موقع اقرا » إسلام » مصطلحات إسلامية » مفهوم الذمة في الفقه الإسلامي

مفهوم الذمة في الفقه الإسلامي

مفهوم الذمة في الفقه الإسلامي


مفهوم الذمة في الفقه الإسلامي

الذمة في اللغة

تُطلق الذمة في اللغة على العهد والكفالة والضمان والأمان،[١] وأُطلق على العهد ذمة؛ لأن نقضه يوجب الدم،[٢] وعلـى هـذا جاء في الحديث الذي صح عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم).[٣]

أي: إذا أعطـى أحد المسلمين عهداً لحربي بالأمان، سـرى ذلـك على جميع المسلمين وكان ملزماً لهم.[٤] وفي لفظ آخر للحديث قال -صلى الله عليه وسلم-: (ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم).[٥]

مفهوم الذمة في اصطلاح الفقهاء

استعمل الفقهاء مصطلح الذمة للدلالة على عدة معان؛ ومن ثم تعددت تعريفاتهم لها، وأهم تلك التعريفات ما يأتي:[٦]

  • التعريف الأول: عرف البزدوي الذمة بأنها: “نفس ورقبة لها عهد”.[٧]
  • التعريف الثاني: عرفها القرافي بأنها: “معنى شـرعي مقدر في المكلف قابل للإلزام واللزوم”.[٨]
  • التعريف الثالث: عرفهـا عبد العزيز البخاري بأنهـا: “وصف يصير الشخص به أهلا للإيجاب والاستيجاب”.[٩]
  • التعريف الرابع: عرفهـا د. عبد الرزاق السنهوري بأنهـا: “وصف شرعي يفترض الشارع وجوده في الإنسان، ويصير به أهلا للإلزام والالتزام”.[١٠]
  • التعريف الخامس: عرفها د. مصطفى الزرقا بأنها: “محل اعتباري في الشخص تشغله الحقوق التي تتحقق عليه”، وقال: فهي بهذا الاعتبار ذمة شخصية، أي متصلة بالشخص نفسه لا بأمواله وثروته.
وهي غير محدودة السعة والاستيعاب، فتثبت فيها الحقوق المالية وغير المالية مهما كان نوعها ومقدارها، فكما تشغل بحقوق الناس المالية تشغلها أيضاً الأعمال المستحقة كعمل الأجير، وتشغلها الواجبات الدينية من صلاة وصيام ونذور وغيرها.[١١]

واختار بعض العلماء تعريف مصطفى الزرقا، فقد تجنب كل الاعتراضات الواردة على التعريفات السابقة، فلم يعتبر الذمة نفس الإنسان ولا نفس الأهلية، بل صرّح بأنها أمر مفترض مقدّر وجوده للإنسان، والذي اقتضى افتراضه ضرورة استقامة منطق الأحكام الفقهية.[٦]

حيث نقول: من أفطر يوما في رمضان، ثبت في ذمته صوم يوم بدلا عنه، وفلان أدّى ما في ذمته لفلان، فنفترض وجود حيز تدخل فيه الحقوق، ويؤدى ما فيه من حقوق، سواء أكانت لله أم للعباد، وهذا معنى هو: “محل اعتباري في الشخص تشغله الحقوق التي تتحقق عليه”.[٦]

تفصيل التعريف الاصطلاحي

فيما يأتي بيان تفصيلي لهذا التعريف:[٦]

  • قوله: «محل اعتباري»

يصور حلول الحقوق وثبوتها في الذمة، لكن المحل ليس مادياً، وإنما هو اعتبار مفترض.

  • قوله: «في الشخص»

بيان أن الذمة تختص بالأشخاص سواء أكانوا حقيقيين أم اعتباريين، أما الحيوانات والجمادات فليست لها ذمة.

  • قوله: «تشغله الحقوق»

بيان فائدة المحل الاعتباري المفترض، فلو لم تكن الحقوق متعلقة بالإنسان لما كانت هناك حاجة تستدعي افتراض هذا المحل، وليس هناك فرق بين حقوق الله تعالى وحقوق العباد في هذا المجال.

  • قوله: «التي تتحقق عليه»

أي: مهما كان سبب تلك الحقوق، ومعلوم أنّ كل إنسان تثبت عليه حقوق مختصة به.

المراجع

  1. أحمد بن محمد الفيومي، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، صفحة 210، جزء 1.
  2. محمد بن يعقوب الفيروزآبادى، القاموس المحيط، صفحة 1110، جزء 1.
  3. رواه أحمد بن شعيب النسائي، في صحيح النسائي، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:4760، صحيح.
  4. ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، صفحة 86، جزء 1.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:7300.
  6. ^ أ ب ت ث إبراهيم رحماني، مفهوم الذمة في الفقه الإسلامي ـ دراسة مقارنة ـ، صفحة 54- 58. بتصرّف.
  7. عبدالعزيز الدين البخاري، كشف الأسرار شرح أصول البزدوي، صفحة 239، جزء 4.
  8. أحمد بن إدريس القرافي، الفروق، صفحة 231، جزء 3.
  9. عبدالعزيز البخاري، كشف الأسرار شرح أصول البزدوي، صفحة 238، جزء 4.
  10. عبد العزيز السنهوري، مصادر الحق في الفقه الإسلامي، صفحة 17.
  11. مصطفى أحمد الزرقا، المدخل إلى نظرية الإلتزام العامة في الفقه الإسلامي، صفحة 201.






اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب