شعر عن الحب نزار قباني
نزار قباني
نزار توفيق القبّاني، مِن أشهر الشعراء الذين تغنّوا بالحب والعشق، والذي لم تزل أشعاره الرائعة تنتشر في كل مكان، فكان له لمسة واضحة وأثر كبير في مجال الشعر، وهناك الكثير من المغنّين الذين تغنّوا بشِعره لجمالهِ وروعة كلماته ومدى تأثيرها. نقدّم في هذا المقال بعض الأبيات الشعرية عن الحب في منتهى الجمال والروعة.
هل عندك شك؟
- هل عندك شكٌ أنك أحلى امرأةٍ في الدنيا؟.
- وأهم امرأةٍ في الدنيا ؟.
- هل عندك شك أني حين عثرت عليك . .
- ملكت مفاتيح الدنيا ؟.
- هل عندك شك أني حين لمست يديك
- تغير تكوين الدنيا ؟
- هل عندك شك أن دخولك في قلبي
- هو أعظم يومٍ في التاريخ . .
- وأجمل خبرٍ في الدنيا ؟
وعدتُكِ أن لا أُحِبَّكِ
- وعدتُكِ أن لا أُحِبَّكِ..
- ثُمَّ أمامَ القرار الكبيرِ، جَبُنْتْ
- وعدتُكِ أن لا أعودَ…
- وعُدْتْ…
- وأن لا أموتَ اشتياقاً
- ومُتّْ
- وعدتُ مراراً
- وقررتُ أن أستقيلَ مراراً
- ولا أتذكَّرُ أني اسْتَقَلتْ…
- وعدتُ بأشياء أكبرَ منّي..
- فماذا غداً ستقولُ الجرائدُ عنّي؟
- أكيدٌ.. ستكتُبُ أنّي جُنِنْتْ..
- أكيدٌ.. ستكتُبُ أنّي انتحرتْ
- وعدتُكِ..
- أن لا أكونَ ضعيفاً… وكُنتْ..
- وأن لا أقولَ بعينيكِ شعراً..
- وقُلتْ…
- وعدتُ بأَنْ لا …
- وأَنْ لا..
- وأَنْ لا …
- وحين اكتشفتُ غبائي.. ضَحِكْتْ…
علمني حبك
- علمني حبك ..أن أحزن
- و أنا محتاج منذ عصور
- لامرأة تجعلني أحزن
- لامرأة أبكي بين ذراعيها
- مثل العصفور..
- لامرأة.. تجمع أجزائي
- كشظايا البللور المكسور
تلومني الدنيا
تلومني الدنيا إذا أحببتُه
كأني أنا خلقت الحب واخترعته
كأنني على خدود الورد قد رسمته
كأنّني أنا التي للطير في السماء قد علمته
وفي حقول القمح قد زرعته
وفي مياه البحر قد ذوّبته
كأنني أنا التي كالقمر الجميل في السماء قد علّقته
تلومني الدنيا إذا سمّيت من أحب أو ذكرتُه
كأنني أنا الهوى، وأمّه، وأخته
من حيث ما انتظرته مختلف عن كل ما عرفته
مختلفٌ عن كل ما قرأته .. وكل ما سمعته
لو كنت أدري أنه نوع من الإدمان .. ما أدمنتُه
لو كنت أدري أنه باب كثير الرّيح .. ما فتحته
لو كنت أدري أنه عودٌ من الكبريت ما أشعلته
هذا الهوى .. أعنف حبٍّ عشتُه
فليتني حين أتاني فاتحاً
يديه لي رددته
وليتني من قبل أن يقتلني .. قتلته
هذا الهوى الذي أراه في الليل
أراه في ثوبي، وفي عطري، وفي أساوري
أراه .. مرسوماً على وجه يدي
أراه .. منقوشاً على مشاعري
لو أخبروني أنه
طفلٌ كثير اللهو والضوضاء ما أدخلته
وأنه سيكسر الزّجاج في قلبي .. لما تركته
لو أخبروني أنه سيضرم النيران في دقائق
ويقلب الأشياء في دقائق
ويصبغ الجدران بالأحمر والأزرق في دقائق
لكنت قد طردته .. يا أيها الغالي الذي
أرضيت عني الله .. إذ أحببته
أروع حب عشته
فليتني حين أتاني زائراً
بالورد قد طوّقته
حب بلا حدود
يا سيِّدتي:
كنتِ أهم امرأةٍ في تاريخي
قبل رحيل العامْ
أنتِ الآنَ.. أهمُّ امرأةٍ
بعد ولادة هذا العامْ..
أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالساعاتِ وبالأيَّامْ.
أنتِ امرأةٌ..
صُنعَت من فاكهة الشِّعرِ..
ومن ذهب الأحلامْ..
أنتِ امرأةٌ.. كانت تسكن جسدي
قبل ملايين الأعوامْ..
يا سيِّدتي:
يالمغزولة من قطنٍ وغمامْ.
يا أمطاراً من ياقوتٍ..
يا أنهاراً من نهوندٍ..
يا غاباتِ رخام..
يا من تسبح كالأسماكِ بماءِ القلبِ..
وتسكنُ في العينينِ كسربِ حمامْ.
لن يتغيرَ شيءٌ في عاطفتي..
في إحساسي..
في وجداني.. في إيماني..
فأنا سوف أَظَلُّ على دين الإسلامْ..
يا سيِّدتي:
لا تَهتّمي في إيقاع الوقتِ وأسماء السنواتْ.
أنتِ امرأةٌ تبقى امرأةً.. في كلَِ الأوقاتْ..
سوف أحِبُّكِ..
عند دخول القرن الواحد والعشرينَ..
وعند دخول القرن الخامس والعشرينَ..
وعند دخول القرن التاسع والعشرينَ..
وسوفَ أحبُّكِ..
حين تجفُّ مياهُ البَحْرِ..
وتحترقُ الغاباتْ..
يا سيِّدتي:
أنتِ خلاصةُ كلِّ الشعرِ..
ووردةُ كلِّ الحرياتْ.
يكفي أن أتهجى اسمَكِ..
حتى أصبحَ مَلكَ الشعرِ..
وفرعون الكلماتْ..
يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلكِ..
حتى أدخُلَ في كتب التاريخِ..
وتُرفعَ من أجلي الراياتْ..
يا سيِّدتي:
لا تَضطربي مثلَ الطائرِ في زَمَن الأعيادْ.
لَن يتغيّرَ شيءٌ منّي.
لن يتوقّفَ نهرُ الحبِّ عن الجريانْ.
لن يتوقف نَبضُ القلبِ عن الخفقانْ.
لن يتوقف حَجَلُ الشعرِ عن الطيرانْ.
حين يكون الحبُ كبيراً..
والمحبوبة قمراً..
لن يتحوّل هذا الحُبُّ
لحزمَة قَشٍّ تأكلها النيرانْ..
يا سيِّدتي:
ليس هنالكَ شيءٌ يملأ عَيني
لا الأضواءُ..
ولا الزيناتُ..
ولا أجراس العيد..
ولا شَجَرُ الميلادْ.
لا يعني لي الشارعُ شيئاً.
لا تعني لي الحانةُ شيئاً.
لا يعنيني أي كلامٍ
يكتبُ فوق بطاقاتِ الأعيادْ.
يا سيِّدتي:
لا أتذكَّرُ إلا صوتُكِ
حين تدقُّ نواقيس الآحادْ.
لا أتذكرُ إلا عطرُكِ
حين أنام على ورق الأعشابْ.
لا أتذكر إلا وجهُكِ..
حين يهرهر فوق ثيابي الثلجُ..
وأسمعُ طَقْطَقَةَ الأحطابْ..
ما يُفرِحُني يا سيِّدتي
أن أتكوَّمَ كالعصفور الخائفِ
بين بساتينِ الأهدابْ..
ما يَبهرني يا سيِّدتي
أن تهديني قلماً من أقلام الحبرِ..
أعانقُهُ..
وأنام سعيداً كالأولادْ..
يا سيِّدتي:
كم أتمنى لو أحببتُكِ في عصر التَنْويرِ..
وفي عصر التصويرِ..
وفي عصرِ الرُوَّادْ
كم أتمنّى لو قابلتُكِ يوماً
في فلورنسَا
أو قرطبةِ
أو في الكوفَةِ
أو في حَلَبِ
أو في بيتٍ من حاراتِ الشامْ..
يا سيِّدتي:
كم أتمنى لو سافرنا
نحو بلادٍ يحكمها الغيتارْ
حيث الحبُّ بلا أسوارْ
والكلمات بلا أسوارْ
والأحلامُ بلا أسوارْ
يا سيِّدتي:
يا سيِّدة الشِعْرِ الأُولى
هاتي يَدَكِ اليُمْنَى كي أتخبَّأ فيها..
هاتي يَدَكِ اليُسْرَى..
كي أستوطنَ فيها..
قولي أيَّ عبارة حُبٍّ
حتى تبتدئَ الأعيادْ.
رسالة حب صغيرة
حبيبتي .. لديَّ شيءٌ كثيرْ
أقولُهُ .. لديَّ شيءٌ كثيرْ
من أينَ؟ يا غاليتي أَبتدي
وكلُّ ما فيكِ.. أميرٌ.. أميرْ
يا أنتِ يا جاعلةً أَحْرُفي
ممّا بها شَرَانِقاً للحريرْ
هذي أغانيَّ وهذا أنا
يَضُمُّنا هذا الكِتابُ الصغيرْ
غداً .. إذا قَلَّبْتِ أوراقَهُ
واشتاقَ مِصباحٌ وغنّى سرير
واخْضَوْضَرَتْ من شوقها أحرفٌ
وأوشكتْ فواصلٌ أن تطيرْ
فلا تقولي: يا لهذا الفتى
أخْبرَ عَنّي المنحنى والغديرْ
واللّوزَ .. والتوليبَ حتى أنا
تسيرُ بِيَ الدنيا إذا ما أسيرْ
وقالَ ما قالَ فلا نجمةٌ
إلاّ عليها مِنْ عَبيري عَبيرْ
لن تخلصي مني
لن تهربي مني فإني رجل مُقدّرٌ عليك
لن تخلصي مني .. فإن الله قد أرسلني إليك
فمرّة .. أطلع من أرنبتيّ أذنيك
ومرة أطلع من أساور الفيروز في يديك
وحين يأتي الصيف يا حبيبتي
أسبح كالأسماك في بحرتيّ عينيك.
