبد الجبار، الجامع الصحيح للسنن والمسانيد، صفحة 383. بتصرّف.
- ↑ [محمد بن مبارك حكيمي]، العتيق مصنف جامع لفتاوى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، صفحة 13. بتصرّف.
- ↑ [أبو عبد الله الفاكهي]، كتاب أخبار مكة، صفحة 338. بتصرّف.
- ↑ ابن القيم، الداء والدواء، صفحة 512-513. بتصرّف.
- ↑ [سبط المارديني]، شرح الفصول المهمة في مواريث الأمة، صفحة 765. بتصرّف.
- ^ أ ب الصنعاني، المصنف، صفحة 326. بتصرّف.