معنى اسم الله الخبير
معنى اسم الله الخبير
إنّ الخبير هو أحد الأسماء الحسنى التي تكرّر ذكرها في القرآن الكريم في خمسٍ وأربعين موضعًا، حيث تمّ ذكره في بعض الآيات مفردًا وتمّ ذكره في آيات أخرى مقترنًا بأسماء أخرى ومنها اسم الله العليم واللطيف، ومن هذه الآيات قوله -تعالى-: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}،[١] وفيما يأتي بيان لمعنى اسم الله الخبير في اللغة، وبيان معنى هذا الاسم كونه أحد الأسماء الحسنى.[٢]
معنى الخبير في اللغة
إنّ كلمة “الخبير” في الأصل اللغوي هي صفة مشبّهة تدلّ على الثبوت من خَبَر وخبُر، وتعني العارف بالأمر على حقيقته، وتشمل هذه المعرفة العلم بالظواهر والبواطن،[٣] وقال ابن عاشور: إنّ الخبير هو الموصوف بالعلم بالأمور بحيث يُخبر عنها علمًا مطابقًا للواقع،[٤] وقيل: إنّ أصل الخبرة مأخوذ من شقّ الأرض واختبارها ومعرفة ما بها، ولكنّ الزجّاج استنكر هذا التفسير؛ لأنّ الخَبر دائمًا يكون ملازمًا للعلم.[٥]
معنى اسم الله الخبير
عرّف العلماء اسم الله الخبير بالكثير من التعريفات، فقال الغزالي: “هو الذي لا تعزب عنه الأخبار الباطنة ولا يجري في الملك والملكوت شيء ولا يتحرك ذرة ولا يسكن ولا يضطرب نفس ولا يطمئن إلا ويكون عنده خبره”، وقال ابن القيم الخبير هو: “الذي انتهى علمه إلى الإحاطة ببواطن الأشياء وخفاياها كما أحاط بظواهرها”، وقال ابن عاشور إنّ معنى اسم الله الخبير هو: “العالم بدقائق الأمور المعقولة والمحسوسة والظاهرة والخفية”.[٦]
وعرّف السعدي اسم الله الخبير مضافًا إليه اسم العليم بأنّه الذي أحاط بالظاهر والباطن، وشمل علمه السر والعلن، والمستحيل والممكن والواجب، وشمل جميع ما في العالم في كلّ زمان، وكلّ مكان لا يخفى عليه شيءٌ من الأشياء.[٧]
فوائد الإيمان باسم الله الخبير
إنّ للإيمان باسم الله الخبير ومعرفة معناه الكثير من الفوائد والآثار الإيمانية، ومنها:[٨]
- إنّ الله -تعالى- خبير عالم ببواطن الأمور وأسراره، يعلم ما كان وما سيكون، لا يفوته أي شيء مهما كان صغيرًا ودقيقًا، وهذا من صفات الله -تعالى- التي لا يشاركه فيها أحدٌ من خلقه.
- إنّ الله -تعالى- هو الخبير بنفسه ولا أحد أعلم به سبحانه منه -عزّ وجل-، حيث قال: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ الرَّحْمَٰنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}.[٩]
- إنّ الله -تعالى- عالم بكل ما يفعله العبد وبجميع ما يدور في صدره من خيرٍ وشرّ.
الفرق بين اسم الله العليم واسم الله الخبير
ذكر العلماء بعض الفروقات بين اسمي الله العليم والخبير، وفيما يأتي استعراض لبعض أقوالهم:
- قال الغزالي: إنّ العليم يدلّ على العلم فقط، أمّا الخبير فيدلّ على العلم بالأمور الباطنة.[١٠]
- قال القرافي: إنّ الفرق بين العليم والخبير هو أنّ الخبرة تُطلق على إدراك الأمور الخفية، بينما العلم يُطلق على إدراك الأشياء الخفية والجليّة.[١١]
- قال ابن عاشور: إنّ العليم يدلّ على صاحب العلم القوي، وفي حقّ الله -تعالى- دال على كمال العلم، والإحاطة بكلّ معلوم، بينما الخبير فهو أخصّ من العليم لأنّه مشتق من خبر الشيء؛ أي الإحاطة بجميع معانيه وأسراره.[١٢]
- قال مساعد الطيّار؛ إنّ الخبير يشمل العليم وفيه زيادة معنى وهو أنّ الخبير يشمل العلم ببواطن الأمور أيضًا.[١٣]
خلاصة المقال: إنّ اسم الله الخبير هو أحد الأسماء الحسنى التي تدلّ على العلم والخبرة والإحاطة ببواطن الأشياء وكوامنها، وللإيمان بهذا الاسم فوائد وثمرات تعود على العباد، كما أنّه مع قرب معنى اسم الله الخبير من معنى اسم الله العليم إلّا أنّ بينهما فروقات عدّة بيّنها أهل العلم في كتبهم وشرحوها.
المراجع
- ↑ سورة الملك، آية:14
- ↑ سلمان بن فهد العودة، مع الله الاسم الأعظم وقصة الأسماء الحسنى، صفحة 151-152. بتصرّف.
- ↑ أحمد مختار عمر، كتاب معجم اللغة العربية المعاصرة، صفحة 608. بتصرّف.
- ↑ ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 417. بتصرّف.
- ↑ الزجاج، كتاب تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج، صفحة 45. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة العقدية، صفحة 491. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن السعدي، كتاب تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي، صفحة 194. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة العقدية، صفحة 399. بتصرّف.
- ↑ سورة الفرقان، آية:59
- ↑ أبو حامد الغزالي، كتاب المقصد الأسنى، صفحة 41. بتصرّف.
- ↑ القرافي، كتاب الذخيرة للقرافي، صفحة 392. بتصرّف.
- ↑ ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 354. بتصرّف.
- ↑ مساعد الطيار، كتاب التفسير اللغوي للقرآن الكريم، صفحة 629. بتصرّف.