كتاب الحب
يا رب قلبي لم يعد كافياً
لأن من أُحبّها .. تعادل الدنيا
فضع بصدري واحداً غيره
يكون في مساحة الدنيا
ما زلت تسألني عن عيد ميلادي
سجّل لديك إذاً .. ما أنت تجهله
تاريخ حبّك لي .. تاريخ ميلادي
لو خرج المارد من قُمقمه
وقال لي: لبّيك
دقيقة واحدة لديك
تختار فيها كل ما تريده
من قطع الياقوت والزمرد
لإخترت عينَيْكِ .. بلا تردد
ذات العينين السوداوين
ذات العينين الصاحيتين الممطرتين
لا أطلب أبداً من ربي
إلا شيئين
أن يحفظ هاتين العينين
ويزيد بأيامي يومين
كي أكتب شعراً
في هاتين اللؤلؤتين
لو كنت يا صديقتي
بمستوى جنوني
رميتِ ما عليك من جواهر
وبعت ما لديك من أساور
ونمتِ في عيوني
أشكوكِ للسماء
كيف استطعتِ .. كيف أن تختصري
جميع ما في الكون من نساء
لأنّ كلام القواميس مات
لأن كلام المكاتيب مات
لأن كلام الروايات مات
أريد اكتشاف طريقة عشق
أحبّك فيها .. بلا كلمات
أنا عنك ما أخبرتهم .. لكنهم
لمحوك تغتسلين في أحداقي
أنا عنك ما كلمتهم .. لكنّهم
قرأوك في حبري وفي أوراقي
للحب رائحة .. وليس بوسعها
أن لا تفوح .. مزارع الدرّاق
أكره أن أُحب مثل الناس
أكره أن أكتب مثل الناس
أودّ لو كان فمي كنيسة
وأحرفي أجراس
ذوّبت في غرامك الأقلام
ِمِن أزرق .. وأحمر .. وأخضر
حتى انتهى الكلام
علقت حبّي لك في أساور الحمام
ولم أكن أعرف يا حبيبتي
أن الهوى يطير كالحمام
عدّي على أصابع اليدين ما يأتي:
فأولاً: حبيبتي أنتِ
وثانياً: حبيبتي أنتِ
وثالثاً: حبيبتي أنتِ
ورابعاً وخامساً
وسادساً وسباعاً
وثامناً وتاسعاً
وعاشراً . . حبيبتي أنت
لو كنت تذكرين كل كلمة
لفظتها في فترة العامين
لو أفتح الرسائل الألف .. التي
كتبت في عامين كاملين
كنا بآفاق الهوى
طرنا حمامتين
وأصبح الخاتم في
إصبعكِ الأيسر . . خاتمين
محفورة أنت على وجه يدي
كأُسطّر كوفيّة
على جدار مسجد
محفورة في خشب الكرسي.. يا حبيبتي
وفي ذراع المقعد
وكلّما حاولتِ أن تبتعدي
دقيقة واحدة
أراك في جوف يدي
لا تحزني
إن هبط الروّاد في أرض القمر
فسوف تبقين بعيني دائماً
أحلى قمر.
حين أكون عاشقا
أشعر أني ملك الزمان
أمتلك الأرض وما عليها
وأدخل الشمس على حصاني
كتبت فوق الريح
إسم التي أحبها
كتبت فوق الماء
لم أدر أن الريح
لا تحسن الإصغاء
لم أدر أن الماء
لا يحفظ الأسماء
أروع ما في حبنا أنه
ليس له عقل ولا منطق
أجمل ما في حبنا أنه
يمشي على الماء ولا يغرق
وكلما سافرت في عينيك ياحبيبتي
أحس أني راكب سجادة سحريه
فغيمة وردية ترفعني
وبعدها .. تأتي البنفسجيه
أدور في عينيك يا حبيبتي
أدور مثل الكرة الأرضيه
كم تشبهين السمكه
سريعة في الحب .. مثل السمكه
قتلت ألف امرأة .. في داخلي
وصرت أنت الملكه
لأن حبي لك فوق مستوى الكلام
قررت أن أسكت .. . . والسلام
عندما تبكينَ
إني أحبك عندما تبكينا
وأحب وجهك غائماً وحزينا
الحزن يصهرنا معاً ويذيبنا
من حيث لا أدري ولا تدرينا
تلك الدّموع الهاميات أحبّها
وأحب خلف سقوطها تشرينا
بعض النساء وجوههن جميلة
وتصير أجمل .. عندما يبكينا